دَالياتٌ بِالمَواجعِ مُثْقَلاتْ
دَارَ الزَّمانُ وَلَمْ تَزَلْ أصداءُ هاتِيكَ الجَريمةْ
ما أوجعَ الأخبارَ تأتِينا عَنِ المُدُنِ اليَتيمةْ
قَدْ حَكَّموا فيها الصِّغارَ
فَأحكَموا حولَ المَعاصِمِ رِبْقَةَ القَيْدِ الذي جَلَبَ الصَّغَارْ
وَيُقالُ قِيدَتْ في السَّواقي.. في مَتَاهاتِ المَدَار
يُحيطُها النَّقْعُ المُثَارْ
مِن بَعدِ ما وَضَعُوا على العَينينِ أحْجِبَةَ الدُّوارْ
وكأنَّمَا "سِيـزِيفُ" أَلْقَى صَخْرَةَ التَّعذيبِ إرْثًا لِلعبيدِ
الخانِعينَ بِغَيْرِ رَفْضٍ وَازْوِرارْ
أمَّا المَشَاعِلُ في مَشاتِلِ صبرِها فقدِ اسْتُعِيرَتْ مِنْ فَنارٍ
أزَّهُ لَطْمُ العُبابِ، وَسَطوَةُ الإمْلالِ مِنْ رَشْحٍ لِأزمِنةِ انْتِظارْ.
وَيُقالُ إنَّ المَارِقينَ على "الصِّغارِ" بِلا تَوانٍ يُنْشَرُونْ
ويُذَوَّبونَ فلا يكونُ لطائرِ الصَّدْيِ المُوَكَّلِ بِالقَصاصِ مَرابِعٌ
يَهوِي إليها كَيْ يقولَ هُنا المَزَارْ
لَمْ يَرْغَبُوا عنْ وِزْرِهِ،
بَلْ خَضَّبُوا بِالعَنْدَمِ المَحزونِ رَأْسَ الشَّمْسِ فَانْطَفَأَ النَّهارْ.
رَشَفُوا أَنينَ السَّهرَورديِّ المُضرَّجِ بِالسَّغَبْ
قَلَبُوا لَهُ ظَهْرَ المِجَنِّ لأنَّهُمْ كَرِهُوا النُّخَبْ
-هل يا تُرَى ما زالَ تَذْكُرُهُ حَلَبْ؟-
أَوَ كُلَّمَا كانَ الفَتَى حُرًّا تُسَعَّرُ حَولَهُ نارُ الغَضَبْ؟
وَالحِقْدُ يُجْمَعُ والمَكَائِدُ تُحْتَطَبْ؟
يا لَلتَّفَاني والعَجَبْ!
لَمْ يأتِهِمْ نَبَأُ الرُّؤى جَاسَتْ خِلالَ دِيارِها الأشباحُ
إذْ كانتْ على آثارِها يَغدو ظلامُ الليلِ رَائِعَةَ الصّباحِ
فَجُنَّ "ماكْبِثْ" وَانْتَهَى المُلْكُ الذَّلِيلْ
أَفَلا يعودُ إلى اليَتامَى بائعُ الأُمَراءِ والأهْواءِ في الزَّمَنِ الجَميلْ؟
أوَ كانَ هذا "العِزُّ" مَقْصورًا على ذاكَ المَزادِ المُسْتَحيلْ؟
لِيُغادِرَ الأيتامَ مُنْتَحِبينَ لا فَتوَى تُنيرُ ولا دَليلْ؛
مَنْ حرَّرَ "المَمْلوكَ" مِن زَيفٍ
ومِنْ حَيْفٍ ومِنْ عَزفٍ
على وَتَرِ الهزيمةِ والعَويلْ
وإذا بِنا غِيضَتْ جَداوِلُ نُورِنا فاضَتْ تَباريحُ العَمَى
إذْ عزَّ أنْ يُؤتَى إلينا بِالمَزيدِ، المُرْتَجَى مِنْ ذلكَ النَّبْعِ الفَريدْ
وَتَكلَّمَ التاريخُ عن عُمْرِ الصَّغيرِ فقالَ عَمَّرَ ألْفَ عامٍ أو يزيدْ!
لكنَّ قلبًا- باتَ يسألُ- أرَّقَتْهُ فَضيلةُ التَّفكِيرِ في المَاضي البعيدْ:
ما بالُ مَنْ عَدَّ الدَّوامِسَ مُفرِطاتِ الطولِ والقَهْرِ الشّديدْ؟
هلْ عَدَّها بِعَقارِبِ الوَقْتِ التي صُلِبَتْ على أعناقِها الأيَّامُ فاخْتَنَقَ النَّشيدْ؟
أَوَ للزَّمانِ دقائقٌ صِنْوُ التي عانَى تباطؤَها الشَّهيدْ؟
أَوَ للرَّوامِسِ رَملُها إمَّا اسْتباحتْ مَجْدَ أُمَّتِنا التَّليدْ؟
أَوَ لِلهَوانِ مَداخِلٌ تَسَعُ الرِّيادةَ والمُريدْ؟
فَغَدَا كِتابُ الحادِثاتِ يُجِيبُهُ وبِلا فُتورْ:
وَلَّى زمانُ المُعجِزاتِ فَكَيْفَ تَنْقَلِبُ الأُمورْ؟
غابَتْ عصا مُوسَى فَكيفَ تُشَقُّ تَبْتَلِعُ الفَراعينَ البُحورْ؟
عرِّجْ سَتَأتيكَ الإجابةُ عن فُيوضِ غُموضِ أسئلةٍ تَدُورْ
لَمْ نَنْتَبِهْ أَنَّا ذَهَبْنَا في سِباقٍ للسُّقوطِ المُرِّ وَالحَكَمُ الغَرورْ
والوَيْلُ شَمَّرَ ثُمَّ دَوَّرَ حَولَنا لَبلابَةً حَمراءَ
تَمْتَصُّ الدِّماءَ
تَسَلَّقَتْ عَبْرَ العُصورْ
دَعَمَتْ تَشَبُّثَها كَلاليبُ التَّحَدِّي، صَقْصَلِيَّاتُ الجُذُورْ
وإذا بِدمعٍ بَلَّلَ الأوراقَ، وَالمِلْحُ الجُسُورْ
وَبِصَوْتِ حادٍ بُحَّ مِنْ أَلَمٍ نَمَا بينَ السُّطورْ:
كُونوا قَناديلًا على أبوابِ هاتيكَ الثُّغووووووورْ
وَتَرَقَّبُوا زَحفَ الأفاعي، فَتْحَ "بَانْدورا" صَنَادِيقَ الشُّرورْ
فالوَيْلُ تِرْبُ "أبي رِعالٍ" آنَ قادَ السِّرْبَ نَحو الكَعبةِ الغَرَّاءِ
فَانْهَمَرَتْ على الأفيالِ أحجارُ الثُّبُورْ
والوَيْلُ سِيُّ "العَلْقَمِيِّ" وقد تَأَلَّقَ في المَرايا هَادِيًا للخيلِ
تَعدو تَحتَ جُنْحِ الليلِ
تَدهَسُ ما تَبَقَّى مِنْ حُشاشاتِ المَدائنِ والرِّكابُ مُعَلَّقٌ فيهِ الحُتوفْ
والوَيْلُ سُلطانٌ كما "الحَجَّاجُ" يقطِفُ يانِعاتٍ مِن رؤوسٍ
أورَقتْ أشجارُها اللاءاتِ خَضراءَ الحَواشي والحُروفْ
يَمْضي على الدَّربِ المُدَجَّجِ بِالمظالِمِ والسُّيوفْ
حتى تُطارِدَهُ بُحيراتٌ بِلَونِ الأُرجُوانِ وَحَوْلَها:
"ابْنُ جُبَيْرِ" قَادَ العَوْسَجُ المَذْبُوحَ رِفْقَتَهُ صُفوفْ.
وَأَنَا أُفَتِّشُ في سِلالِ الذِّكرياتِ ومِلْءُ قَلبي:
دالياتٌ بِالمَواجعِ مُثْقَلاتٌ
بين أهدابِ المَدامِعِ والمَحابِرِ والوَجيبْ
لِأقولَ إنَّ الوَيْلَ يا هذا الذي كانَ المَهيبْ
أنْ تَرتَدِي سَنواتِ عُمرِكَ ثُمَّ تُدرِكَ ذلكَ البيعَ الرَّهيب
لِأُمَّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةٍ
دانتْ لها رُوما .. سَحاباتٌ تَطوفْ
ما شَكَّ في رَفْدِ الخزائنِ - مِنْ حَياها- مَنْ رآها
فَالسَّوانِحُ أَخبرَتْ فَأْلَ "الرَّشيدِ" بأنَّها عادَتْ قُطوفْ.
قد كان للعُلَماءِ في جَنَّاتِها ذَهَبُ القلائِدْ
وَالوَرْدُ فَتَّحَ في حَدائِقِها مَنَاقِبْ
إذْ قَنَّنَتْ للفَتْحِ أذْهَلَتِ التَّقاضِي والمَمَالِكْ*
لكنَّما أُمَراؤُنا الأَشْبالُ أبناءُ الأشاوِسْ
خانُوا العَرينَ تَهَوَّروا وَبِلا مُنَافِسْ
نَادَوا عليْها في المَزادْ
فَتَناوَحَتْ أطلالُها بينَ البِلادْ
مارس 2019
طائرِ الصَّدْيِ: طائرٌ أُسطوريٌّ يُطالِبُ بالقَصاص..العَنْدَمُ: دَمُ الأخَوَيْنِ..السَّهرَورديّ: عالِمٌ قُتِلَ تَجْوِيعًا..قَلَبُوا لهُ ظهرَ المِجَنّ:عادَوهُ بعد مَوَدَّة..الدَّوامسُ: سُودُ الليالي..الرَّوامِسُ:الرياحُ تطمِسُ الآثار..تِرْبُهُ: مَنْ ولِدَ معهُ.. صَقْصَلِيَّات: طُفَيْلِيات/ نِسْبَةً إلى الصَّقْصَلي أو نبات عُرْفِ الدِّيك وهو نباتٌ طُفَيليّ..أبو رِعال: مُرشِدُ أبْرَهَة ..سِيُّ العلقميّ: شبيهُهُ ..الحُشاشاتُ: بقايا الأرواح..الرَّفْدُ: الإمداد..مِنْ حَياها:من مَطرِها ..السَّوانِحُ: الظِّباءُ تَمُرُّ من يَمين الرَّائي إلى يسارِهِ وتتفاءلُ بها العرب*إشارة إلى فتحِ سَمرقند
وسوم: العدد 821