وبمناسبة المولد النبوي الكريم كتبت هذه القصيدة بالمناسبة عام 1986 وألقيتها على الشباب في عنبر 34 تدمر:
وفي 1986 حيث الجوع الشديد والحر الأشد والعذاب المتواصل وليس ما يلوح في الأفق من البشائر ال تبل قلوبنا بقرب الفرج والجوع يعرك الأمعاء عركاً، ورائحة دورة المياه عندما ينقطع الماء تعج في العنبر وحوادث تفجير القطارات عادت علينا بأوشم العواقب، فوجهت هذه الإستغاثة بالله.
ذكرى ولادة خير الخلق تغشانا=والكون يهتز مختالاً ومزدانا
يا سيد الخلق والذكرى تشوقنا=هضاب نجدٍ ورضوى ثم ثهلانا
ليث النسيم إذا ما هب يحملني=إلى رحابك مثل الطير جذلانا
أرف بالروح معمود الفؤاد وقد=يممت دار أبي الزهراء ولهانا
أطير من حرمٍ زاه إلى حرمٍ=وألثم الأرض من حبٍ وأركانا
ما زلت أشدوا بتهليل وتلبيةً=حتى وقفت أمام القبر ثملانا
أصبحت ضيفك فاقبلني بحضرتكم=وأنت أكرم خلق الله إنسانا
أرجوك أن تسأل الرحمن يقبلني=وكن حبيبي شفيع التوبة الآن
مالي سواك فلا أم تعللني=ولا أب يجمع الشمل ويرعانا
ودعت أمي صغير السن مغترباً=ووالدي بعدها واليتم وافانا
فارحم إلهي وعوضني حنانهما=واجعل من الدين والقرآن سلوانا
وسدد الخطو لا زلت بنا قدم=عن الصراط وهبنا منك غفرانا
ولا رمتنا من الأقدار صائبةٌ=إلا صبرنا ونلنا منك إحسانا
بحرمة البعد عن أهلي ولا خبر=وما دعوتك رغباناً ورهبانا
ومحنة تدهش الدنيا رواثيها=ذقنا بها الموت قبل الموت ألوانا
أرجوك عودي عظيم الشأن منتظراً=ونافعاً أبداً أهلاً وأوطانا
واجعله ربي كبرقٍ شاقه بصرٌ=فكل ظني أن الوقت قد حانا
أشكو إلى الله في الذكرى مصائبنا=وما تربع فوق القلب أورانا
وقد دعوت بجعل السجن مغفرةً=وقربةً كفرت عنا خطايانا
ويلاه من لفظة زل اللسان بها=أو مكرها بدرت مني وغضبانا
يا سيد الخلق هل ترضيك حالتنا=وسيد الرسل كم تعنيك شكوانا
إليك ما حل في الإسلام في بلدي=من الخطوب وهول الخطب أعيانا
خمس تمر وطاغوت الشام بها=يروي من الدم في الصحراء قيعانا
ويستبيح من الأعراض حرمتها=حتى رثي الشعر فرعوناً وهامانا
وكم مساجد قد خرت على عمدٍ=وفرقوا في بيوت الله قرآنا
والناس أسرى وإن لم يدخلوا قفصاً=عدا المنافق أو من كان خوانا
ونحن في السجن أسرى دون دعوتنا=الله يكلؤنا براً وإحسانا
وأي سجنٍ فقد حالوه مقبرةً=ومسلخاً قد أعدوه وأكفانا
سور من الرعب والإرهاب يقلقنا=والجوع يلهب في الأحشاء نيرانا
والسل يهجم مثل الذئب ينهشنا=من ضعف أجسامنا والبرد أضنانا
والتيفوئيد يجوب السجن منتفشاً=ولا علاج نرجيه المرضانا
حتى القلاع غدا من سوء تغذيةٍ=داءً عضالاً ومن برحٍ تحدانا
لمن يهمه أمر المسلمين وقد=عانى من الحزن والآلام ما عانى
يعيش محنتنا هذي وشاركنا=قلباً وعقلا وردحا ثم وجدانا
إليك أخبارنا وامسك بعقلك من=أن يطير فتمسي مثل نشوانا
فلو علمت من المأساة جانبها=وما نلاقي من الأهوال أحيانا
لبات قلبك مقروحاً ومن ألمٍ=رق الحديد وما رق البلوانا
بكل شهرٍ مراجيح ومحكمةٌ=وكم تبشرين(1) قد ودعت إخوانا
اليوم يبدأ بالصيحات مطلعه=والسوط يصبح تواقاً وظمأنا
جاء الفطور وقد دقت كميته=عداً وكيلا وتقديراً وميزانا
أما الغداء ...... عن عثالبه=سوءاً ونقصاً وتأخيراً وحرمانا
ثم العشاء بكاطات معجنةً=أو دلو شوربةٍ بالرمل مزدانا
ومعهما ركلةٌ للعين عاطبةٌ=لولا العناية من ربي تغشانا
أو أنه حمص حباته حبت=مساءً يوم وبات الكل جوعانا
وأقبل الليل والساحت عوازلنا=لظاً ونشراً زرافاتٍ ووجدانا
ننام صفاً وأكواماً مكدسةً=سيف وزحزح فإن الحد قد بانا
صه كلامك فالشراق في خطرٍ=ويمنع الهمس إسراراً وإعلانا
والويل كل لمن يرنوا لو خطأٌ=أو أن يشيم على الشراق شطآنا
فيحفظ الحرس الراني يطلبه=عند الصباح ويهمى السوط هتاناً
وإن يعين سهيل واحداً فترى=يبقى المعين طول الليل يقظانا
أخوك زغراد(2) هل تنسى عقوبته=تلك التي قشعرت قلباً ووجدانا
وكم سمعت صراخاً من أبي عوضٍ(3)=ومن خطيبٍ(4) فكم جلدوه عريان
يا هادم الدين والأخلاق من صنفٍ=أذكر حماة ولا تنسى حزيرانا
سمسرت سراً على الجولان تسلمه=وما اكتفيت فثنيت بلبنانا
يا مجرم القرن هذا يا بن قينةٍ=وكم دعت للطلى صحباً وخلانا
ونجمة(1) الصبح كم غنت وكم رقصت=وعاشرت في ليالي العمر أخدانا
تعاقر الراح والأقران تصرعها=في بيت والدل المسود جدرانا
وتلك عمتك فافخر في دعارتها=وارفع برأسك تياهاً وهيمانا
إن الكلاب وإن كانت لها غيرٌ=على الإناث وأنتم دونها شانا