رويدَك ... ما حـلا إلا حـلاهـا= ولـم يعذبْ ـ بدنيانا ـ ســـواها
وقد خطرتْ بمكَّـةَ ذاتَ يومٍ= فهام بها ـ مشـــوقًا ـ مَنْ رآهـا
ففي بستانِها الغالي رتعْنا= ونلنا ما رغبنا من جناهـا
ثمـارٌ يانعاتٌ ليس تفنى= وخيراتٌ لهــا ملأتْ مداهـا
وأُنسٌ ما تناستْهُ الليالي= وفضلٌ ليسَ يُحصَى من نَداهـا
بهـا ولهـا هفتْ بشرى تجلَّتْ= وأنوارُ المســـرَّةِ لا تُضَاهَى
وأعطتْ مجدَنا زهـوًا ، فنادى= منادي أهلِها : ســـلمتْ يداهـا
وأبدلَ زهرَهـا الأسنى بشوكٍ= بنوهـا ـ ويحهم ـ وَقَلَوْا سـناها
وجاؤوا بالمذاهبِ بائراتٍ= من الكفَّـارِ واستهووا هواها
فنالتْهم شــدائدُ عاصفاتٌ= وأحرقَ أُنسَ أُمَّتِهم لظاها
وهاموا ـ لارعى اللهُ ارتكاسًا = وبالشهواتِ جمعُهُمُ تماهى !!
وباعوا المجدَ في سوقٍ رخيصٍ= وعافوا ما بـه الغالي تباهى
وقد خلت الثُّغورُ فجاسَ منها= عـدوٌّ ماكرٌ يبغي أذاهـا
وحـلَّ الذُّلُّ يغشاهم جزاءً= وفاقًـا ما تخطَّـاهم جِباهـا
ومَنْ رضيَ الهوانَ وعاشَ ذيلا= رأى حـالاً هنالك ما اشتهاهـا
ولا يُدني من العلياءِ زيفٌ= وإنْ هـو بالزخارفِ قد تناهى
فإنَّ الزيفَ قانونُ التَّراخي= و رؤيا لـم تجـدْ إلا شـــقاهـا
فبئستْ حالُ من ركبَ الأماني= وأصغى ـ كالصِّغــارِ ـ إلى نِداهـا
وعافَ شـــريعةَ الرحمنِ جهلا= و ضيَّعَ ما حباهُ بـه غِنــاهـا
وأبدلَ فخرَها الأعلى بعـارٍ= وأدبرَ مفلســـًا لمَّــا قلاهـا
وهذي حالُ أُمتِنا فـآهٍ= على ما فاتها ، وعلى بكاهـا
وهانتْ بعدَ وهْنٍ واســتكانتْ= وفوقَ خوائها ألقتْ عصـاهـا
وأضحى شــانئوهـا في عُلُوٍّ= وكِبرٍ يضربون على قفاهـا
وما وجدتْ لرفعتِهـا ســـبيلا= لأنَّ فســادَها أوهى خُطاهـا
وهلْ أقسى وأشنعُ من ضـلالٍ !!= أتاهـا بالمـكاره واحتواهـا
وهاهيَ في دجى كربٍ ثقيلٍ= تخبَّطُ بالرزايا في عماهـا
ربيعُ الأوَّلِ الغالي فبشـــرى= لأُمتِنــا بمصحفها أتاهـا
وأوفى مجدَها عــزًّا و جـاهًـا= وأكـرمَ بالمآثرِ مَن أتاهـا
وللدنيا بشاراتٌ توالتْ= بوجهِ محمَّـــدٍ r و زهـا هُـداهـا
وهلَّتْ في مغانينا بيُمْـنٍ= وقد أغنى حنايانا شـــذاهـا
وجدَّدَ بالعزيمةِ إذْ تراختْ= وطهرهـا الهدى ممَّـا عراهـا
و بوَّأهـا المكانةَ ، ما تخلَّتْ= مكانتُهـا العزيزةُ عن عُـلاهـا
ونادى : مَنْ يريدُ جِنانَ عدْنٍ= أحبَّ ـ بكلِّ همَّتِه ـ الإله
وعافَ اليومَ أسبابَ الدَّنايا= وطلَّلقها ثـلاثًـا ، ما ارتضاهـا
* * *=* * *
أراهـا : أُمَّـةَ الإســـلامِ عادتْ= إلى الإســلامِ في لهفٍ أراهـا
يقودُ جموعَها قـرآنُ ربِّي= و أوردَها إلى الأسمى نُهاهـا
وخلَّتْ خلفَها نتنَ المخازي= و ردَّتْ كأسَ مأفونٍ دعاهـا
وشمَّرتِ السواعدَ عن إبـاءٍ= ودارتْ نحوَ رفعتِهــا رحاهـا
لقد هبَّتْ رياحٌ عاصفاتٌ= ولكنْ باسمِ ربِّـكَ مَنْ بداهـا
وهزَّتْ ركنَ طاغوتٍ تمادى= فمن طاعونِ سطوتِه سقاها
وأشبعها هوانا وامتهانا= وبالجمرِ المؤجَّجِ قـد كواهـا
وألبسها المخاوفَ شائكاتٍ= فشابَ لهولهـا القاسي صِباهـا
لقد كان الزَّعيمُ جناحَ أمنٍ= يضـمُّ بعطفِه الحاني مناهـا
ويكلؤُهـا بحبٍ وامتنانٍ= ويدفعُ بالمنى عنها أســـاهـا
ويأسَى إنْ رآهـا في شجونٍ= و يبكي دونَ خطبٍ إنْ عراهـا
فما ليَ لاأرى إلا اعتسافًـا= وظلمًـا جامحًـا يطوي رباهـا !!
وما ليَ لا أرى في النَّاسِ وجهًـا= تبسَّـــمَ للحياةِ أو اشتهاها
فطعمُ العيشِ مُـرٌّ ، غـصَّ قومي= بحنظلِـه ، وصـاحَ القومُ : آهــا
وكم غصَّتْ ببلوانا حُلوقٌ = وكم دفنَ الأسى فينا الشِّـفاهـا ! !
وكم فاضتْ عيونٌ في مصابٍ= وكم عميتْ عيونٌ في كراهـا !!
* * *=* * *
إلهي ليس غيرُكَ قد يُرَجَّى= لينقذَ أُمَّتي مـمَّـا دهاهـا
لقد آثرْتَهـا ياربِّ لمَّـا= بعثْتَ محمَّــدًاr فَعَلآ عُـلاهـا
ومنها فاضَ هديُـكَ في البرايا= وقد شهدَ الأنامُ على ســـخاها
وأنتَ نصرْتَهـا حِقبًـا توالتْ= وأنتَ مَنِ ابتلاهـا واجتباهـا
ألا فامنُنْ إلهي وانتشلْهـا= من النَّكباتِ أوهتْ من قواهـا
وفرِّجْ كربَهـا ، واهزمْ غزاةً= طغاةً مارضوا أبـدا رجاهـا
أجبْ واجعلْ محبةَ دينِ طه= مدى الأيامِ ياربِّي هـواهـا
وأكرمْ وجهَهَا الأسنى بفتحٍ = وَسَفِّهْ بالمخازي مَن رماها
ولا تجعلْ لطاغوتٍ عليها = يــدًا للبغيِ قد ذاقتْ أذاهـا
وَفَرِّجْ كربــةً ـ ربِّي ـ ألَمَّتْ = بها حِقَبًـا قد استشرى عَناها
تداعَتْ دونَ شِرعتِها وحوشٌ = وحقِّك ضارياتٌ في رباها
حضارتُهم بناها حقدُهم مــا = تمتعَ بالحضارةِ مَن بناها
فأولُ أمرِها كيدٌ علينا = وآخرُ أمرِهــا قتلٌ عرانا
فياربَّاهُ لطفك لا تدعنــا = نُمَجِّدُ زورَهــا ، نهوى هواهــا
ونركضُ خلفَها في كلِّ وادٍ = بـه إبليسُ مزهُوًّا تباهى
تداركْ أمَّتي فالحالُ يزري = وَهَيِئْ دونَ نصرتِها فتاهــا