وجاءت خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان رجلا قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة يا ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أومخرجي هم ) قال : نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ...
أتتْنِي بالحقائقِ مُسْعِفاتِ = وللقلبِ المكابدِ مُؤْنِساتِ
أرادتْني أخـــا صبرٍ وحِلمٍ = على سودِ الليالي الموجعاتِ
ولم تكن النوازلُ في متاعٍ = ولا في فيْءِ بستانٍ مُوَاتِ
وما في العيشِ لايُفْدَى بنفسٍ = سوى الإسلامِ عنوانِ الحياةِ
وهل في العيشِ من شيءٍ نفيسٍ = ليعدلَ ماتوارثَ للهُداةِ
وتأبى عزَّةُ الإيمانِ إلا = بطمسِ الشَّرِّ في كلِّ اللغاتِ
لتدفعَ جولةَ الإلحادِ عنها = وترمي كلَّ أربابِ التِّراتِ
لقد عبدوا سوى الرحمنِ نَسْرًا = وذلُّوا مخبتين إلى مَنَاةِ
وهل يُغضي الهداةُ على قبيحٍ = توشَّى بالبهارجِ والهَناتِ
وعادَ ليهزمَ الإسلامَ قهرًا = بحقدٍ في البريةِ وانفلاتِ
رسولُ اللهِ أثبتُهم جنانا = وقد وافاهُــمُ بالمعجزاتِ
عَنَـا ، لمَّـا تفاجأَ أنْ لديهم = من الشَّرِّ المُبَيَّتِ والأذاةِ
أَهُمْ ؟ أَوَ مُخْرِجِيَّ ! ونورُ ربِّي = أتاهم منقذَا بالبيِّناتِ !
أجلْ ياسيِّدي . فالكفرُ يأبى = مثانيَ بالمآثرِ مشرقاتِ
وهل إبليسُ يرضَى غيرَ فِسقٍ = وغيرَ الموجعاتِ المؤذياتِ !
جزاكَ اللهُ ياخيرَ البرايا = جزاءً لايُنالُ لأيِّ آتِ
هَجَرْتَ ولم تبالِ بأيِّ مجدٍ = على إغراءِ كفارٍ مُؤاتِ
وجئتَ برحمةٍ، وأتوا بمكرٍ = ونادوا جمعَهم للمنكراتِ
أَبَوا ياويلهم نهجًـا تَثَنَّى = بأشذاءِ المثاني الغالياتِ
وعافوا دعوةً للهِ تُرْجَى = لنيلِ الوارفاتِ العالياتِ
فما أشقى العباد إذا تولوا = عن الإسلامِ من قبلِ المماتِ !
هوانا في ليالٍ مقمراتٍ = تهزُّ اليومَ أفئدةَ الهُداةِ
بها الأمجادُ حاديها تَغَنَّى = بأبهى المكرماتِ المُؤْثَراتِ
ونورُ الوحيِ يغشاها فيجلو = مزايا في حديثِ الراوياتِ
يعودُ هلالُها في كلِّ عامٍ = فيملأ نورُه كلَّ الجهاتِ
وما هي بالأساطير الثكالى = وفلسفةِ البُغاةِ البالياتِ
ولا هي من حضاراتٍ توارتْ = وآلتْ للسِّلالِ المهملاتِ
فلم يقدرْ على طمسِ المثاني =أعادٍ من طغاةٍ أو غُزاةِ
لها الخطواتُ تمشي آمناتٍ = بحفظِ اللهِ من كيدِ الجُناةِ
فكم حارتْ لعزَّتِها عقولٌ = تردَّتْ بالسَّفاهةِ والشَّتاتِ
ولم تُدركْ معارجَها فلولٌ = وباءت بالتبابِ وبالفواتِ
على ثغرِ الخلودِ لها نشيدٌ = يُذَكِّرُ بالأفاضلِ والأُباةِ
وبالشهداءِ ربُّ العرشِ أثنى = عليهم رغمَ عربدةِ العُصَاةِ
قوافلُ ليس يجهلُها زمانٌ = به قد سادَ أبناءُ البُغاةِ
هُــمُ الفرسانُ في لججِ المنايا = أبوا ذلاً لأوباشٍ عِداةِ
وقالوها مُدَوِّيَةً وفاءً = لدين اللهِ في عصرِ الأذاةِ :
ألا تَبًّـا لِمَنْ لم يأتِ حُـرًّا = يعيدُ فخارَهـا بالمرهفاتِ
ومَن لم يرضَ بالإسلامِ حكمًا = لأُمَّتِناونهجِ الصَّالحاتِ
فذلك ظالمٌ يُرديه ربِّي = فَسَلْ عنهُ أصَيْحابَ الرواةِ
وَسَلْ إن شِئتَ فُرسًا ثمَّ رومًـا = بساحات الجهادِ الفاصلاتِ
فلم تكن العروبةُ ذاتَ يومٍ = بشيءٍ دونَ أفذاذٍ وُلاةِ
فَهُم والفخرُ يحضنُهم جميعًا = رجالٌ للصيامِ و للصلاةِ
وللتكبيرِ يحدوهم فطوبى = لِمَنْ لم يحفلوا بالتُّرَّهاتِ
كَسوا وجهَ الزمانِ هدىً مُعَلَّى = ومن سِيَرٍ بـه مُتَجَمِّلاتِ
فكانوها غطاريفَ المعالي = سخاءً بالنَّفيسِ من الحياةِ
وما لانوا لزيفٍ هـلَّ يُزجي = فسادَ النِّسوةِ المترَجِّلاتِ
ولا للمنصبِ الواهي جزافًـا = أضاعَ زمانَه بالأُخرَياتِ
وردَّ زعامةً باءتْ بمـا لا = يُرَجَّى خيرُهـا للمنجزاتِ
ولم تنفعْ أخا الأهواءِ ذكرى =يُنيلُ هبوبُها أهلَ السِّماتِ
تدورُ تَلَفُّتًـا تلقي صداهـا = لِمَنْ لـم يُلقِ بالا للأذاةِ
وهلَّتْ هجرةُ الهادي لتُذكي = جُذَى أهلِ المروءةِ والثَّباتِ
فقد ضحَّى الصحابةُ لم يُبالوا = بمالٍ أو بأهلٍ أو بذاتِ
وما وهنوا لظلمٍ من عُتاةٍ = ولا يئسوا لهولِ النَّائباتِ
فللإسلامِ عاشوها وخلُّوا = وراءَ إبائِهم أغلى الهباتِ
ويجمعهم على التقوى إخاءٌ = وغيرُهُمُ من الهملِ الجُفـاةِ
وللأخواتِ تاريخٌ جليلٌ = يُحَدِّثُ عن سُمُوِّ المؤمناتِ
فبارَكَهُنَّ ربِّي ، إنَّ ربِّي = أعـدَّ جِنانَـه للخيِّراتِ
فكانتْ هجرةً للفتحِ أولتْ = بنيها الخيرَ من بعدِ الأذاةِ
هي القدرُ الذي منه استنارتْ = قلوبُ ذوي الجباهِ النيِّراتِ
وكم من هجرةٍ من قبلُ كانتْ = على اسمِ اللهِ من بغيِ البُغاةِ
وكانت هجرةُ الهادي نــداءً = لِمَنْ تَبِعُوهُ ، إنَّ الفتحَ آتِ
فكانت مخرَجًـا من كلِّ ضيقٍ = فأثلجتِ الصدورَ الصَّابراتِ
وَهَيَّأَ ربُّنا للدينِ جندًا = بهم تُلفِي النفوسَ القانتاتِ
و ولَّى ما أتاهم من كروبٍ = بمكَّةَ من وجوهٍ كالحاتِ
وأشرقتِ المدينةُ و استنارتْ = مرابعُهـا بنورِ البيِّناتِ
فهلَّ العــزُّ بالإسلامِ يطوي = لياليَ حالكاتٍ مطبقاتِ
وآخى اللهُ مَن جاؤوا بدينٍ = ومَنْ قد أُكرِمُوا بالباقياتِ
فقامتْ دولةُ الإسلامِ فيهــا = تبشِّرُ بالمفازةِ و النَّجــاةِ
فلا القيدُ البغيضُ بها بباقٍ = ولا حبُّ التسلُّطِ و الأذاةِ
ولا الطاغوتُ يُمعِنُ في التَّجَنِّي = ولا زيفُ المكانةِ للعُصاةِ
وأضحى نهجُ مجتمعي بيانًـا = نَدِيَّ الظلِّ وضَّاحَ السِّماتِ
هي الشَّمسُ المضيئةُ في قلوبٍ = ويُؤثرُ دفؤُها في كلِّ ذاتِ
ولم ينكرْ نهارَ الفتحِ إلا = أُصَيْحَابُ العمايةِ والشَّتاتِ
تنادوا ، والضَّلالةُ مُبْتَغاهم = لطمسِ شريعةِ الخيرِ المواتي
ويبقى الخيرُ زادًا في نفوسٍ = على قِممِ الهدى مُتَجَمِلاتِ
لها الفضلُ الأثيرُ وأيُّ فضلٍ = سوى الإسلامِ في أغلى الصِّلاتِ
تعالى الظالمون وهم صغارٌ = على قيمِ المثاني المشرقاتِ
وليس عداؤُهـم إلا تبارًا = عليهم بالخسارةِ والشِّكاةِ
وَمَنْ لم يرضَ بالإسلامِ دينًا = فليس بنائلٍ أدنى هِباتِ
ففي أفيائه المٌثلَى هناءٌ = ولم ينفدْ بماضٍ أو بآتِ
ولكنَّ النفوسَ إذا تناءتْ = عن اليسرى فبئستْ من شِياتِ
هو الكفرُ المعربدُ من قديمٍ = على التوحيد نكَّلَ بالهُداةِ
ألم يؤذوا رسولَ اللهِ لمَّــا = أتاهم بالبشائرِ والنجاةِ
وقالوا : لن تنالَ النَّصرَ يومًـا = فكانوا قُبحَ أفعالِ الغزاةِ
فأركسَهم إلهُ الخلقِ ذُلاًّ = فهم ليسوا كأفذاذٍ عُفاةِ
ونازلهم بِبدرٍ ثــمَّ أُحْدٍ = شبابٌ بالقلوبِ الطاهراتِ
وبالنصرِ المبينِ ، فما حماهم = بها هُبَلٌ تسربلَ بالرُّفاتِ
ولن يقوى على الإسلام كفرٌ = وإن وافى بسيفٍ أو قناةِ
فلا تهنوا بعصرٍ ذي فجورٍ = وكيدٍ صيغَ في كلِّ اللغاتِ
علاكم أيُّها الأبناءُ باقٍ = جَناهُ على بساطِ المكرُماتِ
لكم ثوبُ الربيعِ ، وليس تبلى = ثيابٌ من نسيجِ الطَّاهراتِ
وأنتُم من بني قومٍ كرامٍ = ومن أحفادِ فرسانٍ أُباةِ
فأصحابُ النبي لكم مثالٌ = تحلَّوا بالمآثرِ والأناةِ
لكم رايات مجدٍ حيثُ رفَّتْ = نسائمُها على رحبِ الجهاتِ
هو التوحيدُ ، يَسْتَحْلِى هُداهُ = شبابٌ في قلوبٍ ملهَماتِ
وأغنى إرثَهم حِكَمًا ورأيًا = سديدًا في رواياتِ الثِّقاتِ
وجاءَ نبيُّكم بسنى المثاني = فضاءتْ أرضُكم بالصالحاتِ
وأسرجَ للورى حبَّ المعالي = وحبَّ بلوغِها بالمكرماتِ
وأنتم أيُّها النجباءُ منهم = فلا تهنوا أمامَ المغرياتِ
صفاتُكُمُ المودةُ والتَّآخي = فأنْعِمْ بالمزايا الخيِّراتِ
شبابٌ عانقوا قِممَ ارتقاءٍ = بأنفُسِ رِفعةٍ متحفِّزاتِ
وجاؤواالنورَ أفذاذًا توخَّوا = فوائدَ بالهدى متجدِّداتِ
وهاهم أدلجوا طلبًا لفتحٍ = بدا مشوارُه بالتَّقنياتِ
فجِدُّوا أيُّها الأبناءُ جِدُّوا = ولا تلهو بزيفِ التُّرَّهاتِ
ولا تغررْكم الدنيا وترضوا = ضياعا بالأمورِ التافهاتِ
فأنتم ثروةُ الإسلامِ تبقى = وتفنى كلُّ ثرواتِ الحياةِ
بكم ترقى لأمتكم نفوسٌ = ستغنى بالمثاني والهباتِ
فلا تستصغروا فيكم رجاءً = سيشرقُ في الليالي المقمراتِ
ولا تتوجَّسوا يومَا وخوضوا = غمارَ دروبِها بالمنجزاتِ
فهذا شأنُكم ، والدينُ حبلٌ = به فاستعصموا قبلَ الفواتِ
لنا ولكم مواعظُ فارهاتٌ = فأنعِمْ بالمزايا الفارهاتِ
فما زلنا على عهدٍ وثيقٍ = وليس وثيقُ عهدٍ لانبتاتِ
شريعتُنا لكلِّ الخلقِ جاءت = بها إعمارُ دنيا مشتهاةِ
ونعمَ شبابُها في كلِّ جيلٍ = إذا نادى المنادي في الحُماةِ
فَهُمْ روَّادُ خيرٍ في البرايا = برحمتِهم وليسوا من جُباةِ
وهذا العصرُ قــد ملَّ التشاكي = من الغُممِ الثِّقالِ المترعاتِ
وطغيانُ الأعادي قد تمادى = ويابئسَ الأعادي من دُهــاةِ
حضارتُهم مخاوفُ مصلتاتٌ = نراها بالمآسي الجارفاتِ
تلوِّحُ بالدمارِ ولا تبالي = ولم تَأْبَهْ لدمعِ الثَّاكلاتِ
أيا ربَّـاهُ أدرِكْنا فإنَّـا = تبعثرْنا كأوراقِ اللُّتاتِ
وهانتْ أُمَّةُ الإسلامِ حتى = رأيناها بقيدِ المعضلاتِ
فأبدل حالَها ياربِّ واجعلْ = صباحَ فلاحِها بالبيِّناتِ
بغير الدِّينِ لا تنجو وترقى = مدارجَ عالياتٍ شامخاتِ