خلف داجي الظلام نور صباح=يعد العرب بالأماني الصباح
وهي نصر يمتد طولاً وعرضاً=ويجوز الأمداء في كل ساح
صانعوه الفرسان زيد وعمرو=والمثنى وفتية الجراح
وسعاد وفاطم وخُناس=والعقيلات من ذوات الوشاح
قادهم للغلاب شهم صؤول=بردتاه من عزة وسماح
تهب النصر بردةٌ في جلال=وتقيه الأخرى أذى السفّاح
في انتصار يمتد معنى ومبنى=وأذان يمتد عبر النواحي
إنه النصر جاء وهو جليل=يتمادى في صولة واكتساح
وعليه مع الغلاب وفاء=لم تشُبْه أثارة من طَلاح
قسوة في عدالة، واقتحام=في حفاظ، وهيبة في سجاح
ونجاح عليه عفو وصفو=وصفاء عليه جند نجاح
وازدهاء لكنه في أناة=وأناة لكنها في مِراح
وانتصار الأحرار نبت نقاء=وانتصار الأشرار بنت سفاح
* * *=* * *
راعني الفارس الهمام المجلّي=وبدا لي فوق المتاح المباح
قلت: من أنت؟ قال: صانع نصر=جئتكم واليقين أمضى سلاحي
جئتكم والفتوح ملء إهابي=وهي سيفي وعدتي وجناحي
وإزائي من الكماة سرايا=أبصرت في الردى مراقي الفلاح
ورأته جسر الخلود ومهراً=لعصيٍّ من المنى ومتاح
حسنياها نصر وموت كريم=في احتساب المحبور والمرتاح
أقسمت لا تكل حتى تصلي=في رحاب الأقصى الوضاء الفساح
وهو حر من اليهود طليق=وعليه بشائر الأفراح
وعلى المنبر السعيد خطيب=دونه كل شاعر صداح
يشكر الله أن أعاد إلينا=قدسنا بعد شدة وجماح
وحشود المهنئين زحوف=إثر أخرى في غدوة ورواح
شاكر ضمَّ شاكراً، وبتول=عانقت أختها بود صُراح
وهنا ساجد وثمة باكٍ=دمعه في جفونه والراح
موجة إثر موجة إثر أخرى=والسرايا الرداح إثر الرداح
حين تغدو مصر وأكرم بمصرٍ=فهي أم الدنا وربع الكفاح
وهي للعلم والحضارة دار=ولها الفضل كالندى المنساح
ولها جيشها وجلّ فداءً=وانتصاراته على كل ساح
لمشير مسترسل في هواه=ورئيس ذي لوثة وصياح
وغثاء من المبادئ تعلو=من قماءات تائهين قباح
ويصير الإسلام فينا غريباً=يزدريه الأوغاد كل صباح
ويصير الدعاة أسرى طغاة=بين سجن عات وبين جراح
سوف نغدو وقدسنا وحمانا=وفلسطين في يد السفاح
* * *=* * *
لم تهن مصر فهي مجد أثيل=وهي عز أمداؤه في النواحي
إنما هان من سطا بعلاها=فهوت طائراً كليل الجناح
ثم عادت لمجدها عبقرياً=وتعالت على الونى والجراح
والبغاة الساطون صاروا حديثاً=بين كره الراوي وسخط اللاحي
إن مصر العلا ستبقى صروحاً=خالداتٍ على الأديم الضاحي
تملاً الأعين الرواني إليها=بهجة والظلام ضوء صباح
والعقول الملاء علماً وفكراً=ما ارتضته من محكمات صحاح
وسريُّ المديح مدحاً سرياً=كان من خمرة بلا أقداح
مصر أم الدنا قالوا وقالت=وأنا قائل وفـيّ صداحي
مالئاً إثر أصغريَّ صحابي=ويراعي في غدوتي ورواحي
عشت يا مصر للعروبة حصناً=ولإسلامنا منار فلاح
يجد الحائرون فيه هداهم=ويراه العفاة سيب سجاح
ويرى فيه من يخاف ملاذاً=والطموحون مرتعاً للطماح
والسعيدون جنة وظلالاً=والحزينون دارة الأفراح
سلمت مصر وليمت حاسدوها=بين حقد يغتالهم ونواح
إن أكفانهم سخائم كانت=من قلوب لهم شحاح قباح
يلعن الله من يسيء لمصر=لعن موسى للسامري الوقاح
* * *=* * *
ولقد تصبح الكنور لمثر=باخل لعنة المسا والصباح
هي فيه قيوده حيث يمضي=وهي حلم الغافي وعشق الصاحي
وهو عبد لها وتَعْساً لعبد=لاثه المال في ولاء قُحاح
فإذا مات عاث فيه فساداً=وارثوه في نزوة واجتراح
فغدوا في شماتة لحسود=وازدراء اللئيم والـمزّاح
وإذا ما بكت عليهم عيون=فهي زيف كأدمع التمساح
حين تغدو الأموال غاية ساع=فهي مخبوءة بلا مفتاح
سوف تغدو له نيوب صلال=وعِداً من قلوب قوم قِباح
حيث يمضي تكون عاراً عليه=وعليه منها ظلام كُلاح
"ذل من يغبط" البخيل بمال=هو في أسره كسير الجناح
يزدريه أهلوه قبل عداه=ومرور الإمساء والإصباح
وسماح عليه بُرْد جلال=وجلال عليه بُرْد سماح
هكذا هكذا العظام فأحكم=في صلاح ما شئت من أمداح
سوف تكبو وإن أجدت وتكبو=أغنيات الزجال والوشاح
ويرى في الجراح قربى وزلفى=واقتحام الوغى من الأرباح
وقباح من شائنات لئام=يتدافعن إثر أخرى قباح
* * *=* * *
ما على الخادع العدو ملام=فهو في لؤمه العريق القحاح
بل يلام المخدوع يحسب خيراً=في أتون من جمره اللفاح
ذل من يستقي الهوان رضياً=ويعيش الحياة حِلْس كساح
وله مهجة من المزن أصفى=ومن الماء في الغدير القراح
قال فيه الراوون قولة حق=ورواه الإمساء للإصباح
* * *=* * *
إن شعري الذي أتاك حفياً=تاه في مجدك العظيم المناحي
كل شعر مهما علا دون مجد=أنت أثلته بأمضى سلاح
سوف يروي التاريخ عنه فصولاً=باهرات عزّت على الشراح
سوف يعيون عنده وهو يبقى=يزدهيهم بعبقه الفواح
إن لقياك يا صلاح غدت لي=غر ما أرتجي وعز طِماحي
ولقائيك في حياتيَ وهمٌ=فليكن في تزاور الأرواح
قسماً إن يكن فحظي رحيب=وحبوري ملء الدنا ورباحي
سوف أشدو وأسمع الكون شدوي=أنني كنت زائراً لصلاح
أنا أحكمته فجاء سرياً=في سري ودرة الأمداح
واستوى ماسة تشع جمالاً=واستوى طائراً مديد الجناح
تنقل الشمسُ حسنه للروابي=والأماسي بهاءه للبطاح
فيقول الراوون خير قصيد=قيل في خير فارس جحجاح
لك شكري جزلاً وحر ثنائي=واعترافي فمنك جاء صداحي
إنه "يوسف" وحسبك منه=ما حباه التاريخ من أمداح
أخلص النية التي رفعته=فهي قطر الندى وطيب النفاح
واسمه مثل فعله والليالي=شاهدات بأنه من "صلاح"
لم يزل منذ كان للنبل رمزاً=يتهادى فوق الربا والبطاح
وسيبقى ما ظلت الشمس تغدو=وتغني الطيور في الأدواح
* * *=* * *
أيها الماجد الجليل المزايا=لا تلمني إن غردت أفراحي
إن مجداً صنعته صار عشقي=ثم قيدي في غدوتي ورواحي
أنا في أسره وإني سعيد=وغبوقي من رِيِّه واصطباحي