لمكَّة بدرُنا أزجى شعاعَه
وفاءً للحبيب، وتعبيراً لي عن حبه، و بعثاً لسنته في النفوس، و إرغاماً لمن خالفه وحاد عن نهجه، واعتزازاً بالدين الحنيف و رموزه، فإنني اعتدتُ في كلِّ عام أن أقدِّم بمناسبة المولد النبويِّ ما يوفقني الله إليه من بحر القريض الطامي فإليكموه :
لمكَّة بدرُنا أزجى شعاعَه
فسافر ناظري يبغي اتِّباعه
رأيت الشمسَ تتبعه حثيثاً
و شقَّ طريقَه ركبُ الجماعة
ونحوهما الكواكبُ قد تداعت
و أبدى الكلُّ سمعاً ثم طاعة
إلى أين المسيرُ نجومَ ليلي
وأين يُوجِّه السّاري شراعَه
لقد رقد الظلام على الفيافي
فجئنا نبتغي اليوم اقتلاعَه
وفي بيتٍ هناك على كثيبٍ
سيعلنُ موكبُ النّور اجتماعه
ومنه النّور سوف يعمُّ أرضاً
و يدركُ من على الأرض انتفاعه
ولمّا بيتُ آمنةَ استقرّت
به الأنوارُ حانت ثمَّ ساعة
بها المولودُ مثل البدر وافى
وكلُّ الكون مولدَه أذاعه
وفاح العطر في الأرجاء لمّا
جميعُ الكون من بُشراه ضاعه
فكان مبرّءاً من كل عيب
وضيءَ الوجه مكتملَ البزاعة
علا في قومه حتى مُحالٌ
لمن في الأرض أن يصل ارتفاعه
و ضاقت بالطواغيت الفيافي
وأبدى (اللاتُ) في الحال ارتياعَه
و(عُزّى) خرَّ مغشياً عليه
وأبدى وجه ( نائلةَ) امتقاعه
لقد ولّى زمان العزِّ فينا
وليس لسوقنا فيه بضاعة
وقد لبس الزمانُ ثيابَ عزٍّ
وجاء بحلّةٍ فيها النجاعة
لغار حراءَ جاء الوحي يسعى
و فحواه ( ابن نوفلَ) قد أشاعه
وراح( محمَّدٌ) يدعو البرايا
إلى الرَّحمن ممتشقاً يراعه
أنِ اقرأ باسم ربِّك لا تهادن
طواغيتاً وللنيرانِ باعة
ومنهم فانزع السلطان نزعاً
عليهم كان ما أقسى انتزاعه
وحرِّر من قيودِ الظلمِ ناساً
بشأن الرّوح قد عانوا مجاعة
و حول البيت فانشر خير هديٍ
فصوتُ الحقِّ ما أحلى سماعه
طريقُ السّلمِ والإسلام وعرٌ
و لكن فيه كم تجدي الزراعة
وسالكه على الشطآن يرسو
ولا نخشى على الساعي ضياعه
و أحمد قد سعى فيه بعزمٍ
وعنهُ مخلصاً أبدى دفاعه
لأجل الدين باع حظوظ نفس
ولم يحمل من الدنيا لعاعة
إلى أن شاد باسم الدين صرحاً
و أرسى في مفاوزها قلاعه
لينشرَ رحمةَ الخلّاق فينا
ويصنع مجدَ أمّتنا صناعة
فهل سيظلُّ فينا الدين حيّاً
ونحملُ ديننا الغالي قناعة
و نحيي سنة المختار درباً
وفيها كلُّنا يُعلي ذراعه
إذا لم نرجع الإسلامَ نهجاً
فكيف لعزّنا نبغي ارتجاعه
بحبِّك يا أبا الزهراء قلبي
سيصدح ما له ملك استطاعة
فكن لي شافعاً في يوم حشرٍ
فليس سواك من ملك الشفاعة
وسوم: العدد 851