هناك صحابيان جليلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبهما حباً مميزاً عن بقية الصحابة وإن كنت أحبهم جميعاً منهم أهل القرن الأول وأساس الأمة الإسلامية وهم الذين بلغوا الإسلام رسالة ودعوة وفتوحات من وصلت أقاصي الصين شقاً والمحيط الأطلسي غرباً.
هذان الصحابيان حمزة بن عبد المطلب وسعد بن معاذ سيد الأوس هذا الحب المميز لمواقفهما المشرفة في الإسلام اللهم احشرني معهما عملاً بقول نبيك محمد صلى الله عليه وسلم (يحشر المرء مع من أحب) فكتبت لهما هذه القصيدة لمواقفهما المشرفة في الإسلام:
إذا تحدثت يوماً عن مواقفه ورمت تربيةً منها وتوجيها
هذه الخواطر في قلبي معانيها=فرحت أقرضا شعراً وأرويها
وحبها في مقام الشعر منزلةً=أني إلى ألف تل الإعصار أهديها
فتى قريش وعملاق الرجال ومن=لا أستطيع له وصفاً وتشبيهاً
لا بل تصفق في كل جارحةٍ=حباً وتتهز من أعماقها تيها
تلك المواقف قد كانت لنا شعلاً=على الطريق وروحاً نهتدي فيها
اسمع إليها فيأتي سوق أنثرها=شذا عبير على الدنيا وأحليها
فشغف الأذن في أخبار حاميةٍ=بالحرب كانت وبالإسلام حييها
توشح القوس صوب البرمتجهأ=وراح يضرب في أعلى روابيها
0 عن الجآ ذر ترعى في خمائلها=أو الظباء التي آوت حواشيها
واصطاد دماً اصطاد من طيرٍ وجارحةٍ=وعاد في سلة الصياد حاويها
فاستقبلته على أبوابها امرأةٌ=والدمع يجري غزيراً من ما فيها
أبا عمارة أين اليوم كنت ضحى=وليتك اليوم قد شاهدت طاغيها
لما استطال الشلال وساقية=من الشتائم عدواناً وتسفيها
على النبي فكان الصمت منطقه=صوناً إلى النفس عن هذا وتنزيها
ثار الأبي يفوق الأسد من غضبٍ=ووثبة الفهد حتى حل ناديها
حيث اللئيم أبو جهل تحيط به=عصابة الكفر تحميه ويحميها
وانقض يهشم من الرأس منتفضاً=وشوه الرأس بعد الوجه تشويهاً
وصاح في ثورة بيضاء عارقه=أتشتم الصادق المصدوق داعيها
0 وقد دخلت بهذا الدين من يشد=ودعوة الحق بل أصبحت حاميها
ذكرى إباءٍ تناديني وأندبها=ومن حنيني إلى الماختي أناديها
اسمع إلى الموقف الثاني وقف عجباً=عند الرجولة في أسمى معانيها
في دار أرقم لما جاءهم عمرٌ=وخيمت سحباً موداً عنوانيها
تملك المسلمين الرعب وارتعدت=فرائض البعض من أدهى دواهيها
فهب كالسيف مسلولاً وممتشقاً=والفجر يقشع الظلما ويجلوها
قوموا افتحوا الباب لا خوفاً ولا وجلاً=إن جاء يبغي سبيل الخير يهديها
أو جاء يبغي سبيل الشر نقتله=بسيفه وبذا نجزي أعاديها
ويوم بدر غدا كالسهم منطلقا=قبل التلاحم إيذاناً يباريها
حتى إذا اشتد بأس الحرب والتحمت=كتائب الحق بالأعداء تغريها
0 مضى يجلجل هدارا بصارق=وبالسهام عن الأقواس يرميها
فكم زعيم به السيف جندله=عن ظهر سابحة في بطن واديها
وفارس ترهب الفرسان صولته=أحاله فبدأ في كان ماضيها
وآلم المشركين الخطب وامتلأت=صدورهم إحناً والحقد يغليها
حتى إذا رجعوا للحرب ثانيةً=للأخذ بالثأر جاءت هند تزكيها
بما تردد ممن شعرٍ مهيجة=وبالشعارات نحو التل تزجيها
وأوفدت عبدها وحشي إلى أمةٍ=حتى يبلغها أقصى أمانيها
قتل الذي جز في بدرٍ نواصيهم=على الحقود التي في الصدر تشفيها
ورابط العين خلف الصخر وجلٍ=والحرب تشفع ما مات وتعلوها
حتى إذا مر من أهوى ففاجئه=بطعنةٍ خر منها النسر قاضيها
0 وكان قتله للإسلام فاجعةً=وللنبي جراحاً يكتوي فيها
بكى وظل طوال العمر يذكره=وكم يهيج في الذكرى بواكيها
هذي القصيدة من قلبي كم سطرها=وباقةٌ من رقيق الشعر أهديها
إليك يا سيد الشهداء قاطبةً=يا من على أحدٍ قد نمت هانيها
عليل في سلام لله ما هتفت=ورقاء أيل وما غنت هزاريها
أبا عمارة والبلوى تحيط بها=وسحبه تدمر في الصحراء يحويها
وزهرة النشئ في الصحراء يصهرها=حبل وسوط وأمراض تصفيها
ولا مطالب فيهم من بني بشرٍ=والبعث يفعل ما يحلو له فيها
من الصناديد آلاف مصضدة=وابن زانيةٍ بالسوط يشويها
أبوه يبنى إلى المجهول في نسبٍ=والأم ماء سبيل في نواديها
0 ومنهما قد أتى شرطي يعذبنا=ليت الجراذين ترضى فيه تشبيها
أبا عمارة والبلوى تحيط بنا=وكم تهجدت في الأسحار أشكوها
وما كدمت على خطي لشدتها=لكنني أسأل الرحمن ينهيها
عسى العباح الذي من بعد أن هدمو=أم الفداء جاراً واستباحوها
أرجوه يشرق وضاء على بلدي=ويصلح النصر ما قد أفسدوا فيها
يا سيد الأوس لن أنسى مواقفكم=وما تحدثت يوماً عن معاليها
إلا وكدت هياماً أن أطير بها=ورحت في ثورة العملاق ألقيها
ما جل خطب ولا حلت بهم لحنٌ=وما تغشى من الظلماء داجيها
إلا ورأيل يجلو نحس ظلمتها=ويتتبع الرأي حزم من يمحوها
يوم الخروج السلب العير فانهزمت=وصار حتماً عليكم أن تلاقوها
0 فقد أجابوا أبا جهل على مضض=بأن يقيموا ثلاثاً في لياليها
على القليب لشرب بكأس مكرمةً=وتعزفوا العود أوتاراً غوانيه
ويأكلون لحوم الإبل طازجةً=وتسمع العرب قاصيها ودانيها
هذي قريش على الآبار قد وردت=وأعلنت يا نبي عربٍ تحديها
للمسلمين وكان العهد بينكم=أن تمنعوه بها لا في بواديها
وقمت يا جبل الإسلام من عظمٍ=صلب العزيمة للهيجاء ماضيها
تعاهد القائد المختار في جملٍ=وفي عباراتٍ دوت في نواحيها
ما قالها قبل قسٌ رغم بلغته=ولا استطاع زيادٌ أن يجاريها
عاشت مرفرفة الأغصان باشقةٌ=عبر العصور وبدر النصر تسقيها
وما يزال صداها في مسامعنا=وفي القلوب وما زلنا نغنيها
0 وكلما فرت الذكرى نرددها=كأنك الآن في الميدان تلقيها
لو خضت بحراً لخضنا اليوم خلفكم=الأوس والخزرج والأقيال تتلوها
وما تخلف منا واحدٌ أبداً=نحن العظارف ما خابت مساعيها
خبزٌ على الحرب صدق في مواقفها=عندا للقاء ونحن القوم أهلوها
ولا يرق لنا عزم ولا غصب=وإن تل البحر أمواجا وآسيها
فسر بنا يا أبا الزهراء على أملٍ=بالنصر واسأل إله العرش يعطيها
حتى وصلتم إلى بدرٍ فقلت له=لا تشهد الحرب إنا عنك نكفيها
وإذا قتلنا فإنا بعدنا خلفٌ=وإن قتلت فمن الناس يهديها
ورحت تنصب خلف الجيش خيمته=أعني العريش وحوض الماء تبنيها
وفي قريظة لما عهدهم نقضوا=حكمت فيهم بحكم الله باريها
قتل الرجال سوى من كان سنهم=دون البلوغ وأن تسب ذراريها
وعدت منهم وجرح الساق ملتهب=فقلت يارب أفجرها وخذ فيها
حين استجاب لك الرحمن في عجلٍ=ونمت نوم كريم النفس هانيها
يوم ه العرش اهتزت جوانبه=والوحي يهبط من أعلى أعاليها
من مات منكم فنضجت كل ساريةٍ=من النجوم وحارت في مساريها
أجابه الصدق المصدوق محتسباً=هول المصيبة ولدمعاتٍ ترثيها
وقال له سيد الأنصار قاطبة=وراع يثرب من بأسٍ وحاميها
هذي مواقف سعدٍ لم تزل مثلاً=لمن أراد من الأبطال يحييها
حتى تعود لنا بدر وعزتها=وفي جبال بني كلب سنغزوها
منهم قريظة سورياً وخيبرها=سواهم كل من أضحى مواليها