رويـدكَ فـالأيـامُ مـدرسـةُ الـعُـمرِ=فـآثـرْ بـهـا النَّهجَ القويمَ مدى الدهرِ
وأكـرمْ بـهـا يـاصـاحِ نـفسَك إنما=يـعـيـشُ كـريمُ النفسِ بالمنهجِ الدَّثرِ
ولا يـحـمـلُ الأخـيـارُ إلا خِصالَهم=مـن الـخُـلُـقِ المحمودِ في عملِ البِرِّ
إذا كـنـتَ ذا حـقٍّ فـكـن ذا بصيرةٍ=ولا تـتـعـجَّـلْ إنْ قـدمْـتَ إلى أمرِ
وآثـرْ لـمَـنْ قـد رامَ ضرَّكَ ماترى =مـن الـعـفوِ تستجلبْ حجاهُ إلى العذرِ
وأحـسـنْ إلـيـه مـرَّةً بـعـدَ مَـرَّةٍ=فـإنْ فـاءَ لـلـحـسنى فيالَكَ من أجرِ
وإنْ لـجَّ فـي الـبـهـتانِ والخبثِ إنَّه=لـذو حـسـدٍ يـشـوي جواهُ ولا يدري
وعـاشـرْ أخـا حـلـمٍ تـقيًّا وصالحًا=فـإنَّ الـتَّـقـيَّ الـبَـرَّ يأنفُ عن مكرِ
ومَـنْ عـاشَ بـالـتقوى سلوكاومنهجًا=فـذلـك مـن أهـلِ الـفضائل ِوالفخرِ
هـو الـكـنزُ فاحرصْ كي تكونَ أخًا له=وقـد فـزْتَ بـالـتوفيقِ معْ عاليَ القَدْرِ
و تـكُ مـغـتـرَّا بـمـظـهرِ مَنْ أتى=بـثـوبٍ مـن الـتقوى وسيرتُه تزري
فـمـا ضـرَّ كـالـدَّجـالِ مـجتمعًا به=يـعـيـشُ على رجسٍ ، وينهشُ بالطُّهرِ
وإنَّ جـمـالَ الـمـرءِ في حُسْنِ عِشرةٍ=ولـيـس بـدعـوى لاتقومُ على الخيرِ
وإيَّـاكَ مـن خِـلٍّ خـبـيـثٍ تـسوقُه=إلـى نـيـلِ مـا يبغي الوسيلةُ بالغدرِ
وإيَّـاكَ مـن أهـلِ الـهـوى إنَّ شأنَهم=يـنوءُ ـ وإنْ أغرى ـ من الكدرِ المُـرِّ
وجـانـبْ أخـا ريـبٍ يـعيشُ بزيفِه=ولـيـس لـه غـيرَ السرابِ من السَّيرِ
وإيَّـاكَ والـهـمَّـازَ وافـطـعْ وِصالَه=فـبـئـسَ جليسُ السُّوءِ في منتدى الشَّرِّ
وكـم جـاهـلٍ غـرَّه صـمـتُ عاقلٍ=فـراحَ بـسـوءِ الـقولِ يهرفُ والنُّكرِ
ومـا ضـرَّ طعنُ النَّذلِ في ظهرِطاهرٍ=فـمـا نـالَ كـفُّ الحقدِ إلا من الجمرِ
يـعـيـشُ أخـو السَّوءاتِ في قُبحِ فعلِه=كـأنَّ لـه ثـأرًا شـهـيًّـا من الحُـرِّ
إذا مـا خـلا قـلـبُ امـرئٍ من مآثرٍ=وعـاشَ بـلا ديـنٍ فـبـشِّرْهُ بالخُسْرِ
فـمـا الـمـالُ أبـقـى لـلسَّفيهِ مكانةً=ولا الـجـاهُ قد أنجى الحسودَ من الوِزرِ
ويُـفـتـضَـحُ الـمـوتـورُ ظلَّ مقنَّعًا=وإن هـو أخـفـى من دناياهُ في الصَّدرِ
فـكـلُّ لـئـيـمٍ يـفـضـحُ اللهُ حالَه=ويـرجـعُ مـنـبـوذَ السلوكِ بلا سِترِ
* * *=* * *
عـلـيـكَ بـنـهـجِ اللهِ والـزمْ كتابَه=وعـطِّـرْ بـه نجواكَ في السِّرِّ والجهرِ
وعـشْ بـلـذيذِ الذِّكرِ في ظلمةِالدجى=فـإنـكَ لـم تـعـدمْ مـجـاورةَ الـبِِْرِ
وأمـسـكْ عـن الأقـوالِ إلا لـنـافعٍ=وبـاعـدْ مـقـالَ السُّوءِ في سفَهِ الهذْرِ
ولا تـك لـلـخِـلاَّنِ مـوضـعَ سقطةٍ=ولا تـرمِ نـفـسًـا لـلـمـهانةِ والبترِ
ولـيـلُـكَ بـالـقـرآنِ فارتعْ بروضِه=ونـاجِ بـه مـولاكَ فـي هـدأةِ الفجرِ
فـإنَّ الـمـحـبِّـيـنَ الـذيـن تبوَّؤوا=مـقـاعـدَ صـدقٍ في فراديسِها الخُضرِ
تـرامـوا عـلـى أعـتابِ رحمةِ ربِّهم=فـكـانَ لـهـم نعمَ النَّصيرُ مدى العُمرِ
ولا تُـرَ بـالإسـلامِ قـلـبًـا مـهدَّمًا=ولا تـخـشَ يـاهـذا مـقـارعةَ الكفرِ
فـإنَّ رجـالَ اللهِ لانـتْ قـلـوبُـهـم=لأهـلِ الـهـدى واستعذبتْ مركبَ البِرِّ
ولـكـنَّـهـا عـزَّتْ وطـالَ إبـاؤُها=عـلـى كـلِّ طـاغـوتٍ يعربدُ بالكِبرِ
ومَـنْ أُشـرِبَ الإيـمـان يـعلمْ مكانه=إذا اصـطـخـبتْ دنياياهُ بالمدِّ والجزرِ
ومَـنْ عـاشَ للرحمنِ عاشَ علىالغِنى=ومَـنْ عـاشَ لـلشيطانِ ماتَ على الفقرِ
فـإنَّ الـغِـنـى باللهِ عـزٌّ و رِفـعـةٌ=وثـوبُ الـعنا والفقرِ في الظُّلمِ والجَوْرِ
يـعـيـشُ أبـيُّ النفسِ ينأى عن الأذى=ويـفـنـى ذليلُ النفسِ في ذلِّه المزري
ومَـن رفـرفـتْ بـالنُّورِ والخيرِ نفسُه=تـسـامـى وإنْ ألفيتَه في قبضةِ العُسرِ
تـسـلَّـحْ بـتقوى اللهِ ، واحفظْ عهودَه=ولا تـخـشَ بـعـدَ اللهِ قارعةَ العصرِ
فـطـوبـى لـمَنْ قد آثرَ المجدَ والعلى=وسـارَ عـلـى دربِ الفضائلِ والصَّبرِ
* * *=* * *
رأيْـتُ مـنـاجـاةَ الإلـهِ لـبـاسُـها=بـه الأمـنُ والإيـثـارُ في حللِ الفخرِ
و زادُكَ مـنـهـا لايـبـورُ مدى المدى=فـآثـرْهُ ، فـالرضوانُ من أكرمِ الذُّخرِ
وإخـوانـك الأبـرار فـاحـفظْ ودادَهم=وكـنْ هـونهم ، واخفضْ جناحكَ للبَـرِّ
ومَـنْ عـاشَ بـيـنَ الـطَّيِّبين فطيِّبٌ=مـودَّتُـه تُـرجَـى مـع العسرِ واليسرِ
ولا تُـلْـقِ بـالاً لـلـحـسـودِ فـإنَّه=يـمـوتُ بـلا قـتـلٍ ، ويحيا بلا أجرِ
ولا تـسـتـمـعْ يـومًـا لـغيبةِ مسلمٍ=فـإنَّ بـهـا وِزرًا ، ومـالَـك من عذرِ
وإنَّ لـسـانَ الـكـلـبِ أطهرُ من فـمٍ=يـفـوهُ بـنـهـشِ الـمسلمين بلا طُهرِ
وإنَّ فـمَ الـمـغـتـابِ بـالدَّاءِ مثخنٌ=يـجـرجـرُ أقـذارَ الـتَّـفاهةِ والخُسرِ
فـتـبًّـا لـمـغـتـابٍ ، وقبحًا لوجهِه=إذا مـا تـراءى بـالـحـديثِ مع النُّكْرِ
وإنَّ صـفـاتِ الـفـاسـقـيـن جليَّةٌ=بـجـلـسـةِ مغتابٍ ، وبسمةِ ذي مكرِ
ونـظـرةِ أفَّـاكٍ إلـى الـنـاسِ حوله=ومـطـمـعِ ذي بـخلٍ يتوقُ إلى الحُمْرِ
وقـاتـلِ سـاعـاتٍ يـبـدِّدُ عـمـرَه=بـلا عـمـلٍ يُـرجَى من اللهِ ذي الذِّكرِ
فـلا يـذكـرُ الموتَ القريبَ ، ولا يعي=رحـيـلَ بـني الدنيا ، ولا ضمَّةَ القبرِ
يـعـيـشُ كـبـهـمٍ لـلملذَّاتِ والهوى=و لـلـفـسقِ في نادي الرذائل والخمرِ
فـهـيْـئـتُـه بـالـشَّرِّ والسُّوءِ لُفِّعتْ=وخُـطْـواتُـه بـالإثمِ عُدَّتْ ولا يدري
فـتـعـسًا لذي ريبٍ ، وخسفًا لذي ربًا=وعـارا لـذي لـهوٍ ، وبؤسًا لذي جوْرِ
أولـئـك هـم أهـلُ الـفـسادِ بقومِهم=وهـم شـرُّ خَلْقِ اللهِ في البدوِ والحضرِ
ومـا سـبـقـت لـلـنَّارِ قبلَ ولوجِهم=سـوى أنـفسٍ عاشتْ وماتتْ على الكفرِ
فـدونَـك فـاخـتـرْ في حياتك منهجًا=تـفـرُّ بـه لـلـهِ مـن ثـبـجِ القهرِ
فـفـي بـحـرِ هـذا الغيِّ ظلمٌ يسوقُهم=إلـى غـضـبِ الـدَّيانِ في عالمِ الشَّرِ
وعـشْ مـسـلـمًـا فالدِّينُ أمنٌ وعزَّةٌ=وشـرعـةُ ذي جـودٍ ومـنهجُ ذي يسرِ
وإيـاك والإلـحـادَ فـالـكـفـرُ مهلكٌ=وذاك ـ وحـقِّ اللهِ ـ قـاصـمةُ الظَّهرِ
فـقـد يـغـفـرُ الـرحمنُ للناسِ إثمَهم=ولـكـنـه لايـغـفرُ الشركَ في الحشرِ
مـآلُ الـطـغـاةِ الـكـافـريـن جهنَّمٌ=فـبـئـسَ مـقـامُ الكافرين على الجمرِ
وعـشْ مـؤمـنًـا بـالغيبِ تُؤْتَ مفازة=وسـلِّـمْ لأمـرِ اللهِ واسـتـهـدِ بالذكرِ
وإنَّـك بـالـصـبـرِ الـجـميلِ لفائزٌ=وإنْ لـجَّ بـالـخطبِ الثَّقيلِ أسى العُسرِ
ودارُكُ فـاعـمـرْهـا بـشاهقِ رفعةٍ=إذا عشْتَ في كوخٍ ، وإنْ عشتَ في قصرِ
فـمـا الـعـزُّ إلا مـايـكـونُ لمؤمنٍ=مـن اللهِ رغـمَ الـكـيدِ والسُّوءِ والمكرِ
ومَـنْ يـعـتـصمْ باللهِ لـم يخشَ غيرَه=فـصـنْـهـا مع الباري لتظفرَ بالنَّصرِ
فـقـمْ واحـيِ بـالـتـوحيدِ نفسَك إنها=تـمـوتُ إذا الإيمانُ أخوى على الصَّدرِ
وعـطِّـرْ بـه أيـامَ عـمـرِك صادقًا=فـإنَّ شـذا الإيـمـانِ أزكى من الزَّهرِ
لـقـد خـابَ مَـنْ رامَ الـمعالي بكفرِه=و ذلَّ الـذي يـرجـو الـمفاخرَ بالجورِ
ومـا مـسـلـكُ الـعلياءِ إلا لذي التُّقى=يـسـيـرُ بـظـلِّ اللهِ فـي أرفعِ القَدْرِ
فـذرْ أُمـمًـا تـهـذي بـأفـكارِ غيِّها=وتـحـيـا حـياةَ المترفين بلا خيرِ!!
لـهـا فـسـحـةُ الـدنيا الدَّنيةِ والهوى=ولـيـس لـها يومَ النُّشورِ سوى الخُسرِ
فـإنْ صـبغوا وجهًا وشَعرًا ، وزعفروا=لـزيـنـتِـهـم ثـوبًا بليلٍ وفي عصرِ
فـواللهِ مـاكـانـت لـتـمـنـعَ عنهُمُ=عـذابًـا بـأُخـراهـم وتدفعَ من حـرِّ
دعـوا الـمـلـحـدين الماجنين وغيَّهم=ومـذهـبَـهـم ، والموبقات بهم تجري
وعـودوا إلـى نـورِ الـكـتـابِ فإنَّكم=بـلـيـلِ خـطـاياكم وشيطانكم يغري
تـروا مـوئـلاً لـلـمجدِ مُدَّتْ جسورُه=عـلـى عـمدٍ تبقى ، وتعلو على الكفرِ
فـمـنْ غـسـقِ الـشِّدَّاتِ يبزغُ فجرُنا=وتـنـبـعُ بـالتقوى المياهُ من الصَّخرِ
ألـَسْـَنـا بـنـي الإسـلامِ فينا محمَّدٌ =وسُـنَّـتُـه الـغـرَّاءُ أغلى من الدُّرِّ !!
ومـن أُمَّـةٍ فـيـهـا الرسالةُ أزهرتْ=مـبـاهـجُها ، والخيرُ للناسِ كالقطرِ !!
فـمـا لـبـنـيـها أدبروا عن حقولِها=وهـامـوا وراءَ الزيفِ والتَّرفِ القَذْرِ !!
وظـنُّـوا بـزيـفٍ أحـرزوه حضارةً=تـقـرِّبُـهم زلفى إلى ساحةِ النَّصرِ !!
ومَـنْ لـم يـمـحِّـصْ في مناهج سعيِِه=يـجـدْهـا عـلـى وهمٍ تقلُّ عن الشِّبرِ
قـضـى اللهُ أن نـرقى بنُضرةِ شرعِنا=وإنَّـا إذا عـفـنـاهُ عـشـنا على قفرِ
وهـيـهـات أن نـحظى بنصرٍ مؤزَّرٍ=بـغـيـرِ هـدى القرآنِ في غُمم القهرِ
فـنـورُ الـنَّـبِّـيـين الكرامِ لنا رضا=وفـيـه دواءُ الـقـائـمين على الهجرِ
وإنَّ مـقـامَ الـنـاسِ في موطنِ الهوى=كـمـثـلِ مـقامِ الناسِ في قبضةِ الأسرِ
ولـن يـسـتـقـيـمَ الناسُ إلا بدينِهم=وأكـرم مـن أهـلِ الـمـآثـرِ لاندري
بـمـجـتـمـعٍ يحيي المروءاتِ لاترى=لـذي غـايـةٍ هانتْ سبيلا إلى الجهرِ
ولا خـيـرَ فـي غـربٍ وشرقٍ تعاليا=وأمـةُ هـذا الـديـنِ في الأنجم الزُّهرِ
مـتـاعٌ قـلـيـلٌ لـلـورى وتـطوُّرٌ=يُـداولُ مـن عـصرٍ يصيرُ إلى عصرِ
ومـا هـانَ قـومٌ يـحـفـظُ اللهُ شأنَهم=بـمـا اخـتـاره إلا بـسابقةٍ تزري !!
لـئـنْ هـبَّ قـومي بالحنيفِ فمجدُهم=يـعـودُ إلى الآفاقِ في موكبِ الفخرِ
أذبْـتُ بـشـعـري مهجةً طالَ شجوُها=عـلـى أمـةٍ تـغـفـو بوارفةِ الخِدرِ
وخـيـرُ سـجـايـاهـا تموتُ بلهوِها=وتـطـفـو فِعالُ الشرِّ في لهوِها الثَّـرِّ
فـيـاربِّ أنـقـذْهـا وسـدِّدْ مـسيرَها=وأوقـفْ عـلـى إحياءِ صحوتها شعري