لم يبق في الشام والأيام أفراح=قد طبّق الشام أحزانٌ وأتراح
فلا بيوت بأرض الشام عامرة=ولا مجالس أسمارٍ ولا ساح
يعلو الدخان إلى الجوزاء مرتفعاً=والنار تسري وصوت القصف صداح
والشعب ينأى بعيداً عن منازله=إلى الصحارى وفي البيداء ينساح
وهاجر الأهل والأصحاب عن وطنٍ=وكم بكوه بيوم الظعن إذ راحوا
زهر الشباب فقدناهم ويا كمدي=والدار من بعدهم قفر وأشباح
ولا أرى بعدهم في العيش من رغبٍ=وهل بقي ثمَّ آمال وأفراح
وأصبح الشعر وقفاً رغم أضربه=على الرثاء ولا مدح ومدَّاح
ولا غرام بغيداء ولا غزل=ولا الطبيعة بالأزهار تنداح
ولا ابن زيدون في (الزهراء) يرسمها=بشعره وأريج العطر فواح
وأصبح الشعر دمعاً ذارفاً هطلاً=على المآسي ولا أسٍ وجراح
على المنازل كالكثبان جاثمةٌ=وتحتها كم قضى ناس وأرواح
ولو ذهبت إلى (سرمين) تسألها=عمَّا دهاها لماذا أهلها صاحوا
ردت وتبكي على الأطفال مدرسة=والصف واللوح والجدران نوَّاح
يا واحةً في الربى خضراء مزهرةً=أحالها حطباً للنار سفاح
وهبت الريح تذري في الفضاء وكم=طارت على متنها في الجو أرواح