من سجل الخالدين الشيخ العلَّامة الداعية المجاهد الأديب فضيلة الشيخ علي الحسني الندوي يرحمه الله
*** ***
*** ***
*** ***
أبا الحسنِ الذي قد عشتَ فينا = إذا ظمئتْ قوافلُنا مَعينًـا
وإن عوتِ الذئابُ بغابِ كيدٍ = رأينا فيك ياندويْ عرينا
وعشْتَ القرنَ مثلَ البدرِ تهدي = إلى الدينِ الحنيفِ مُضَلَّلِينا
قـد اعترفوا بفضلِك حيثُ قالوا = بعلمِ أبي المآثرِ قد هُـدينا
وفضلُ اللهِ يؤتيه تُقاةً = هُداةً في البريةِ مخلصينا
تحبُّ العرْبَ للإسلامِ فيهم = إذِ اختارَ المهيمنُ صادقينا
أهندِيَّ الجِبِلَّةِ غيرَ مُغْضٍ = فعشْتُم بالشريعةِ محتفينا
ومَن كان النَّبِيُّ له إمامًـا =فقد ألفى لـه النَّهجَ المبينا
كأنَّك يا أبالحسنِ ابتسامٌ = بوجهِ الأولين أتى رزينا
رأينا فيك عنوانَ التآخي = ورمزًا للدعاةِ مثابرينا
حملْتَ! رسالةَ الإسلامِ خيرًا = لِتُغْنِيَ بالحنيفِ المفلسينا
فق غرَّتْهُمُ اليومَ الدنايا = ولجُّوا بالحضارةِ ضائعينا
فَمَحصْتَ المبادئ فاسداتٍ = وعَرَّيْتَ الهوى فيهم مُشينا
سرابٌ في مذاهبِهم مهينٌ = وليس بسوقِ دنيانا ثمينا
وحَذَّرْتَ المضَلَّلَ من خداعٍ = لكيلا يُستَغَلَ ولا يهونا
وفي أسفارِك الإنذارُ دوَّى = لِمَن عن خيرِ دربٍ يسألونا
لك العشراتُ من كُتُبٍ شذاها = كأنفاسِ الهُداةِ الصَّالحينا
وقد أغنَيْتَها حِكَمًـا وعلما = فأحرى أن تكونَ لهم سفينا
بأقصى الشرقِ نجمُك قد تراءى =وأقصى الغربِ وضَّاءً جبينا
فدينُ الله قد أضحى منارًا = وينبوعا لِمَن قد يشربونا
أبو الأعلى أخوك أبو المعالي = أنرتُم أُفْقَ وِجهتِنا سنينا
وَمَنْ أسماؤُهم منحتْ ثباتًـا = علىالإسلامِ صَـدَّ المفترينا
كفاكم شاعرُ الإسلامِ فخرًا = ومَن أرسى بأرضِ الهندِ دينـا
إلى إقبال من قلبٍ مُحِبٍّ = تحيَّاتٌ تعافُ المرجفينا
وإنَّ الأرمغانَ أتى إلينا = فكانَ لزادِ صحوتِنا مُعينا
نقدِّمُه لأهلِ العصرِ مجدًا = لكي يغشى الربيعُ العالَمينا
وما جدوى الحضارةِ إنْ فقدْنا = بظلِّ الوارفاتِ لها قطينا !
جُزيْتُم يابني النَّدويِ خيرا = وفزتُم بالجِنانِ مخلدينا
فياربَّ السماءِ أَثِبْ كرامًا = إليك اليومَ قد مدُّوا اليمينا
وأنزلْهُم منازلَ عالياتٍ = ضيوفًا في جنانِك مُكرمينا
بكينا قبلَ موتِك مَن بكتْهم = شعوبُ المسلمين ، وكم دُهينا !
بكينا الراحلين وما جزعنا = من العلماءِ إنَّـا مكتوونا
جحاجحُ أُمَّةٍ وارتْ خُطاها = رياحُ الموتِ واستبقتْ شجونا
بكينا والمصائبُ راعفاتٌ = فَمَن ذا يرقأُ الدمعَ الهتونا
فلم تــرَ بيننا إلا كئيبًا = يُزّجِّي وَقْدَ حسرتِه حزينا
تدافعَ كربُنا في كلِّ صدرٍ = وهيَّجَ من مشاعرِنا الحنينا !
تكادُ تكلُّ من ثقلِ الرزايا = مناكبُنا لطولِ الرزءِ فينــا
أفاضلُ في الشآمِ وأرضِ مصرٍ = وفي أرضِ الجزيرةِ صادقونا
مضوا فالأرضُ تبكيهم فراقًا = ويبكي المؤمنون المؤمنينا
مضتْ أعلامُهم والعلمُ يُبكَى = فَمَن مِن بعدِهم قد يسألونا
وضجَّتْ والجنائزُ شاهداتٌ = بلادٌ أقسمَتْ ألاَّ تلينا
وللإسلامِ ــ أهلوها ــ جنودٌ = وما برحوا به مستمسكينا
فابلدِّينِ الحنيفِ رأوا علاهم = وبالدينِ الحنيفِ علوا قرونا
وبالدِّينِ : الصَّلاحُ يكونُ نهجًا = لقومٍ بالهوانِ يُصَفَّدونا
فقل للمدبرين عن المثاني = ومَن ساروا بدربِ الظالمينا
لقد بلغَ الأسى حلقومَ قومٍ = وغصَّ المجدُ بالبلوى رهينا
وأذوَتْ في مغانينا الأماني = ضحىً وخبا نداءُ المصلحينا
وراحَ الموتُ بالأفذاذِ منهم = وخلَّف بعدهم هذا الأنينـا
بكينا يومَ موتِك كلَّ ميتٍ = من الأبرارِ لـم يَكُ مستكينا
على نبأِ الوفاةِ لقد ذلنا = وأصغينا هنالك ذاهلينا
قنعتَ من الحياةِ بسرجِ فذٍّ = وخضتَ غمارَها دنيا و دينا
ولم ترضَ القعودَ في التَّواني = هوانٌ ليس نقبلُه خدينا
ومثلك للعلى أنجالُ فتحٍ = وعن زيفِ الهوى يترفعونا
وإرثُ العالِم الأتقى حياةٌ = لِمَن يرعى حقوقَ المكرمينا
وهجرٌ للملذاتِ اشترتْها = على ضنكٍ نفوسُ المُعوِزينا
وفرقٌ بين أيامِ الحيارى = وأيامِ الهداةِ الصَّالحينا
وأحقابٌ تمرُّ بغيرِ نفعٍ = وأهلُ الفضلِ فيها ظاهرونا
لقد نالوا رضــا الباري فَعَزُّوا = وقد قرُّوا برحمتِه عيونا
فقل للشَّاردين أولي المخازي = بها يرغون بئسَ ويزبدونا
مآلُ الناسِ عندَ اللهِ حـقٌّ = أكانوا زُيَّغًـا أم محسنينا
ويرضى اللهُ عن عبدٍ تقيٍّ = ولم يكُ في عدادِ العاجزينا
ألا فَلْتَبْكِ رابطةٌ رئيسًا = بهمَّتِه يقودُ النابغينا
أرادَ لأهلِها أدبًا مصفَّى = ومعنىً في البيانِ لِمُعرقينا
ويحمل فكرها حكما وهَديًا = ومنهاجا على التقوى رصينا
ففي أدبِ العقيدةِ نورُ مجدٍ = وموئلُ رفعةٍ للعالمينا
وعاشَ يسنُّ للأدبِ اصطفاءً = ويسقي منه حقلَ المُسْنِتِيْنَا
تألَّقَ في محافلِه ارتقاءً = وأرسى من مقاصدِه فنونا
فللأدبِ ابتهاجٌ قد تَثَنَّى = يميسُ بجيدِ قائلِه فتونا
كأنَّ ( بتكيةِ ) الميعادِ ألفى = بمولدِه جوابَ السَّائلينا
ففي تسعين عامًـا قد قضاها = أجادَ السَّعيَ لم يغمضْ جفونا
ومدَّ شمالًه بالبِرِّ جودًا = وقدَّمَ من فرائده اليمينا
ولم يجفلْ إذا هاجتْ خطوبٌ = بأرضِ الهندِ ترمي المسلمينا
تَلَفَّتَ في البريَّةِ غيرَ وانٍ = يرومُ لأهلِها صيدا ثمينا
وأُسرتُه على نهجٍ قويمٍ = وأهلوه الكرامُ المنجبونا
وصبرُ المسلمين عزاءُ قومٍ = وقد باتوا الحزانى الثاكلينا
وفيمن قد تركتَ أخا المعالي = أتوا بتراثِ مجدِك محتفينا
وتنفضُّ احتفالاتٌ بريبٍ = ويُرمَى وجهُ مُنْشِئِها ظنونا
ويبقى نهجُك القدسيُّ يسمو = بدينِ اللهِ بنيانا مكينا
ويبقى للمودةِ والتآخي = يطرزَ نسجَهم حُبًّـا ولينا
رَنَتْ آماقُنا مُتَلَهِفَاتٍ = لمن ساروا كسيرِك مدلجينا
بكيناهم وقد غابوا فألفى = بدنيانا الأسى ليلا حزينا
فقد كانوا لأُمَّتِنا دواءً = لمن في ساحها أمسى طعينا
جزاكَ اللهُ ياندَويُّ عنَّـا = كما يجزي الهداةَ المؤثرينا
رحلْتَ وجُرحُنا في القدسِ دامٍ = وفي بغداد يؤلمُنا سخينا
وفي كشمير تنكؤُه العوادي = مخالبُ تقطعُ اليومَ الوتينا
فجائعُ قد تركتَ وكنتَ ردءًا = بوجهِ رباحِها جبلا حصينا
سألنا اللهَ بعدَك فجرَ فتحٍ = يعزُّ اللهُ أمَّتَنا قرونا