عودة
خيل إليَّ أني عدت إلى مرابع الصبا أطوف بها وأحدثها في سرور وسلام.
عدت شيخاً تقودني أشواقي=والأمانيُّ جذوتي ورفاقي
أغسل العمر من عناء الليالي=وسراي الطويل في الآفاق
أنشق الود باللقاءات حرّى=فلقاء الأحباب كالترياق
فرحة الروح بشريات توالت=كالندى ضاحكاً على الأوراق
طهرتني فلا ملام وشكوى= أكرمت مقدمي وحلت وثاقي
وأنا عاشق مرابع أهلي=وهم الساكنون في أعماقي
وهم الساكنون عقلي وقلبي=وهم الكحل ساكناً أحداقي
وهم الطيبون داراً وناراً=وهم الطيبون في الأعراق
عاتبوني وعاتبتني دياري=وشكوني لرفقتي والسواقي
وشكوا للفرات مني عقوقي=ويدي نحوه هفت للعناق
قلت يا نهر هاك عذري فإني=غبت لا عن قلى ولا عن نفاق
فرنا غاضباً وأعرض عتباً=ومضى في طريقه للعراق
ضاع عذري ولفني ما أعاني=من هوان فصحت من أعماقي
أيها المسعفون هل من دواء=أيها القارئون هل من راقي
أيها النهر لا تدعني وحيداً=وأغث حرقتي بكأس دهاق
ما درى أنني وإياه صنوا=غربة أطبقت على الأعناق
نحن يا نهر في المكاره أسرى=من أذاقوا الشآم مر المذاق
كلنا مثخن وكل معنّى=مستطار كأنه في سباق
أحضن النخل باسقات وجسراً=طالما جزته وجاز رفاقي
والأمانيُّ واعدات نشاوى=والقوافي منقوشة في المآقي
والعشيات ضاحكات لصحب=جعلوا الصدق زينة الأخلاق
رحلة في الضمير طاب شذاها=وجناها وطاب فيها التساقي
عدت شيخاً والشيب يسخر مني =وغبار الأيام في أوراقي
أنبش الماضي القديم وشمسي=قد دنت في مدارها للمحاق
وكأني والعمر نطوي ونطوى =ومضة تـمّحي غداة التلاقي
إنه الموت قد أناخ المطايا=ساعة ثم حثها لانطلاق
وسوم: العدد 864