(ومَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ وما هِيَ إلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ*) المُدَّثِّرُ31
أثَارَ الذُّعْرَ بَيْنَ الآمِنِينَا=و بَثَّ الرُّعْبَ والإرْهَابَ فِينَا
و حَلَّ رُهَابُهُ فِي كُلِّ صُقْعٍ=و أفزَعَ كافِرينَ , و مُسْلِمِينَا
* * *=* * *
وَبَاءٌ سَارَ مِنْ رَبْعٍ لِرَبْعٍ= و سَمَّاهُ الأطِبَّا بِـ "الكُرُوْنَا"
سَرَى فِينا كَنَارٍ فِي هَشِيمٍ= تَطَايَرَ شَرُّهُ فِي العَالَمِينَا
بـِ "وُوهَانٍ" بَدَا و الصِّينِ فَتْكًا= لِأَوْرُبَّا ؛ أرَاعَ السَّاكِنِينَا
و إفرِيقْيَا و آسْيَا مَعْ أمِرْكَا= بِهِ الآلافُ قد ذاقتْ مَنُونَا
به الآلافُ قد ماتوا مِرَاضًا= و آلافٌ تَعَافَوا , نَاقِهِينَا
و جُلُّ الهَالِكِينَ بِهُ شُيُوخٌ= عَلَى السِّتِّينَ قد نَافُوا سِنِينَا
* * *=* * *
أكُورُونَا ! أيَا جُنْدِيَّ رَبِّي != أثَرْتَ بِنَا شُجُونًا ؛ بَلْ شُؤُونَا
لَحَاكَ اللهُ مِن دَاءٍ دَوِيٍّ != تَفَشَّى فِتْنَةً ؛ دُنْيا و دِينَا
لحاك الله من داء دَفِيْنٍ!= أحَارَ القَلْبَ و الألبابَ فِينَا
شَلَلْتَ حيَاتَنَا ؛ حتَّى كَأنَّا= - لِأهْوَالِ القِيَامَةِ - شَاهِدُونَا
وصَارَ النَّاسُ مِنْكَ بِحَيْصَ بَيْصٍ=و بَاتُوا هَالِعِينَ , مُحَيَّرِينَا
ذَوُو الإيمانِ والتَّقْوى اطْمَأنُّوا= و أضْحَوا خاشِعِينَ و عَابِدِينَا
و أهْلُ الفِسْقِ والكُفَّارُ صارُوا= فِرَاقًا ؛ يَخْبِطُونَ و يَنْدُبُونَا
و أمْسَوا - كَالسَّوَائِمِ في لَيَالٍ= مَطِيرَاتٍ - هِلَاعًا وَاجِفِينَا
* * *=* * *
و مِنْ هَوْلِ المُصِيبَةِ بِالْكُرُونَا= بِعَدْوَاهُ , لِجُلِّ السَّاكِنينا
تَوَاصَى العَالِمُونَ كَذَا الأطِبَّا= لِكَيْلَا يَحْصُلَ المَحْذُورُ فِينا
بِعَزْلِ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ بِشُغْلٍ= و أفْرَاحٍ , و أتْرَاحٍ تَجِيْنَا
و أنْ يَبْقَى الأهَالِي فِي بُيُوتٍ= قُعُودًا ؛ لِلضَّرُوْرَةِ يَخْرُجُونَا؟!
فَعُطِّلَتِ الْمَسَاجِدُ مِن بَنِيهَا= جَمَاعَاتٍ و جُمْعَاتٍ , يَقِينًا!
خَلَا البَيْتُ الحَرَامُ , خلا أخُوهُ= بِطَيْبَةَ من زحام الزائرينا؟!!
كَذَا البَيْتُ المَقَدَّسُ صَارَ صِفْرًا= مِنَ الرُّوَّادِ , و المُتَعَبِّدِينا !!
و أقْفَرَتِ الكَنَائِسُ مِن ذَوِيهَا= كذا الصَّلَوَاتُ خِلْوَ العَابِدِينا
و أُغْلِقَتِ المَدَارِسُ , جَامِعَاتٌ,= مَعَاهِدُ ؛ لِلْبَنَاتِ و لِلبَنِينَا
* * *=* * *
كَمَا مُنِعَ التَّجَوُّلُ فِي بِلَادٍ= لِسَاعَاتٍ , لِمُعْظَمِ ساكِنِينا
و أغْلَقَ جُلُّ بُلْدَانٍ حُدُودًا= مَعَ الجِيْرَانِ حِذْرًا مِن كُرُونَا
و لِلطَّيَرَانِ رِحْلَاتٌ فَألْغَتْ= و حَدَّتْ لِانْتِقَالِ مُسَافِرِينَا
و دُورُ اللَّهْوِ و الحَانَاتُ سُدَّتْ= بِوَجْهِ المَاجِنَاتِ , و ماجِنِينَا
و أغلِقتِ المَلَاعِبُ مَعْ نَوَادٍ= لِتَنْدُبَ حَظَّ كُلِّ اللَّاعِبِينَا؟!
* * *=* * *
فَتُوبُوا يَا بَنِي الإنْسَانِ ! طُرًّا= و ثُوبُوا لِلرَّشَادِ أعَاقِلُونَا!
و لِلرَّحْمَنِ أوبُوا ثُمَّ تُوبُوا= بِصِدْقٍ فَهْوَ كَهْفُ التَّائِبِينَا
إلَى كَنَفِ الرَّحِيمِ ألَا تَعَالَوا= و أُمُّوا رَحْبَهُ الباهِيْ الأمِينَا
إلى ظِلِّ الكَرِيمِ ألَا فَفِيئُوا= لِوَاحَتِهِ ؛ رِدُوا مَاءً مَعِينَا
و عُبُّوا - مِن عِبَادَتِهِ و ذِكْرٍ= بِهَذَا الهَرْجِ - تَسْمُوا مُرْتَقِينَا
فَغَفْلَتُكُمْ عَنِ المَوْلَى بِهَرْجٍ= مَصَائِبُ ضُوْعِفَتْ ؛ دُنْيا ودِينَا
إلى الغَّفَّارِ يا عِبْدَانُ ! هَيَّا= لِدَوْحَتِهِ اقْصِدُوا؛ يَا مُسْرِفُونَا!
إلى الدَّيَّانِ يَا أحْبَابُ ! هيا= نُمَرِّغْ بَيْنَ أعْتَابٍ جَبِيْنَا
لِنَذْرِفْ دَمْعَنَا سَكْبًا غَزِيْرًا= لِنَبْكِ على ذُنُوبٍ قَد حُصِيْنَا
لِرَبٍّ يَغْفِرُ الزَّلَّاتِ مَهْمَا= تَعَاظَمَتِ الذُّنُوبُ لِمُذْنِبِينَا؟!
و بَابُ التَّوْبِ مَفْتُوحٌ لَدَيْهِ= دَوَامًا , لِلْعِبَادِ التَّائِبِينَا
إلى يَوْمِ القِيَامِ , وغَرْغَرَاتٍ= لِيَقْبَلَ تَوْبَةَ الْعَاصِينَ فِينَا
فَأُمُّوا سَاحَهُ , وادعُوا بِصِدقٍ= و كُونُوا بِالشَّرِيعَةِ عَامِلِينَا
و فِي ظِلٍّ ظَلِيلٍ فَاسْتَرِيحُوا= و قَرُّوا بِالنَّعِيمِ - غَدًا- عُيُونًا
* * *=* * *
ألَا الْتَجِئُوا لِمَوْلَاكُمْ بصدق= لِيُنْجِيَكُمْ , و يَكْفِيَكُمْ "كُرُوْنَا"
و أسْبَابَ الوِقَايَةِ فَالْزَمُوْهَا= إلَى أنْ تَنْجَلِي الكُرُبَاتُ ؛ حِينَا
وصَبْرًا فِي البَلَاءِ المُرِّ صَبْرًا= فَنِعْمَ الْأَجْرُ أجْرُ الصَّابِرِينَا