كان رئيس العنبر في تدمر يتحمل الصدمة الأولى فكتبت قصيدة خلت فيها مواقفهم وثمنت جهودهم الجبارة التي كانوا يقدمونها من خلال وجودهم بذلك المكان الصعب وهذه الأسماء لشباب طيبين في عنبر 34 تسلموا رئاسة العنبر وبعضهم تسلمها أكثر من مرة كالأخ محمود مهاوش ومحمود الياسين وكان أول رئيس لعنبر 34 بعد تشكيله الثاني من شهر آب 1982 فقد بدأت به وثنيت بعد رؤساء العنبر بالحراس الليلين والسخرة الخارجية جزاهم الله عنا خيراً
ولن أنساك يا هنداو(2) في رمضان والأعداء ليلاً يرقبونا
سلامي للشباب الماجدينا=ومن صبروا وكانوا يحملون
هموماً لو جبال لاستغاثت=مكانهم وصاحت أدركونا
ومن أصبحت والسجناء طراً=نقر بفضلهم ومقدرينا
وأبدأ في أخي وصديق عمري=زيادٌ نعم ذخر الذاخرينا
زياد ابن مبلوصٍ وأكرم=به نجم الشباب الطامحينا
أبا مبلوص كم عذبت عنا=جزيت الخير يا بن الأكرمينا
أحي فيك إقداماً وحزماً=ورأياً واحترام الآخرينا
أبا همام لن أنسى ليالي=بتدمر تحي في النفس الشجونا
صبرت بها علينا طول عامٍ=بعزم المؤمن القرم الرزينا
فإذا طلبوا لأجل الجلد ناساً=أبيت كما رددت الظالمينا
وإن ضغطوا أخيراً كل ضغطٍ=فلباك الألى متطوعينا
وساروا للعذاب كما تحدو=بعزمهم سياط المجرمينا
بكيت بيومها دمعاً غزيراً=ومن عينيك جريت العيونا
اتخذتك يا أبا مبلوص خلاً=وأخا ما حييت وما حيينا
أبا حسن(1) تحياتي إليكم=وتقديري وشوقي والحنينا
ذكرت حياتنا في سجن صحرا=ويوماً واحدا ساوى سنينا
فعالجت القريض وصغت شعراً=لا أذكر فيه فضلكم علينا
تلاقي كل يومٍ ما تلاقي=من الصدمات مصطبراً مكينا
وتشكو ما يحل بنا جميعاً=من البلوى لرب العالمينا
عسى الأيام أن تأتي بيومٍ=أرى فيه نسوراً مسلمينا
تحلق في السماء وأنت منهم=تدك عروش كل المجرمينا
أيا عمر الحذيفة يا هماماً=ويا علم الشباب الصابرينا
جزاك الله عنا كل خيرٍ=وأن يهديك في الدنيا ودينا
وبيضاء(1) انتظري بلهفٍ=قدوم فتاك هذا واسألينا
نجبك ونحن مغمورون حقاً=بما أسدى لنا ومطوقونا
له فضل علينا واحترام=ونذكره بخير ما حيينا
عرفنا منك يا بنياس خلقاً=بمحنتنا كراماً طيبيينا
أبا صبحي(2) أحييكم تباعاً=كما حييت قبل السابقينا
ولن أنسى خروجك ذات يومٍ=مساءً حيث كان مسافرينا
إلى الدولاب والجلاد يكوي=بلؤم حر وجهك والجبينا
وعدت مورم الخدين والقدمين=محتسباً مصابك مستكينا
ولم تجزع ولم تعتب علينا=ولا قطبت منك الوجه فينا
ألا يا مصطفى اقبل سلامي=وبلغه رفاقك أجمعينا
إلى من قد عرفت بسجن صحرا=من العيد الكماة الثائرينا
بوجه الغزو والجيش المعادي=يظن حماة لقمة آكلينا
وهب الأسد والأسد الضواري=تدين لهم على مر القرون
وتطرق في العرين إذا رأتهم=ملقدة أعنتها صفونا
تحيل الجو من لهب شواظاً=ووجه الأرض من حرٍ أتونا
عساني أن أراكم في دياري=إذا قصم اإله الظالمينا
لأجعل من وفادتكم إلينا=ضحى عيدٍ وما أرجاه فينا
ومحمود يقول أبا حذيفٍ=تحقق ما رجونا حالمينا
وهذا اليوم فاملأه=سروراً وكم قد كنت فيه تشتهينا
وأسمعنا قصائدك اللواتي=نظمت وكنت تقرأها حزينا
أعدها اليوم جذلانا طليقاً=على سمعي وحراً لا سجينا
وذكرنا مساعد وابن نشمي=وزغراد وعكرمة الأمينا
بروحي والسويدا يا كراماً=أقدم ما طلبتم راغبينا
وإن يك خلف تجرٍ بل وملكٍ=لقيصر أو لكسرى الفارسينا
وما ترجون يأتيكم بطرفٍ=وأقرب بل لشارتكم رهينا
فرشتم بالسجون وما علينا=بهذا اليوم إلا أن نكون
غطاءً للجميل وإن نؤدي=فبعض جميل تدمر فاعذرونا
ومازن يابن أنور من حماةٍ=وأهلاً في حماة الهيثمينا
وسهلاً في الفداء وألف رحبٍ=بأبناء الفداء الطيبينا
لأجل الشيخ مروان ومهدي=أرحب في بنيها أجمعينا
وأحترم الجوار ولو جبالاً=أليست قبر زين العابدينا
خواطر مهجةٍ فاضت حناناً=وحباً صادقاً كمجاهدينا
تلقوا خير تربيةٍ وعلمٍ=على أيدي الدعاة المخلصينا
ومازن ثم رباه أبوه=ومحنته دعوةٍ كانت طحينا
وما زال القريض بكل فخرٍ=يحي قادةً ومجاهدينا
ومنهم أحمد الحمشو وأكرم=به بطلاً قد استهوى المنونا
بيومٍ كان سيف الرعب يفري=سواد القلب منا والوتينا
ولم يهمس بحرفٍ من جوابٍ=يساومه عليه المجرمونا
فصبراً في مجال الموت صبراً=وكن بالله فوقها مستعينا
أخي أبا البراء يشد أزراً=لكم لقمان معواناً مكينا
إلى من يرفعون الأسى فخراً=إلى من طاب في الدنيا غصونا
أقدم باقة المصطفى=ترف بعطرها حيناً فحينا
شباب السخرة الأبطال يا من=إلى العلياء خفقاً طائرينا
بأجنحة النسور ومن شموخٍ=أراكم في السماء تحلقونا
جزاكم ربنا عنا قبولاً=وجلكم وقار الصالحينا
ورزقاً واسعاً وفسيح دارٍ=وفتحاً من فتوح العار فينا
وعزاً في الحياة ورفع شأنٍ=وفي الأخرى بعدنٍ تمرحون
ومن أيام مرت جل خطبٌ=رجعت به إلى الماضي سنينا
فقد جاء الزبانية الضواري=بحجة ضجةٍ متدرعينا
وأخرج واحدٌ منهم عصاما=وبالأقدام راحوا يركلون
وألقوه على الأرض صريعاً=وناداهم فجاءوا أجمعينا
وأمسك كل اثنين بفخدٍ=وشدوا شدةً متعاكسينا
فأغمي من ضراوتها علي=وأدخله الشباب مشيعينا
عصاماً يا أخي صبراً علينا=وانظرنا نخبرك اليقينا
بأنا سوف نرميهم بحربٍ=تشيب الطفل بل ترمي الجنينا
ومن سجني أراقبها بشوقٍ=وعمق الجرح ذوبني حنينا
وقد منعوا الصيام وحرموه=وكيف حملت عبء الصائمينا
وأما مصطفى وأبو زياد(3)=فقد كانا لنا حصنا حصينا
من الأعداء في أيامٍ نحسٍ=يطيش ذو العقول بها جنونا
أزف إليهما مني سلاماً=ومن زهر الشباب الحافظينا
جميلهما وصبرهما علينا=وما قد قدموا خلقاً ودينا
زياد مغربل صبراً أخانا=عسى نور يدل الحائرينا
بهذا السجن بل فرج عزيزٌ=وبشرى تبهج القلب الحزينا
أو الأقدار تدفع عن قريبٍ=على الأمواج بالناس السفينا
لشطآن السلامة حيث أهلي=وأهلك والأحبة يرقبونا
وقد طال انتظارهم فظنوا=قضينا نحبنا فاستودعونا
قبوراً في بطون الرمل ضمت=شباباً بالألوف وبالمئينا
ولكن رغم هذا يا زياداً=لعمرك ما أظنهم نسونا
فلم يشرق على الدنيا صباحٌ=ولا ليل دجى بالسامرينا
وما افترشوا مروج العشب يوماً=أصيلاً بكرةً يتحدثون
وقد طلع الصباح وراح يكسو=سهول ربوعنا ثوباً مزينا
وما قصدوا الكروم بشهر آبٍ=وقد طاب الجنى عنباً وتينا
وما وضعوا الطعام على خوانٍ=ولا قطف الفواكه يأكلون
وما شربوا كؤوس الشاي إلا=وغصوا في البكاء وتذكرونا
إلهي ارحم العبرات منهم=ومنا نحن في الأسر الأنينا
وصيحاتٍ تزمجر كل يومٍ=وتؤذي أهل تدمر أجمعينا
إلهي ردنا كرماً وجوداً=بفضلك عن قريبٍ نمانينا
بتاج رضاك حيث له وهبنا=النفوس وملكنا والهبينا
وأنزل وابل الرحمات سحا=على بلدي وخص بها السجينا
وقد وسعت بفضلك كل شيءٍ=فعم بها بلاد المسلمينا
ويا غرام(1) شكراً بل وساماً=وتاجاً زان صدرك والجبينا
على ما قد بذلت ولو قليلاً=فقد علمت فيه القاعدينا
بأن جماعة الإخوان هذي=ستبقى كالصخور ولن تلينا
وليس يضيرها بطشٌ وخسفٌ=فكفوا لومكم يا ناقدينا
ويا من تفهمون الدين فهماً=حسيراً خاطئاً وتشكون
بهذا الخط والماضين فيه=وأعلام الجهاد الصادقينا
ويا عزام هل أعددت قلي=جواباً حاضراً للسائلينا
عن المرحوم بادئ ذي ابتداءٍ=وإبراهيم ثم الآخرينا
إذا سألوك يا عزام جاوب=وكن في رده لبقاً فطينا
بقدر المستطاع ولا ترعهم=ولا تفجع به الأم الحنون
شباب الضاهرية يا أباةً=ويا أسد الحروب الكاسرينا
فمنكم من قضى في الحرب نحباً=ومنكم في الرمال غدا دفينا
وما عدنان إلا من شبابٍ(1)=وراء الباب ثم مرابطينا
وما أثناه عنه عزم يومٍ=به طمس الزبانية العيون