وانا اعمل في الخط الأول لمعالجة المرضى المصابين بوباء كورونا في نيويورك كتبت هذه السطور المتواضعة وانا بين الخوف والقلق من العدوى وبين الدعاء لله تعالى والاستغفار عسى ان يحفظني برحمته الواسعة وأن أعود لأهلي سالما : (الله خير حافظا وهو ارحم الراحمين)
طافَ الوباءُ بقاع الأرضِ يستلبُ=ويُهلكُ الناسَ أفواجًا ويحتجبُ
الناسُ فيه سُكارى والردى عجلٌ=والطبُ أعجزه من سره العجبُ
ضاقت به الأرضُ لم يأمنْ بها أحدٌ=حتّى الملوك ومن في السّلطةِ ارتعبوا
منْ بات تُبهرُه الدنيا بزُخْرفِها=قد أيقنَ الصبحَ انْ الارضَ تضطربُ
من ظنّ دهراً بانّ الخُلد مكمنُه=قد أيقنً اليوم انّ البعثَ يقتربُ
هذي العواصمُ أشباحٌ مُكدرةٌ=والحجْرُ فيها سجونٌ حولها الوصبُ
طال الوباءُ كنارٍ كل عاصمةٍ=وقد تعالى على بنيانها الخشبُ
أين المفرّ وهذا الداءُ يسبقُهم=لأيّ ركن لقاهم حيثما انقلبوا
كما يساقون للموتِ القلوبُ هوت=بل كالذين لأبوابِ اللّظى حصبُ
ما لا تراه عيونُ الخلق أرعبهم=حتّى البعيدون من أخباره نُكبوا
لا ينفعُ الداءَ طبّ جادَ مشرطه=أو ينقذُ المالُ منْ للمال يغتصبُ
أين الجيوش وذكر الداء أفزعها=أين العلوم وقد حارت بها النخبُ
فليعرف المرءُ مهما طال مقدرةً=للجهل والعجز والأملاق ينتسبُ
هذا بلاءٌ لعلّ الناسَ من فزع=لله تخشعُ حتّى تنجلي الخطبُ
نستغفرُ الله حين الموتُ يحضرنا=ونقرأُ الذكرَ حين الداءُ يلتهبُ
تضرّعوا يا عبادَ الله وابتهلوا=يأتي الخلاصُ ويعلو للشفا السببُ
ياكاشف الضر عن أيوب حين دعا=اكشفْ بلاءك فالأرواح تنتحبُ
أغثْ عبادك ما للناسِ من حيلٍ=وقد تفشّى بهمْ من ظلمهم نَكِبُ
بالصبر والطب والإيمان نهزمه=وبالدعاءِ وعند الله نحتسبُ
ان البلاء الى الانسان مدرسةٌ=والمؤمنون همُ رغم الأذى كسبوا
للأتقياءِ هو المنجا بما صبروا=وللجناة مجازاةٌ بما ارتكبوا
كلّ ابتلاءٍ سيأتي بعده فرجٌ=مثل البراري تشافي ملحها السحبُ
سيذهبُ الداءُ لكن بعده محنٌ=حين الحياة علاها الظلمُ والكذبُ
لا تجزعنّ إذا ما الداء محتكم=أو تقنطنّ إذا ما الموت منتشبُ
ما مات عبدٌ وانْ في الموت مولده=إلّا بأمر من الجّبار مُكتتبُ
أستغفروا الله وابقوا في مَساكنكمْ=هذي سفيْنة نوحٍ مَنْ نَجَوْا رَكبوا