رمضانُ أقبلَ والزمانُ عصيبُ = والداءُ يفرعُ والنفوسُ خصيبُ
والناسُ لا تدري أتحيا صومَه= أم للردى قد ساقها المكتوبُ
والمسلمون عن المساجدِ أبْعدوا = لم يبقَ فيها عابدٌ وخطيبُ
حتّى عن البيتِ العتيقِ تفرّقوا= فإذا الطوافُ عن الورى محجوبُ
أضحتْ مساكنهم سجوناً كُدّرت= فكأنّها عند الشروقِ غروبُ
الموتُ أسرفَ والعزاءُ يقيمه= في كلّ بيتٍ نائحٌ ونحيبُ
الحزن ضرّ والدموعُ بلاسمٌ = وبه المشاعرُ كالعيونِ سكيبُ
ينأى الخليلُ عن الخليلِ مخافةً =والطفلُ من هولِ الوباءِ يشيبُ
وكمنْ يُساقُ إلى المنونِ قلوبهمْ = فالموتُ سهمٌ والوباءُ مُصيبُ
من نامَ ليلاً لا يؤمّن صبْحه= فالليلُ فيه للمماتِ دبيبُ
ما أنزلَ اللهُ البلاءَ ممحّصاً = لولا ذنوبُ الناسِ والتأديبُ
لا تحسبّن الله عنّا غافلاً = فاللهُ عند العالمين رقيبُ
رمضانَ عاشوا كلّ عامٍ حفلةً = يزهو بها التسويقُ والتَطرِيبُ
باتوا اليالي في تتبّعِ شاشةٍ = فيها الفسادُ وللهوى الترغيبُ
وقضوا النهارَ إلى الموائد نيّماً = فكإنّ ليلاً للضحى مقلوبُ
ما عاد شهرالله شهرعبادة = لكن تقاليدا بها المطلوبُ
ياليت هذا العام عام تورّع = فيه العبادُ إلى الغفور تتوبُ
فيزيحُ عن دنيا التقاةِ وباءَها= ويُطيْبها حتّى النفوس تطيبُ
يعلو الضياءُ المتقين لصومهم =فكانّهم للناظرين شهوبُ
تجري مدامعهمْ بحرقةِ ناسكٍ = إذ لامست صخرَ الجبال يذوبُ
يا ربّ بلّغنا بحفظك صومَه= أنت الغنيّ إذا سُئلت تُجيبُ
رمضانَ بلّغْ يا ألاهيَ شيبتي = فيصيبها ممّا عتقت نصيبُ
لا تجزعنّ إذا اصابك مُسقمٌ = فلعلّ داءً للنفوس طبيبُ