شهر العسل
[ يزور كيسنجر وزير أمريكا دول المنطقة للفصل بين القوات العربية وإسرائيل، وتصحبه في هذه الزيارة عروسه التي تزوجها من جديد، واسمها نانسي، فنظمتُ هذه القصيدة ]
شربَ المدامةَ وانثنى نشوانَ مغرور الأماني
واختال فوق الريح في سبّاقة كالبرق جامحةِ العَنانِ
وعروسه الحسناء باسمةٌ تَتيهُ بعنفوانِ
والخَصْر ذو هَيَفٍ هَلوكُ الدّلِّ مِن يمناه دَاني
والخنجر المسموم في يده كنابِ الأفعوانِ
لعبت به الصهباء عابثةً تعربد في الفؤاد وفي الجَنانِ
وتوقّد الغليون في شفتيه ينفث باللهيب وبالدخانِ
وحقائب الدولار مُثقلة فِصاح النطق ساحرة البيانِ
يُلقى بها ثمناً لمأجورٍ صغير النفس خوّانٍ جبانِ
فَلْتبرُز الأوطان هاتفةً مرحّبة المرابع والمغاني
بوزير أمريكا بركب عروسه الحسناء سيدة الغواني
ولْترقص الأفراح في الفيحاء تصدحُ بالأغاني
ولْيمرح الزوجان نشوانَين بين رياض جلّق والجنانِ
تحلو نسيمات الربيع الطلق في خَطَرات هانئةٍ وهاني
شهر من العسل المصفّى مترعُ الأكواب بالمُتع الحِسانِ
فَتروقُ أبحاث السياسة حول مائدةٍ تُعَربد بالمُدامِ
وببسمة الغزل المثير ترفّ رايات السلامِ
وتعود للجَولان شمس نهاره بعد الظلامِ
ويرنّ صوت النصر مُنطلقَ الصدى بعد انهزامِ
وتُناطح الهامات أبراج العُلا بعد الرغامِ
ويتيه قادة شعبي المغلوب بالخُطب المنمّقة الكلامِ
ويجلجل المذياع بالتمجيد والتبجيل للأسد الهُمامِ
* * *
يا مَن تسير وراء أمريكا ذليل الرأس مُنقاد اللجامِ
وترى الوسام الأجنبي بصدرك الزاهي فتفخَر بالوسامِ
وتعُبّ كأس الغدر خلف ستائر الإجرام والجولان ظامي
وتدوس فوق دم الشهيد وجرحه في الترب باقي النزف دامِ
لا تحْسَب الأبصار نائمةً عن اللُّعَب المدمّرة الجِسامِ
فالشعب لم يعرف بساح المجد فوق النار سانحة المنامِ
والويلُ للجاني من البركان متّقداً بمجنون الضرامِ
* * * * *
يا أيها التمثال من أصنام أمريكا يهوديَّ الأواصر بانتسابكْ
يكفيك أنك بين أحضان العواهر في صِباك وفي شبابكْ
جاوزتَ قدركَ أيها المغرور، رانَ الكبرياء على صوابكْ
فأتيتَنا كالساحر الدجّال كذّاباً تُهَمْهِمُ في كتابكْ
يا أيها الثعبان يا مَن صُبّت الأحقاد سُمّاً في إهابكْ
بدمٍ يهودي تعيشُ، وترتدي مِن نفطنا أزهى ثيابكْ
وترى بقاع الأرض مزرعةً لنهبك واغتصابكْ
والناسَ كُلّ الناسِ أهدافاً لبطشك أو عذابكْ
مهلاً فلم يُخلَق بنو الدنيا طعاماً للكواسر من ذئابكْ
إني كفرتُ بعرشك المعبود، دُسْتُ على حِرابكْ
وكشفتُ كل الخاضعين الضارعين إلى جنابكْ
الساجدين لعزّة الدولار ذلاً في رِحابكْ
السائرين كما تسيرُ البُهم طوعاً في رِكابكْ
الفاقدين عزيمة الإيمان خوفاً من عقابكْ
اللاهثين وراء لَمْعِ الآل من دنيا سَرابكْ
أنا مؤمنٌ يا أيها التمثال لم أخضع لظُفرك أو لنابكْ
يا سيف أمريكا سأحْطِم نَصلك الأشقى وتُدفَنُ في قِرابكْ
سأقاوم الرعد الذي تُزجيه لم أحفِل بقصفك واصطخابكْ
وأهدّم الصرحَ الذي تبنيه في وطني بجيئك أو ذهابكْ
ستعودُ مضطرب الخُطا كالأرنب المذعور تعثُر باضطرابكْ
أتظلُّ تشقى أمّتي بتجرّع النكبات من أقداح صابِكْ
فارحل إلى هوليود واستمتع برقصك أو شرابكْ
أنا مؤمنٌ يا أيها التمثال لم أخضع لظُفرك أو لنابكْ
إني كفرتُ بعرشك المعبود، دُسْتُ على حِرابكْ
وسوم: العدد 879