لدي شكران: الأول لأخي الفاضل شمس الدين الذي اقترح علي فكرة القصيدة، فراقت لي. والثاني للشاعر العبقري شوقي، الذي ارتقت قصيدتي بأبياته الثلاثة التي ضمنتها فيها.
أبصرتهم في رحاب الله تالينا= وعاكفين على النجوى وباكينا
وصمتُهم عقلُ لمَّاحٍ ومبتكرٍ= وقولُهم أسيُفٌ تخزي الفراعينا
يلقون من كرموا فضلاً ومرحمة = أما الطغاة فزقوماً وغسلينا
كأنما سكن الإحسان جوهرهم= فهم محاسن إن عسراً وإن لينا
عالين مبنىً ومعنىً وابتغاء هدىً= ومثلوها يقيناً لا أظانينا
أما الدموع فتوب طيُّه همم= أن يفتدوا أمة الإسلام راضينا
وأن مقتلهم في الروع قنطرة= بها يُعِزُّون قبل الموطن الدينا
وأن كل نفيس عندهم هبة= لمن حباها لهم فضلاً وتمكينا
* * *=* * *
عناية الله أعلتهم فهم بشر= يمشون في الأرض أبراراً ميامينا
كأنهم وهدى الرحمن يغمرهم= صاروا الربيع الذي يُهْدي بساتينا
كأنهم فتية بالحج قد شغلوا= فلست تبصرهم إلا ملبينا
كأنهم شهب الرحمن قد رجمت = المارقين أناساً أم شياطينا
كأنهم أهل بدر يوم أن هتفوا= النصر والموت كلٌّ في مآقينا
كلٌّ حبيب إلينا نحن نعشقه= والأمر لله هادينا وبارينا
* * *=* * *
إن المساجد للأبطال موئلهم= وللفوارس قد كانت ميادينا
مع التقى هي أهدتهم وفي ثقة = حب الجهاد فكانوه أفانينا
فهم سيوف وأرماح وكوكبة= لكل مكرمة صاروا عناوينا
وقدوة إن كبت يوماً عزيمتنا= هبت وفي غضبة حرَّى تنادينا
الوهن يردي الفتى إن صار يألفه= فانظره تبصره سكِّيناً وسجِّينا
* * *=* * *
سمعتهم صدحوا والحق ما صدحوا = ولا مراء فقد كانوا أساطينا
"نحن اليواقيت خاض النار جوهرنا = ولم يهن بيد التشتيت غالينا
ولا يحول لنا صبغ ولا خلق= إذا تلون كالحرباء شانينا
وفتية لا تنال الأرض أدمعهم = ولا مفارقهم إلا مصلينا"
لو لم يسودوا بدين الله سوَّدهم = طبعُ السَّراةِ الأبيِّين الوفيِّينا
شكراً لشمس وشوقي إنهم سبروا= سريرتي فأتت شعراً ونسرينا