عتاةُ الكفرِ في عصرِ التَّبابِ = أتوْنا بالمكارهِ والخرابِ
وعاثوا في البلادِ بلا حياءٍ = ولا وجلٍ ولا أدنى عقابِ
وَجدُّوا في محاربةِ المثاني = وأظهرَ حقدُهـم مافي الخوابي
إذا نبحوا سمعتَ لهم عواءً = فأخبثُهم أخسُّ من الكلابِ
ومن عجبٍ تَجَمُّعُهُم علينا = بألسنةٍ حدادٍ أوحِرابِ
وبينهُمُ المصالحُ قد تُؤدِّي = لحـالٍ فيه من عجبٍ عُجابِ
على إسلامنا اجتمعوا ذئابا = بِظُفرٍ قُــدَّ من حقدٍ و نابِ
ومن شرقٍ وغربٍ مـا توانوا = وجاسوا أمنَ هاتيك الروابي
ومن أبناءِ جلدتِنا علينا = تراهم كالثعالبِ في وِثابِ
فهذا ينكرُ الدِّينَ اعتباطا = ويهرفُ من فسادٍ أو سرابِ
وأدناهـم يُراوغُ في مقالٍ = وآخرُ دسَّ ســمًّـا في كتابِ
لحاهـم بارئُ الأكوانِ ضلُّوا = وردُّوا الحقَّ من قولِ الصَّوابِ
وهاجوا بالأذيَّةِ ماتوانوا = كصبيانِ الشوارعِ بالسِّبابِ
ومَن لم يملكِ الحججَ استقاهـا = فتى الإسلامِ من فصلِ الخطابِ
فقد وافى الدنيَّةَ حين أبدى = عداوتَـه على وجهِ ارتيابِ
ولـم يقدرْ على قيمٍ تسامتْ = فباتَ الليلَ في حالٍ مُعابِ
عذرْنا من لغا بالجهلِ يعدو = ليرقى فوقَ آفاقِ السَّحابِ
يحرضُه الغرورُ وليس يجدي = غرورُ النفسِ في هذا الغلابِ
ولكن مَن أتى بالزُّورِ يهذي = كَمَنْ في عقلِه مَسُّ ارتبابِ
فقالَ كبيرةً ، واللهِ تودي = بـه في ( أُمِّـه ) يومَ الحسابِ
جهنَّم لـو رآها ماتَ رُعبًـا = وعافَ لذيذَ أكلٍ أو شرابِ
أيسخرُ من شريعتِنا فَتَبًّـا = ولا يخشى الشَّديدَ من العقابِ !
فأبشِرْ أيُّها المثبورُ أبشرْ = إذا دفنوا ( جنابَك ) في الترابِ
فحينئذٍ ستلقاهُ عيانا = وتدركُ يومها هولَ المآبِ
ولـم ينْفعْكَ جـاهٌ أو (مقامٌ ) = به استكبرتَ في أحلى ثيابِ
ستأتي ربَّـك الدَّيَّـانَ عُطلا = ولن تحظى بأسبابِ الجوابِ
كفرتَ وأنت تلهجُ بالتَّحدِّي = فمـا من منجدٍ لك أو صِحـابِ
فعشْ مستهزئًا بالدِّين وامرحْ = على رقصِ القيانِ المستطابِ
فَوِزْرُكَ ياوزيرُ أتى ثقيلا = ولم تُقبَلْ ضراعاتُ المتابِ
فَلُـمْ يا غِــرُّ نفسَك لاسِواهـا = فيومُ الفصلِ ويلك لايُحابي !
خلودُك في جهنَّمَ ليس يُطوى = بمرسومٍ يُوَقَّـعُ أو خطابِ !
ألـمْ تقرأْ حكايا غابراتٍ = لمَن سبقوك من أهلِ التَّبابِ !
ألـمْ تقراْ بهذا العصر عنهم = بساعاتِ احتضارٍ وانكبابِ !
فهم قد أبصروا لَهُمُ مآلا = يشيبُ لهولِه شَعْرُ الشَّبابِ
ولكنْ لـم يَعُدْ فيها مجالٌ = لترسمَ ماتريدُ مع الإيابِ !
فقد وصلتْ إلى الحلقومِ فاخرسْ = كفى طول اللسانِ بكلِّ بابِ
فأنتَ بقبضةِ الدَّيَّـانِ مهما = ملكتَ وسامَ كِبرٍ أو رِغابِ
ستذكرُ والنَّدامةُ ليس تجدي = إذا نُصِبَتْ موازينُ الحسابِ
رويدك فالمكاسبُ فانياتٌ = بدنيا غفلةٍ و يَدَيْ سرابِ !
وإنَّ الدِّينَ يبقى والمزايا = جَناهـا من ملذَّاتِ اللُّبابِ
وهـلَّ الفخرُ يسعفُ كلَّ حـادٍ = بأحلى مالدى شِيمِ الصِّحابِ
أجابوا دعوةَ الهادي فعاشوا = أباةً رغمَ أوجاعِ المُصابِ
وغايتُهُم رضا الباري فَسَلُّوا = جمالَ التَّوبِ من جوفِ القِرابِ
ليجتمعوا غـدًا زمرًا حَباهـا = إلهُ الخلقِ في أغلى رحابِ