ويحَ القلوبِ إذا استبدّ لظاها = وتناوحَتْ فيها رياحُ أساها
وتعاوَرَ الفكرَ الشَّرودَ هواجسٌ = ألْقَتْ إليهِ وساوساً يخشاها
وسَقتْهُ كأساً من حميم جحيمها = فإذا به قد صار من صرعاها
هيهات يُحييهِ سرابٌ باطلٌ = هيهات عودةُ ميعةٍ وقواها
فلقد مضى عهدٌ تجمّعَ شملُنا = فيهِ وأهدتْنا الرُّبوعُ شذاها
ورمتْنيَ الأيّامُ بالسّهم الّذي = أدمى الفؤادَ فعدتُ لا أهواها
فأولاءِ قومي قد تقطّع وصلُهم = ببلادهم واستُبدلوا بثراها
أرضاً لأقوامٍ تواصَوا بينَهم = أنّ الحنيفة شِرعةٌ نأباها
بل إنّهم أممٌ أباحت أرضنا = للغاصبين فحرّموا سكناها
قد شتتونا ،ليس يجمع شملَنا = أرضٌ ولا قدسٌ لنا نهواها
إنّ الصّهاينَ جرّعونا علقماً = في أرضنا ونصيحُ واهاً واهاً
ونصيحُ وا غوثاهُ للأقصى فما = لبّى النّداءَ عروبةٌ نحياها
ويحَ العروبة قد زهت بمناصبٍ = وسفاسفٍ ورذائلٍ نأباها
بل إنّها تبَعٌ لأعداء الحمى = حكمَتْ بأمرهمُ وضلّ نهاها
ما عاد معتصمٌ يلبّي صرخةً = ما عاد يخطبُ في الشّآم فتاها
صرنا غثاءً طافياً في ذي الدّنا = صرنا أراذلَها وسوءَ صداها
فمتى يعودُ إلى العروبة رشدُها؟ = ومتى يعودُ صلاحُها وتقاها؟
قم يا صلاحَ الدّينِ فانظر حالَنا = فهي الجحيمُ وويلَ مَن يصلاها
في كلّ أقطار العروبة فتنةٌ = عمياءُ بثّتْ سمَّها وأذاها
كلهيب نارٍ في الهشيم فهل ترى = مِن قائمٍ فيها يصدُّ لظاها ؟
عجباً لكم يا مَن نسيتم ربَّكم = ونسيتمُ الأخرى وعدلَ قضاها
فترقبوا حكم الإله فإنّه = حكمُ الّذي رفع السّما وبناها
هيّا فزكّوا أنفساً وضمائراً = فالويلُ يا قومي لمَن دسّاها