سيروا بأرض الواحد الديان = كي تشهدوا ماكان في الأزمانِ
إذ أهلكَ اللهُ الطغاة ومَن بغوا = واستأسدوا بالظلمِ والعدوانِ
البيِّناتُ وليس تنفعُ ظالمـا = متغطرسا في ثوبِه المزدانِ
فهو انتقامُ اللهِ إن حانَ القضا = من زمرةِ السفهاءِ والأعوانِ
ومن الذين استكبروا و تجبَّروا = ونأت لياليهم عن الإيمانِ
فالعمي لمَّـا يبصروا سنن الذي = خلقَ الِحِجى للوعيِ في الإنسانِ
ورعـاهُ بالقيم التي جاءت بها = آيُ الكتابِ وسُنَّةُ العدناني
لكنَّه الإنسانُ ولَّى مدبرًا =عن حكمةٍ و نصيحةٍ وبيـانِ
وانقاد للشيطانِ في عبثٍ ولم = يدركْ مآلَ الفاسدِ الخوَّانِ
لايسمعُ الموتى نداءً صارخـا = فالصُّمُّ صمُ الوعي لا الآذانِ !
فعن الضلالةِ لم تكف فعالُهم = فرموا هناك نفائسَ الإحسانِ
عاشوا على الأهواءِ تخسفُ مالهم = من رفعةٍ تُرجَى ومن عرفانِ
واللهُ لـم يظلمْ وحاشا إنه = أهلُ النَّدى والعفوِ والتحنانِ
قد جاءَهم بالحقِّ لكن أدبروا = هـم يدفعون الحقَ بالعصيانِ
ومن الخبائث لم تجد لصلاحهم = بابا سوى باب الهوى الشيطاني
ولجوه بئس البابُ بابُ جهنَّم = هـم فاتحوهُ بذلةٍ و هوانِ
فغدا إذا مابُعثرتْ أجداثُهم = وأتوا مكانَ العدل والميزانِ
ورأوا لهيبَ النارِ يدعوهم إلى = لفحاته للوجهِ والأبدانِ
هذا مصيرُ المدبرين عن الهدى = والشَّانئين لديننا الرباني
مَن حاربوا أهلَ الفضائلِ والنُّهى = وعصوا رسول الله في الأزمانِ
أيامَ قالوا : إننا لانرتضي = بالدِّينِ وانكبُّوا على الأوثانِ
فلهم جهنَّمُ في مهادِ عذابها = فيه الذي ماكان بالحسبانِ
كانوا يعيشون الفسوق وليس من = خجلٍ ولا خوفٍ من الدَّيَّانِ
فاليوم يلقون الجزاءَ وما لهم = من شافعٍ يأتي من الأعيانِ !
واليوم لا الأنساب لا الأحساب لا = مَن يفتدي من عاشَ بالكفرانِ
يبغونها عوجا بدنياهم ولم = يصغوا إلى صوتِ العظيمِ الشَّانِ
أما الخبيث فشأنُه قد بات يركمه . = . الجزاءُ المستَحَقُ الدَّاني
هذا بلاغٌ للذين استبصروا = وتفحصوا ما لاحَ للأجفانِ
ممـا برا المولى ، وما في كونه = من آيةٍ لـو أبصرت عينانِ
في موطن الدنيا إذا راموا الهدى = نالوه بالتصديقِ والإيمانِ
أما إذا انطوت الصحائفُ وانجلى = يوم الحسابِ وجيءَ بالميزانِ
فالويل ثم الويل يومئذٍ فلا = يجدون للتأخيرِ أيَّ أوانِ !
والله ليس بمخلفٍ وعدا قضاهُ . = . وليس تُرجَى عودةٌ للفاني
طويت به صحف الحياةِ وبُدِّلتْ = دنياهُـمُ إذ حوسب الثَّقلانِ
واليوم أبواب الخلود تفتحتْ = إما لنارٍ الخلدِ أو لِجنـانِ
ذهبتْ ليالي المترفين وأقفلت = أبوابُ أهل الظلمِ والطغيانِ
قد أقسموا أن لازوال لملكهم = أبدا وتبقى بهجةُ العصيانِ !
في المال في الزينات بعدُ وفي القصور . = . العاليات اليوم والولدانِ
وبسوء مكر أو فساد عقيدة = أو عنجهية صاحب السلطانِ
هاهم هناك مقرنون بكفرهم = بئس المصيرُ لزمرةِ الخذلانِ
هذا بلاغ للطغاةِ ومَن لوى = عنقَ التَّجبُّرِ عن هدى الفرقانِ
يجدون من بعد التنعم دارهم = وادي لظى والثوبَ من قطرانِ
هيهات لو آبوا لفطرتهم ولم = ينسوا نداءَ الحق للإنسانِ
قد أُنْذِروا ولعلها تصحو القلوبُ . = . فليس في أمر الهدى قولانِ !
إمَّـا يقين بالمصير وما به = أو ميل هذي النفس للنكرانِ