*******
بيروت من تحت اللهيب تنادي = يا سائلًا .. اكل الجحيم بلادي
بثَّت مواجعها بدمع عيونها = وتكسر الصوت الحنون الشادي
الأَرْز اُحرق والغصون تفحَّمت = وطيورها سكتت عن الانشاد
كانت تعاني من عويل ذئابها = فإذا بصوت من لهيب ينادي
أنَّتْ وطال على الغصون أنينها = والحزن أمواج وطيف سهاد
الجرح جاء على جروحٍ قد بدت = للعالقين على تخوم الوادي
عذرًا أيا بيروت صوتك لم يعد = للحالمين كقبلة الأعياد
الركب يسبح في بحور متاهة = وسفينها فقد الشراع الهادي
الحاكمين بليلهم قد اُسكروا = والشعب يلعن سكرة الأوغاد
العدل يهرب في الدروب ويختفي = والظلم ينهش كل شيءٍ باد
والفقر يمشي في الشوارع يشتكي = بَطَر الولاة ، وقسوة الجلاد
وتحطمت لغة الكلام فيممت = خلف السجون بعزة وعناد
فيروزُ .. بيروت الجميلة تشتكي = غنِّي لها معزوفة الميلاد
غنِّي المرافئ والشواطئ قد بدت = أطلال تشهد عتمة الأحقاد
بقنابل قد أحرقت أجفانها = فإذا المرافئ عينها كرماد
غني أيا فيروز موسم ليلنا = فالصبح يهرب من جحيم الوادي
غنَّيْتِ قدسًا حين اُطفئ نورها = وتقلَّبت في أسرها بحداد
الآن غني لبيروت الحزينة رددي = فالغيم أسود ، والنجوم غوداي
غني عواصمنا التي قد اُنهكت = ظلمًا وقهرًا في زمان رقاد
غني لقاهرة المعز ونيلها = فالنيل يسألُ .. هل يجف مدادي ؟!
غني دمشق وغوطة من حولها = أضحت يبابًا في لباس سواد
غني لبغداد " الرشيد " وشمسها = ضاعت معالمها بموت رشَاد
غني لصنعاء السعيدة قد غدت = بالحزن مثل عصارة الأكباد
غني الحدود وقد تغرب رملها = رمل يقاسي جمرة الحسَّاد
غابت عروبتنا وولى زهوها = في اثر شرذمة بحقل قتاد
وتقاسمت أسر الطوائف أرضنا = وتحكمت بثمارنا وعتاد
سرقوا من الأرض التراب وطينها = فتغربت عن طينة الأجداد