ربِّ جئناكَ نرتجي الرضوانا = ونبذنا ذنوبَنا والهوانا
وأزلنا من الجوانحِ غيًّا = وملأنا أحناءَنا إيمانا
وسجدنا لنورِ وجهِك نحيي = ماطوتْهُ الظلماءُ في دنيانا
وتوجهْنا بالعقيدةِ سعيًا = والمثاني فلا تردَّ خُطانا
والمواثيقُ لم نخنْها ، وإنَّا = ماحيينا من أجلِها نتفانى
سلبتْنا الأهواءُ سرَّ علانا = وعثرنا والخطبُ قد أعيانا
رحمةٌ منكَ أدركتنا بعصرٍ = كادَ يطوي صباحَنا الفتانا
يذبلُ الظِّلُّ في مهامهِ عمرٍ = لم يجدْ في لأوائِها مأوانا
وتلفُّ الأحداثُ عينًا تعامتْ = وتسوقُ الخطوبُ قلبًا توانى
قد جبلنا بَرْدَ الونى بيدينا = واشتريْنا من سوقِه الخذلانا
ونحرْنا مروءةً خيَّبتْها = هممٌ أمحلتْ ، فعجَّتْ دخانا
ومضغنا مرارَها ، والمآسي = ودفعْنا خلفَ المرارِ اللسانا
وتعرَّى الإباءُ بعدَ جفافٍ = لَذَعَ الصَّدرَ وقدُه والجَنانا
وأماتَ الحياةَ لولا يقينٌ = قد تجلَّى فأدركَ الشِّريانا
وأفاضَ الرجاءَ بين ضلوعٍ = أنهكتْها يدُ الأسى أزمانا
فإذِ البيدرُ النَّديُّ ربيعٌ = وإذِ المغنى لم يزلْ بستانا
والأناشيدُ تملأُ الأفقَ طيرًا = تتهادى مع الشَّذا ألحانا
ما أذابتْ نفحاتِها عربداتٌ = لخليٍّ ردَّ الهوى عصيانا
فأفاقتْ والليلُ كاد يولِّي = ويدُ الفجرِ تدفعُ الحرمانا
أقبلتْ بالأريجِ وابتدرتْها = بقطوفٍ قد فوَّحتْ ريحانا
تلك إشراقةُ الرجاءِ لروحٍ = لم تجدْ عندَ غيرِه تبيانا
إنَّ فخري بشرعتي رغمَ قيدٍ = في يدِ المجدِ شوكُه آذانا
قد سمعتُ الغدَ الصَّبيحَ يغنِّي = كلَّ آنٍ بمسمعي جذلانا
وشهدْتُ النَّهارَ يقطعُ مـدَّ الليلِ = جليًّا فنورُه يغشانا
هي حقٌّ زُهرُ الرؤى فانتظرْها = حللاً تُلبِسُ المدى العُريانا
قوةٌ في النفوسِ كامنةٌ لو = هزَّها دينُ ربِّها برهانا
لأقامت جيلَ البطولةِ خيرًا = يهبُ الفتحَ في الورى والأمانا
ولوى عاصفَ الضَّياعِ بنهجٍ = يرثُ الأرضَ فضلُه ماتوانى
أمتي أمَّةُ النبيِّ ، ولكنْ = مادهاها ــ واحسرتي ــ ودهانا !1
* * *=* * *
أين ياطلعةَ الشُّموخِ نراها = هِممَ الأوفياءِ تُعلي الأذانا ؟!
آثرتْنا ، ونبرةٌ في شِفاهٍ = رتَّلتْ في ربيعِنا القرآنا !!
والتسابيحُ في صفاءِ قلوبٍ = من لَدُنْ ما إلهِنا أولانا !!
كم رأينا المستغفرين دموعًا = وقرأنا في المتقين شجانا !!
وعلِمنا خلودَ شرعتِنا في الكونِ = تحيي القلوبَ والأجفانا
وتعيدُ التاريخَ نبضًا نديًّا = وربيعًا معطَّرًا نشوانا
وثمارًا سِلالُها طيِّباتٌ = وطموحًا معشوشبًا ريَّانا
وإذِ الصَّحوةُ الكريمةُ شعبٌ = يتسامى وينفضُ الأحزانا
يتهاوى أمامَ عزَّتِه الذُّلُّ = ويكبو ظلامُه خزيانا
هو شعبٌ ما اختارَ إلا المثاني = للمعالي وسُنَّةً تلقانا
فارقب الفجرَ آتيًا ذا هناءٍ = يمسحُ الشَّجوَ عن وجوهِ الحزانى
نفضَ النُّورُ ماعراهم فجاؤوا = موكبًا حُرًّا بالفدا مزدانا
لم يزلْ يعمرُ القلوبَ بآيٍ = ويجافي قعودَه والهوانا
فلوعدِ الرسولِ فينا حياةٌ = أنبتتْ في صدورِنا الإيقانا
وغدًا يُمرعُ الإباءُ ويروي = من فراتِ الهدى رحيبَ مدانا
غلبتْنا الأشواقُ جندًا أقاموا = للمثاني خيامَهم مَيْدانا
حيثُ لايُبصرُ الأباةُ ثكالى = فالمدى اليومَ لم يزلْ فتَّانا
سيعيدُ الجهادُ عهدًا تولَّى = مثلما كان رحمةً وبيانا