( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُوْن ) 9/ الحجر
جاء في تفسير القرطبي : ( يقول يحيى بن أكثم: كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر ، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب حسن الوجه طيب الرائحة ، قال : فتكلم فأحسن الكلام والعبارة ، قال : فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له : إسرائيلي ؟ قال نعم . قال له : أسلم حتى أفعل بك وأصنع ، ووعده . فقال : ديني ودين آبائي ! وانصرف . قال : فلما كان بعد سنة جاءنا مسلما ، قال : فتكلم على الفقه فأحسن الكلام ; فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال : ألست صاحبنا بالأمس ؟ قال له : بلى . قال : فما كان سبب إسلامك ؟ قال : انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان ، وأنت تراني حسن الخط ، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الكنيسة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها البيعة فاشتُريت مني ، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت ، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها ، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها ; فعلمت أن هذا كتاب محفوظ ، فكان هذا سبب إسلامي . قال يحيى بن أكثم : فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة فذكرت له الخبر فقال لي : مصداق هذا في كتاب الله - عز وجل - . قال قلت : في أي موضع ؟ قال : في قول الله - تبارك وتعالى - في التوراة والإنجيل : بما استحفظوا من كتاب الله ، فجعل حفظه إليهم فضاع ، وقال - عز وجل - : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فحفظه الله - عز وجل - علينا فلم يضع
ياربِّ ما عُدنا كما كانَ الألى = أهلا لحملِ الدعوةِ السَّمحاءِ
نُقصي كتابَك ليس يحكم عندنا = والحكمُ للطاغوتِ والأهواءِ
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ ليس تهمُّنا = والميلُ باتَ لِلُعبةٍ و غناءِ
ياربِّ فامنحنا رضاك وهَبْ لنا = عفوًا يُغَيِّرُ أنفُسَ الفضلاءِ !!!
مازالً حبُّك يا إلهي حاضرًا = في القلبِ والأفكارِ والأحناءِ
فاغفرْ خطايانا وَرُدَّ ذنوبَنا = كرمًا إلى الحسناتِ لا الأسواءِ
* * *=* * *
الفتحُ لوَّحَ بالخلاصِ فلا تخفْ = من قوةٍ هي للمفاسدِ أقربُ
الفرسٌ والرومانُ والدول التي = من بعدِهم كانت قُواهُم تُرهِبُ
وبغوا بأرضِ اللهِ يدفعُهم أذىً = من جاهليتِهم أذىً يتلهبُ
فأتتهُمٌ الأقدارُ من ربِّ الورى = واللهُ إذْ جار الطغاةُ سيغضبُ
ولَّوا على أدبارِهم وتهافتتْ = تلك القوى والذُّلُّ منهم أقربُ
يا أمَّتي قومي إلى ربٍّ دعاكِ . = . فنصرُه لك في لقاهم يوهبُ
* * *=* * *
أحلامُ أوروبا غَدَتْ ياصاحبي = أضغاثُ أحلامٍ مضى مشوارُها
ستهبُّ ريحُ الخيرِ من مهجٍ لها = لِتُعيدَ مجدَ إبائِها أقدارُها
إسلامُ أمَّتِنا سيهمي جارفا = عفنَ الجُناةِ فقد أتى أبرارُها
واللهُ يحكمُ لامعقِّبَ إنْ مشى = نحو الوغى بجهادِهم ثوَّارُها
قد أوجعتْ أضغانُهم أكبادَنا = تَبًّا لهم وافى الشعوبَ أُوارُها
لكنَّه الدَّيانُ أيقظَ أمَّةً = واليومَ يُشحَذُ للفدا بتَّارُها
* * *=* * *
حُكمُ الهوى والجاهليةِ باطلٌ = فيه الضَّلالُ مع التَّبارِ المحدقِ
قد نالَ من لأوائِه متقدمٌ = أيامَ ظنَّ بأنَّه لم يُسبَقِ
وهوى به متأخرٌ فبدا وقد = لاقى الهوانَ بحالِ سوءٍ مشفقِ
ذبلتْ غصونُ حضارةٍ مازانها = دينُ الإلهِ بِشِهدِه المترقرقِ
لمَّا تزلْ أفنانُ دوحتِها على = لفحِ الخريفِ فما بها من مورقِ
هي أختُهم حزنتْ عليهم إنَّما = قلنا لها : عن ذا المصيرِ تحققي
* * *=* * *
لاريبَ : فالقرآنُ يحفظه الذي = برأَ الوجودَ وأنزلَ القرآنا
هم حاربوه لخسَّةٍ بنفوسِهم = حملتْ على إسلامنا أضغانا
لو أنهم علموا بأنَّ عداوةً = لِنَبِيِّنَا ستذيقُهم نيرانا
لكنَّهم عميُ القلوبِ فما رأوا = لجلالِه وسُمُوه برهانا
الدِّينُ باقٍ رغمَ سوءِ جحودِهم = وزَوالُهم آتٍ ألا قد حانا
هي أُمَّتي نفضتْ غبارَ هوانِها = إذْ أقسمتْ لن تقبلَ الإذعانا
* * *=* * *
لايأسَ فانتفضي فأنتِ حَرِيَّةٌ = برضا الرحيمِ وطلِّقي الأهواءَ
قومي انظري أطيافَ روحٍ أقبلتْ = جاءت لدينِ المصطفى بُشَراءَ
يااُمَّةَ القرآنِِ نجمُك لم يزلْ = رغمَ الأعادي في العلى يتراءى
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ أغناها الذي = جعلَ الشريعةَ منهجًا وضَّاءَ
خسئَ الأعادي جمَّعوا لك جحفلا = ملأ الدروبَ بحقدِه أشلاءَ
لكنَّه الفتحُ المبينُ يردُّهم = يومَ اللقاءِ ويدحض السُّفهاءَ
* * *=* * *
ماكنتَ إلا مجرما متعجرفا = ياخِبُّ تنكرُ دينَنا الإسلامي
وتحاربُ القِيَمَ الحِسانَ لأُمَّةٍ = كَرِهَتْكَ أعمى القلبِ والأفهامِ
هيهات تدركُ أن تدمِّرَ صرحَها = فهو العصيُّ على الزنيمِ الرامي
سترى السهامَ عليك يرجعُ شُؤْمُها = نارا قد استعرتْ وذاتَ ضِرامِ
كم مجرم قزمٍ ويحسبُ أنه = لغروره من عِليةِ الأقوامِ
وهو الذي بالإثمِ أمسى مثلَ مَنْ = آخى قطيعَ بهيمةِ الأنعامِ
* * *=* * *
في عصرنا هذا طغاةٌ أبرموا = بإرادةٍ عقدًا مع الشيطانِ !
لِيٌنَفِّذُوا مكرَ الصهاينةِ الذي = فيه نهايةُ محكمِ القرآنِ !
وله البنودُ لحربِ سُنَّةِ أحمدٍ = وفسادِ أهلِ شريعةِ الرحمنِ !
وبه السفورُ مع الفجورِ وخبثه = آتٍ على الآباءِ والولدانِ !
وبه الدسائسُ لم تزلْ قي زينةٍ = تغري شبابَ الجيلِ للعصيانِ !
هم يمكرون وربُّنا الأعلى لهم = ياصاحِ بالمرصادِ في الأزمانِ
* * *=* * *
هي شدَّةٌ أدمتْ قلوبًا آمنتْ = باللهِ ربًّا والحبيبِ رسولا
وهي النوازلُ والفواجعُ لم تزل = تجتاحُ عرضًا أمتي والطولا
وهي النفوسُ أخافها سهمُ الردى = يُرْمَى فتبصر في العبادِ قتيلا
ياربِّ أمتنا إليك مآبُها = لم تَرْجُ غيرَك ربَّنا مأمولا
فَتَدَارَكَنْ ربِّي تضرُّعَهَا فقد = بحثتْ وما وجدَ الصَّريخُ سبيلا
ياحيُّ ياقيُّومُ فارحمْ أمتي = كيلا يعودَ صريخُها مخذولا
* * *=* * *
القلبُ بالشَّوقِ المؤجَّجِ يخفِقُ = والحالُ بالحبِّ المعطَّرِ مُعْرِقُ
ما للسُّهادِ بمقلَتَيَّ مكانةٌ = عيني إلى الطيفِ المُحَبَّبِ ترمقُ
أسلَمْتُ فيضَ مشاعري لجمالِه = وله شَدَوْتُ فطابَ عندي المنطقُ
ومضيتُ لا ألوي إلى أحدٍ فقد = شُغِلَ الفؤادُ فمدحُ أحمدَ شيِّقُ
ما لذَّ لي إلا صياغةُ أحرفي = لقصيدةٍ في حبِّه تتألَّقُ
وإذا ذكرتُ مُحَمَّدًا أُلْفِي الدجى = برفيفِ أنوارِ المحبَّةِ يُشرقُ
* * *=* * *
إسلامُنا دينُ الإلهِ وقد صفا = ماشابَه خللٌ ولم يلحقْ عفا
يبقى ليومِ البعثِ في دنيا الورى = طوبى لِمَنْ بِهُدَى سناهُ قد اكتفى
جَمَعَ الشرائعَ كلَّها جاءت كما = شاءَ الذي بِبَنِي الأنامِ تَلَطَّفا
قد قَرَّ في هامِ الوجودِ فشأنُه = يُغري سليمَ القلبِ دِيْنًا يُقْتَفَى
حتى إذا ما زُلزِلَتْ أركانُه = وأتى قضاءُ إلهِنَا وتكشَّفا
خابَ الذي يلقى الإلهَ بكفرِه = ونجا الذي تَبِعَ الرسولَ المصطفى
* * *=* * *
دأبَتْ على حربِ الحنيفِ عصابةٌ = وعداؤُها للمسلمين عقيمُ
الَّلهُ أركسَها بكلِّ فضيحةٍ = ولها من القومِ الأُباةِ خصيمُ
كم حاقدٍ أعماهُ حقدٌ فانزوى = في خيبةٍ ، ولعلَّه المهمومُ
هو جاهلٌ أعمى برغمِ ثقافةٍ = بفسادِها البادي هو المذمومُ
لو أبطلَ استكبارَه وصحا فقد = ظهرَ البيانُ الحقُّ والمكتومُ
ولفازَ بالحسنى وأسعدَ نفسَه = وهو الذي من خيرِها محرومُ
* * *=* * *
الدِّينُ يحفظُه الإلهُ فليس من = أحدٍ يردُّ مشيئةَ القهَّارِ
إنْ يرتكبْ أهلُ الضَّلالِ حماقةً = واستنهضوا السُّفهاءَ في الأمصارِ
فمصيرُهم يرويه فرعونُ الذي = أخَذَتْهُ غضبةُ ربِّنا الجبَّارِ
فقواطعُ الأقدارِ لم ترحمْ إذا = آذى العدوُّ كتائبَ الأبرارِ
فَلْتَحْمِلِ الإسلامَ عنوانَ الهدى = وملاذّ أهلِ التَّوبِ والأذكارِ
وَلْتَبْشِرِي يا أُمَّتي بالفتحِ قد = هبَّتْ نسائمُه على الأطهارِ
* * *=* * *
آمنْتُ أنَّ اللهَ ليس بتاركٍ = أهلَ الفسادِ وزمرةَ السفهاءِ
يحيون في بطرٍ وفي عبثٍ وفي = وَلَهٍ بِحانِ الفحشِ والأهواءِ
يستهزئون بأُمَّةٍ قرآنُها = ينهى عن الإغواءِ والفحشاءِ
ويناوئون السُّنَّةَ الغرَّاءَ في = صَلَفٍ لهم وبذاءَةٍ وهُراءِ
هيهاتَ يهملُهُم قضاءٌ غيبُه = يأتيهُمُ بالطَّعنةِ النجلاءِ
لم ينجُ من أفرادِهم أحدٌ ولم = يسلمْ إذا نزلتْ من الرؤساءِ
* * *=* * *
لم تخشَ أُمَّتُنا عدوًّا غازيًا = فالنصرُ كانَ لأُمَّةِ القرآنِ
وبقدرةِ اللهِ العزيزِ وليس في = حشدِ الضَّلالِ وكثرةِ الأعوانِ
والجيشُ يُنصرُ بالعقيدةِ والتُّقى = وبإذنِ ربِّ العرشِ في الأزمانِ
فمنِ استعدَّ بما لديه من القوى = وأتى الجهادَ بقوَّةِ الإيمانِ
متبرئًا من كلَِّ مايرمي إلى = وّهَنِ النفوسِ وموئلِ الخذلانِ
فاللهُ ينصرُه بلا ريبٍ على = أهلِ الضَّلالِ وعابدي الأوثانِ
* * *=* * *
ستزولُ عوسجةُ الأذاةِ مُدَمَّجَهْ = يومَ النِّداءِ ، فبئسَ غرسُ العوسَجَهْ
ولربَّما تُسْفَى بريحِ عُتُوِّها = فالشَّوكُ لسعتُه الخبيثةُ مُزْعِجَهْ
هب بالغرورِ وبالتَّنَمُّرِ لم تزلْ = في غمرةِ استكبارِها مُتَبَرِّجَهْ
هي في الغيوبِ كتابُها يحكي لها = أنَّ الضَّلالةَ لم تَفِدْها البَهْرَجَهْ
فتبختري بين الرمالِ وعربدي = واستمتعي بسرابِ دنيا مُبْهِجَهْ
لكنْ مصيرُكِ للزوالِ فأيْقِنِي = هيهاتَ تنفعُ للغريقِ اللجْلَجَهْ
* * *=* * *
عهدي بمجدِ عقيدتي لاينثني = مهما تلظَّتْ جمرةُ الأحزابِ
فجُذورُه أرسى قواعدَها الذي = برأَ الوجودَ بحكمةٍ و صوابِ
ولربما يلفي الرَّضيعُ سفاهةً = من مجرمٍ ذي خِسَّةٍ مرتابِ
ويذيقُ من سمِّ الأذاةِ براءَةً = في نابِ كلبٍ قد عوى وذئابِ
فالكفرُ يعمي والفجورُ يجرُّ مَن = فَقَدَ الضَّميرَ لفعلِ وحشِ الغابِ
لكنْ يُجازَى ليس يفلتُ إنَّما = يلقاهُ قبلَ حلولِ يومِ حسابِ
* * *=* * *
طفحَ الأسى لاتَعْجَبَنْ وانهلَّ من = عينِ الرجالِ من المدامعِ تُفْصِحُ
ما نالَ أهليها الصَّغارُ ولا أتى = يومًا عليها من ركونٍ يقدحُ !
صُحُفُ النَّوازلِ ليس يجهلُها الذي = للهِ في ظُلَمِ الخطوبِ يُسَبِّحُ
خُلِقَتْ ليبلوكم ، هي الدنيا وفي = غدِها التَّقِيُّ من المكانةِ يُمنَحُ
والمسلمُ المشَّاءُ بالقيمِ التي = جاءتْ من الباري المهيمنِ يُفلحُ
الفائزون استأثروا بعقيدةٍ = فمُهَلِّلٌ و مُكَبِّرٌ و مُسَبِّحُ
* * *=* * *
وَلَنُهْلِكَنَّ الظالمين ، وإنَّها = لَبِشَارَةٌ ممَّنْ بَرَاكَ تعالى
فَثِقَنْ بقدرتِه وحاذرْ أنْ يرى = هذا العدُوُّ لحالِكَ اسْتعجالا
فالَّلهُ يقضي الأمرَ في تدبيرِه = والخيرُ في تدبيرِه ما زالا
لاتَقْنَطَنَّ وأنتَ ممَّنْ قد رأوا = لمَّا أذاقَ المجرمين نكالا
لايملكون وحقِّ ربِّك مأمَنًا = ممَّا جنوا فأذلَّهم إذلالا
واقرأْ هنا صحفَ الذين تمرَّدوا = و اللهُ يضربُ للورى أمثالا
* * *=* * *
إسلامُنا لبني الأنامِ يُبشِّرُ = ولكلِّ شرٍّ في البريَّةِ يُنكرُ
الَّلهُ أنزلَه برحمتِه التي = شملتْ خلائقَه وهاهي تهمرُ
وبه الذين قد اصطفاهم ربُّنا = عاشوه حقلا بالمآثرِ يزخرُ
أمَّا الذين تَنَكَّرُوا إذْ غرَّهم = زيفُ الحياةِ ، وبهرجٌ مُتَصَحِّرُ
فَهُمُ المفاليسُ الحيارى دأبُهم = مُتَعٌ تزولُ ، وبلقعٌ لايُثمرُ
فاصمدْ أخا الإسلامِ في الدنيا ولا = تخشَ العِدا . فاللهُ منهم أكبرُ
* * *=* * *
احذرْ أخا الإسلامِ رفقةَ مَن رأوا = أنَّ الحياةَ لفاجرٍ أو كافرِ
وانهضْ بنفسِكَ بالعقيدةِ إنَّها = نورُ الفتى رغمَ الظلامِ الجائرِ
فالآخرون ومَن تَتَبَّعَ سعيَهم = بارتْ تجارتُهم بصفقةِ خاسرِ
أنتَ المؤمَّلُ للعبادِ مُحَذِّرًا = من فاسقٍ ومنافقٍ ومكابرِ
لاتخدَعَنَّكَ في العصاةِ ثيابُهم = قد زُيِّنَتْ زورًا بغيرِ مآثرِ
مَنْ لم تكن تغنيهِ سورةُ والضُّحَى = سيعيشُ بهرجَ مفلسٍ ومغامرِ
* * *=* * *
لابُدَّ من فرجٍ فربِّي راحمٌ = وقضاؤُه لايقبلُ التأويلا
اللهُ قدَّرَ فَارْضَ إنَّ مشيئةً = كُتبتْ عليك فلا تعشْ مشغولا
واعلم بأنَّ الخيرَ في صفحاتها = فاصبرْ ولا تُبْدِ الأسى مخذولا
وإليه فالجأْ مؤمنًا متضرعًا = تلقَ الهَنَا لأُولي الرضا مبذولا
فالنازلاتُ إذا اكفهرَّ ظلامُها = سيجيءُ صبحُ نهارها مأمولا
يقضي الإلهُ بحِلمِه وبعلمِه = فَخُذِ القضا واستقبلِ التنزيلا
* * *=* * *
إنَّ اليقينَ برحمةِ الغفَّارِ = لَفريضةٌ كانت لدى الأبرارِ
يطوي بها ذو الصَّبرِ سوءَ رَزِيَّةٍ = حتَّى لو اتَّقدَتْ كجمرِ النَّارِ
ما دامَ أمرُ الخلقِ في يدِ مُنعمٍ = سيزولُ ما في العيشِ من إعسارِ
فهو ابتلاءٌ للعبادِ وليس مِن = مجرى العذابِ أتى على الكفَّارِ
ولذاكَ يُرفَعُ بعدَ أنْ أوفى لهم = مولاهُمُ من نِعمةٍ ويَسَارِ
واللهُ يرحمُ بعدَ توبةِ مَنْ عصى = ويُثابُ بعدَ الغيِّ والأوزارِ
* * *=* * *
ياربِّ مكِّنْ في الفؤادِ رجاءَنا = بكَ واجْبُرَنْ كسرَ الذي لكَ يسألُ
هذا زمانُ الخطبِ أحدقَ ربَّنَا = بالمسلمين وبالفواجعِ ينزلُ
فَتَدَارَكَنْ ربِّي عبادَك إنَّهم = ذاقوا المرارةَ طعمُها لايُجهَلُ !
في شامنا وعراقِنا وهناك في = يمنِ الإباءِ بلاؤُها يستفحلُ
فالدُّورُ خاويةٌ على أركانِها = والناسُ فيها قُتِّلُوا أو رُحِّلُوا
فامننْ إلهي بانفراجٍ منك لا = تَبْقَى دقائقُ خطبِهم والمجملُ
* * *=* * *
دَعْها تَرَ الأفذاذَ من أبنائها = وهي التي إنْ شاهدَتْهم تُفْجَعُ
أبناؤُها الأبرارُ باتَ ينوشهم = سجنٌ وبابُ أذى يَدَيهِ مزمعُ
وكأنَّهم أسرى لدى أعدائِهم = فلهم عذابٌ بالفضائع ِيُشرَعُ
خطُّوا بصبرِهم الجميلِ رسائلا = تروي معاني صبرِهم إذْ رُوِّعُوا
والشَّامُ تدري ما السجونُ وما الأذى = ساءَ المصيرُ بها وساءَ المطلعُ
لكنَّهم صبروا فكان ثوابُهم = عندَ الإلهِ وفيرُه لايُقطَعُ
* * *=* * *
هذي بلادُ المسلمين مآتمٌ = أضحتْ بدنيا العالمين مثالا
نالتْ يدُ الطغيانِ منها زهوَها = ورمَتْ بَنِيْهَا بالهمومِ ثِقالا
وهي التي كانت لكلِّ مروءةٍ = أهلا ونالت في الأنامِ كمالا
تشكو مناكبُها التي قد أُنْهِكَتْ = تَعَبًا أخَلَّ بعزمِها و كلالا
دخلتْ بها دنيا العجائبِ كونُها = أهل المكانة منه جلَّ تعالى
أتُصابُ بالنَّكباتِ تقصمُ ظهرَها = والوحيُ هلَّ بأُفقِها إهلالا
* * *=* * *
لا . لم يُحَرَّفْ . إنَّه في حفظه = وَلْيَخْسَأ الأعداءُ أعداءُ الحنيفْ
أبدًا ولن يقوى على طمسِ الهُدَى = حقدٌ ولا بغيٌ ولا كيدٌ عنيفْ
أفياءُ مصحفِنا نسائمُها لنا = روحٌ تجدِّدُ أمسَنا العَطِرَ الوريفْ
هو في القلوبِ مكانُه . لمكانةٍ = تسمو ، وليس مكانُه فوقَ الرفوفْ
رَتِّلْهُ في الآناءِ تَرْقَ منازلا = عندَ الكريمِ غدًا إذا طالَ الوقوفْ
بشراكَ لا تخشى المسيءَ ولا الذي = يشويه جمرُ الحقدِ أو نارُ الصروفْ
* * *=* * *
الَّلهُ يسألُ مَن طغى فيها ومَن = لم يرضَ بالإسلامِ في الدنيا نظامْ
فاصدعْ به ماضرَّك الأعمى فقد = ضلَّ الطريقَ وضاعَ في هرجٍ وَهَامْ
وانهجْ سبيلَ المصطفى ، واصبرْ إذا = ما ضاقَ صدرُك من أقاويلِ اللئامْ
واعبدْ إلهَ الخلْقِ لا تحزنْ ففي = ذكرِ الإلهِ سكينةٌ تنفي الأُوامْ
لايأخُذَنَّك مكرُهم فلهم وإنْ = ظهروا بهذا البأسِ طغيانًا ضِرامْ
وادعُ الذي بيديه كلُّ الأمرِ لا = تنسَ الدعاءَ عليهمُ فهو السِّهامْ
* * *=* * *
وهنا عقيدتُنا ، هنا بقلوبنا = ولها الفيالقُ بات يرهبُها العِدا
والمُلكُ للدَّيَّانِ يحفظُها وكم = أفنى أعاديها على طولِ المدى
مهما فعلتُم لن تضروها ولن = تُطوَى صحائفُها فأُمَّتُنا الفِدا
اللهُ أنزلها وأكرمَ أهلَها = من فضلِه ولأجلِها يحلو الردى
تُتلَى مثانيها فتحيا أنفسٌ = وتهبُّ تنصُرُ حينما يدعو الهدى
والسُّنَّةُ الغرَّاءُ إرثُ مُحَمَّدٍ = تُفدَى ، ونفدي بالقلوبِ مُحَمَّدَا