ولدي يزورُ حديقةَ الحيوانِ=ويعودُ يحكي لي كوصفِ عَيانِ
ويقولُ: يا أبتي رأيتُ مَشَاهِدَاً=تَدَعُ الحليمَ هناكَ كالحيرانِ
إني رأيتُ الذئبَ يظهرُ بأسَهُ=في نعجةٍ منهدّةِ الأركانِ
ورأيتُ قرداً فاسقاً متلصصاً=يرنو إلى أنثى لدى الجيرانِ
ورأيتُ ديكاً مُتْخَمَاً شَبِعَاً ولمْ=يرمْ الفُتَاتَ لجارِهِ الجوعانِ
ورأيتُ ليثاً خائراً متخاذلاً=وعرينُهُ بقيادةِ الجرذانِ
ورأيتُ صقراً غافلاً وإناثُهُ=مفتونةً بالبومِ والغربانِ
ورأيتُ ثوراً كمْ يظنُّ خِوارَهُ=شَدْواً كشدْوِ بلابلِ البستانِ
ورأيتُ دبُّاً كالكثيبِ ضخامةً=ويظنُّ قامتَهُ كغصنِ البانِ
ورأيتُ للحرباءِ ألفَ عباءَةٍ=لتبدلِ الأحوالِ والأزمانِ
والثعلبُ المكارُ عشى خاشعاً=متظاهراً بالزهدِ والإيمانِ
فصرختُ أَقْصِرْ يا بنيَّ ولا تزدْ=وصفاً فتلكَ حديقةُ الإنسانِ