(( التقاني في الحرم المكي الشريف أواخر شهر رمضان المبارك لهذا العام 1430هـ أحدُ الإخوة الأحبة الذين اعتادوا الصلاة في جامع الراوي بدير الزور ـ أيام زمان ـ أي منذ ثلاثين عاما أو تزيد ... فتعانقنا وبكينا واستذكرنا الأيام الخاليات ، والحديث ذو شجون ــ كما يُقال ــ وطال الحديث وشكى تفلُّتَ الأبناء والبنات وضياع مسيرة القيم ... ولهؤلاء حقوق لايعرفها أو لايجيد تأديتها إلا الذين يعرفون حق الله في إنجازها ... ))
هوامش :
1 ــ الشِّيات : العلامات
2 ــ القناة : الرمح
3 ــ دعاة الخير والأمر بالمعروف
4 ــ البزاة : أنواع من الطيور الجارحة
5 ــ إشارة إلى الأخ الحبيب الذي شاهدتُه في الحرم المكي الشريف
6 ــ صغار الغنم
تحيَّاتي لأبناءِ الفراتِ = وحبِّي للشبابِ أولي الثَّباتِ
فكم من ليلةٍ قد بتُّ فيها = أجدِّدُ في محبَّتِهم حياتي
وأرجو أن يوفقََهم إلهي = لفعل الصَّالحات الباقياتِ
وأسألُ خالقي في كلِّ فجرٍ = لهم حفظًا ، وأوقاتِ الصَّلاةِ
وأن يرعى يفاعتَهم ، ويُحيي = عزائمَهم بشذوِ البيِّناتِ
فهم ــ والَّلهِ ــ ثروةُ كلِّ خيرٍ = وفتحٍ في الليالي المقبلاتِ
أحبُّ شبابَهم في الله يسمو = جباهًا بالطَّهارةِ مشرقاتِ
أُحبُّ نشيدَهم يروي نشيدًا = تثاقلَ بالمكارهِ والأذاةِ
أُحبُّ بهم طيوفًا خالداتٍ = لأجيالِ النُّبوَّةِ والهداةِ
أبو بكرٍ وخالد والمثنَّى = وأصحاب الفدا والتَّضحياتِ
شباب ٌ في الفراتِ وليت شعري = وقد لبسَ الجميلَ من الشِّياتِ (1 )
مرابعُهم بأرضِ الدَّيرِ تَحكي = عن القيمِ الحِسانِ النَّيِّراتِ
ونهرُهُمُ الفراتُ يفيضُ وُدًّا = ويُغني بالسَّجايا المؤثراتِ
ويسقي الظَّامئَ الملهوفَ حبًّا = تميَّزَ بالوفاءِ وبالصِّلاتِ
سيبقى صافيًا عذْبًا فراتًا = يعيدُ حياةَ قيعانٍ مَوَاتِ
وتربو في مغانيه السَّجايا = وتقوى فيه صانعةُ القناةِ (2)
أُحيِّيها لنا أمًّـا وأُختًا = ورمزا للوجوهِ الخيِّراتِ
تعالتْ بالحجابِ ، وبالتسَّامي = على سوقِ الأسافلِ والجناةِ
وبالأخلاقِ تشمخُ في زمانٍ = خلا ــ ويحَ الزمانِ ــ من الحُماةِ
وكشَّرَ فيه أربابُ الدنايا = عن الأنيابِ ، أنيابِ البُغاةِ
وعاثوا بالفسادِ ، ولم يُراعوا = حقوقًا للمآثرِ والعفاةِ (3)
وعاشوا كالذِّئابِ بلا حياءٍ = وحاموا كالطُّيورِ الجارحاتِ
فبئسَ الأرضُ من نتنِ انحطاطٍ = وبئسَ الجوُّ من عبثِ البُزاةِ (4)
رويدك يا أخي ، إني حفيُّ = بما لأحبتي من واجباتِ
رآني عند زمزم أستقيها = لقلبٍ ذي همومٍ راعفاتِ (5)
فعانقني ، وقد طالت ليالٍ = يساقيها النَّوى متبلداتِ
بكى وبكيتُ في الحرم المفدَّى = أخو التَّقوى سُويعاتِ الغداةِ
وأنبأني بعلمٍ ليس يخفى = على مثلي ، بزيغٍ وانفلاتِ
وقال : تركتُمُ الأبناءَ نهبًا = بأيدٍ واهناتٍ مجحفاتِ
يُساقُ شبابُهم كقطيعِ بَهمٍ = إلى أسواقِ شؤمٍ مزرياتِ (6)
فزيغٌ وانحلالٌ فانحدارٌ = ولهوٌ في الضياعِ وفي الشَّتاتِ
وعصيانٌ لربِّي ، وامتهانٌ = لآباءٍ لهم أو أُمهاتِ
فقلتُ : كفى أخي قد زدْتَ نارًا = على أحناءِ قلبي اللاهباتِ
فلم نملكْ سوى صدقِ النَّوايا = يُجَدَدُ في الليالي المظلماتِ
وأن يحمي الكريمُ طريقَ خيرٍ = لكلِّ فتىً ــ بديري ــ أو فتاةِ
وأن تُجلَى عن المقلِ الدَّياجي = وتشرقُ ( ديرُنا ) بالطَّيباتِ
وتؤنسُهُم ببهجتِها المثاني = فنعمَ حُنُوُّها بالمشفقاتِ
أناديهم ، وقلبي في رباهم = يطوفُ مع القلوبِ العاتباتِ
ألا يافتيةَ الوادي فثوبوا = إلى الدَّيَّانِ ربِّ المرسلاتِ
ولا تنسوه رحمانا رحيما = رؤوفًا بالخلائقِ ذا أناةِ
بكم ثوبُ الرجاءِ ، وليس يبلى = نسيجُ رجائِنا في الأمنياتِ !!
وأنتم من بني قومٍ كرامٍ = ومن أحفادِ فرسانٍ أُباةِ
فكم من عالِمٍ بَـرٍّ رأيتُم = عدى للحقِّ من قومٍ عُصاةِ
رأى الإسلامَ فاستحلى التَّغنِّي = بما في سِفرِه من سامقاتِ
وأغنى إرثَنا بسنى المعالي = وأوصى بالتُّقى قبلَ المماتِ
فباهى مجدُنا بالشرعِ حكما = سديدا في الرواياتِ الثقاتِ
وجاءَ نبيُّنا يهدي البرايا = فضاءَ رحابُها بالبيِّناتِ
وأسرجَ ــ ويحكم ــ حبَّ ارتقاءٍ = وحبَّ ركوبِه بالمنجزاتِ
وأنتم ــ أيُّها الأبناء ــ جندُ = فلا تهنوا أمامَ المغرياتِ
فزادُكُمُ المودةُ والتآخي = فأتعمْ بالمزايا الخيِّراتِ
شبابٌ عانقوا هامَ الثريَّا = بأنفُسِ عزَّةٍ متحفِّزاتِ
وجاؤوا اليومَ أفذاذًا توخَّوْا = فرائدَ بالهدى متجدداتِ
وهاهم أدلجوا طلبًا لفضلٍ = بعلمِ شريعةٍ وبتقنياتِ
فجدُّوا أيُّها الأبناءُ جِدُّوا = ولا تلهو بزيفِ التُّرَّهاتِ
ولا تغرُرْكُمُ الدنيا ، وترضوا = ضياعًا بالأُمورِ التَّافهاتِ
فأنتم ثروةُ الأوطانِ تبقى = وتفنى كلُّ ثرواتِ الحياةِ
بكم ترقى البلادُ ومن يديكم = ستغنى بالرفاهِ وبالهباتِ
فلا تستصغروا فيكم رجاءً = سيكبرُ في الليالي الآتياتِ
ولا تتوجَّسوا يومًا ، وخوضوا = بحورَ العلمِ في كلِّ الجهاتِ
ففي الإيمانِ عزُّ لايُجارَى = وبالتعليمِ أسبابُ النجاةِ
فذلك شأنُكم ، والدِّينُ حبلٌ = به فاستعصموا قبلَ الفواتِ