أسرجت في حب الحبيب نياقي = ومضيت محمولاً على أشواقي
كل القوافل للحجاز مسيرها = مهوى القلوب وملتقى العشّاق
مسكونةٌ بالحبّ كل جوارحي = وهواهُ ملءُ السمعِ والأحداقِ
أنا غرسة من رَوْضِهِ قد طالما = رُوِيَتْ بماء مَعينِه الرقراق
زادي هواه وحبّه مُتَنَفَسي = ما اشتدَّ من همّ علي خناقي
يا حسنَ من أهواه ليس كمثله = في العالمين مدى الدهور ألاقي
أمضيت شطراً من حياتي في الهوى = في حُبِّ من أهوى يُشَدُّ وثاقي
أرنو إلى فَلَكِ النقاء وابتغي = وانا المُكبّل في القيود عتاقي
لما أتى هذا الوجود أحالـه = كونا من الأنوار والإشـراق
يا يوم ميلاد النبي منـارةٌ = في الدهر لا أعلى على الإطلاق
ولد الهدى والنّورُ يومَ قدومهِ = وأقيمَ صرحُ مكارمِ الأخـلاق
فإذا المؤذن في الوجود منادياً = في الخلقِ كي تغدو إلى الخلاّق
وإذا المدى أنشودةٌ والكون مسـ=ـرحُ ألفةٍ ومحبّةٍ ووفاق
والنّاس في ظل الهداية إخـوةٌ = لا وزن للأجناسِ والأعـراق
تمشي على الأرض العدالةُ فالدّنى = فيضٌ من الخيرات والأرزاق
كنا لهذا الكون مهجته التي = يحيا بها وعيـونَه و مآقي
جيلاٍ فريداٍ قد تربّى عندمـا = قد طـاب موردُهُ وطابَ الساقي
يا حسنَه ذاك الزمانُ لقد مضى = وأمـورُنا صارت إلى إخفاق
ما أتعس الإنسان حين يعود للشـ=ـيطان بعد العتق لاسترقاق
عدنا إلى هبلٍ و كل زِمـامِنا = آلتْ لكل منـافقٍ أفَّاق
عزٌّ لنا قد كان زالَ وهُدِّمَـتْ = أركانُ صرحٍ شامخٍ عمـلاق
لما قعدنا عن جـهادٍ واجبٍ = والحـقّ لا يعلو بلا إحقاق
وبنو الرسالة في مجاهل تيههم = متناحرين بعِّزة وشـقاق
هنّا وطال هواننا حتى غـدت = أحوالنا تدعو إلى إشـفاق
لم يبق بعد نكوصِنا عما إليـ=ـه رفعتنا بين الورى من باقي
كخميلةٍ مهصورةٌ أغصانُها = أو دوحةٍ صارت بلا اوراق
حدا بلغنا فيه أنّ كلابهـم = بنباحها طالت عُلاك الراقي
ما شسعُ نعلِكَ بالذي هاماتهم = ترقى له حتّى ولو بمـراقي
كيف الحضيضُ ينالُ من شمس الضّحى ؟! = هذا لعمرك غايةُ الإغلاق
مَنْ أُوتيَ الذكرَ الحكيمَ مرتّلاً ؟ =أو صار غيرُك فارساً لبراق ؟
مَنْ مُرسَلٌ إلاّك قد بلغ العلا = ومضى سموّا فوق سبعِ طباق ؟!
عفواً حبيب الله عن تقصيرنا = حتى غدونا مطمع الفُسّاق !
"إلا رسول الله" قولةُ عاجزٍ = محشـوةٌ زوراً وقولَ نِفَاقِ
كل يكنّ الحب في أقوالـه = و فعاله حـآـبر على أوراق
لو كان صدقا ما استحلّوا ذبحنا = وكأنهم في قتلنا بسباق
ما الحبّ إلا في اتباعً صادقٍ = بالفعل لا بتشدّقِ الأشداق
ما كان حبّكَ في التّظاهرِ ساعةً = وصُراخِ آلاف على الأبواق
ونعود نخلد للسكينة بعـدها = ومهانة تزداد بالإطباق
في كل ناحيةٍ يُذَلُّ المسلمون ودأبُهم = للسّجن والتقتيلِ والإحراق
أو هاربين بدينهم عبر البحار= يواجهون الموت بالإغراق
لولا مسحت بكفك الخضراء= فـوق يَبابنا فيعود للإِغداق ؟!
ومنحتنا لجراحنا بُرءاً بما =أعطـاك من سوّاك من ترياق ؟!
ها إننا وهداك نُصبَ عيونِنا = متغلغلاً ما دام في الأعماق
عهداً قطعنا أن نسير طريقنا = مهما تعبّد بالدّم المـهراق
حتى السلامُ يعود للدنيا وتعـ=ـلو رايةُ التوحيد في الآفاق
والباطلُ المنفوشُ آت يومُه = لا بد مهما جال من إزهاق
صلّى عليك الله ما طيرٌ شدا = أو حنّ مشتاقٌ إلى مشتاق