ولبعضِ أهلِ العصرِ رأيٌ صائبٌ = بالعودةِ المُثلى إلى الله العلي
دين النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ فيه المنى = والخيرُ في الإسلامِ جدُّ مؤصَّلِ
إيَّاكِ أختَ المجدِ أن تتأوَّلي = فضياءُ شمسِ عهودِنا لـم يُجهَلِ
أَوَ يُنْكَرُ النورُ المبينُ وقد جلا = عبثَ الدجى ، والنُّورُ لـم يتبدلِ !
أولم يَرَ الإنسانُ حكمةَ ربِّنا = فيما مضى عبرَ الزمانِ الأوَّلِ !
وعلى مدى الأحقابِ غابَ ببطنها = مَن عاشَ في الأعلى ومَن في الأسفلِ
ألقتْ يــدُ الأقدارِ كلَّ حشودِهم = في جوفِ أرضٍ بعدَ طيبِ المنزلِ
أين الذين تجبَّروا ؟ أين الذي = من قبلُ قال : أنا الزعيمُ أبو علي ؟
غابوا جميعًا والفضائحُ في غدٍ = لمُكَذِّبٍ خبرَ النَّبِيِّ المرسلِ
لـو شاءَ ربُّك لـم تجدْ من ظالمٍ = متغطرسٍ وعلى الكراسي يعتلي
لكنَّه جعلَ المصيرَ كما أتى = في محكم الذكرِ المبينِ الأفضلِ
في هذه الدنيا حكاياتٌ لهم = لكنْ فصولُ حسابِهم فيمـا يـلي :
هـم في لظى لايبرحون قيودَهـا = ومن اليمينِ لهيبُها والشمألِ
حُرموا نعيمَ الأُنسِ في دنيـاهُـمُ = رغمَ البهارجِ زيفُها لـم يرحلِ
عاشوا سُويعاتِ اللذائذ والهوى = والكِبرُ في ثوبِ الحريرِ المسبلِ
يغدون في وحلِ المعاصي لم يكن = فيهـا الرضا لفراسةِ المتأمِّلِ
لاترقُبَنْ منهم لخيرٍ غيمةً = تسقي قلوبَ ذوي العيونِ الهُمَّـلِ
من شعبِهم ، ناهيك عن قيمٍ خَوَتْ = آثارُهـا كانت لِبِـرِّ المُـرملِ
وهي الحياةُ ، وأهلُها لو أنصفوا = لتسابقوا شطرَ الهدى المتهللِ
وأتوا محاريبَ الإنابةِ سُجَّدًا = للــهِ لا لبريقِهـا المتعجلِ
أولم يروا هذي القبورَ وأهلَهـا = ومآلهم بيدِ القضاءِ الفيصلِ
جاءَ الأثيمُ وبأسُه أخوى فلم = ينفعْهُ بأسٌ أو صروحُ المعقلِ
واقتيدَ تغشاه المذلةُ والأسى = وتراهُ من بعد الغنى بالأعزلِ
وعجائب الدنيا نراها هكذا = وقضاءُ ربِّ العرشِ لـم يتعجلِ
تجري بحكمةِ بارئٍ جـلَّ الذي = بـرأ الوجودَ على المرادِ الأكملِ
دولٌ تسودُ بكفرِها ، فجحودُها = آتٍ عليهـا في الزمانِ بمَقتلِ
حكمتْ بكفرٍ ، واستغلَّ طغاتُهـا = وَهَنَ الشعوبِ فأوغلوا بمُزَلْزَلِ
بِعُتُوِّ مأفونٍ ، وطيشِ معربدٍ = وخيانةٍ أزرتْ بعقلِ الأحيلِ
فترى بني هذا الزمانِ بفتنةٍ = يخشون أيامَ الزمانِ المقبلِ
لاعيشهم يصفو ولا هـم بُشِّرُوا = بزوالِ هذا الكربِ في المستقبلِ
يحيون والأرزاءُ تأكلُ أُنسَهم = وظلامُ ليلِ شقائِهم لم ينجلِ
فاللهُ أكرمهم بعقلٍ قد صحـا = من غفلةٍ كانت وسوءِ المعزلِ
ماكان للأوهامِ خابَ خدينُها = لكنْ تعهدَهم بخيرٍ مجزلِ
فبأمِّ أعينِهم رأوا ضنكا فلم = تنفعْهُمُ الشكوى ورأيُ الأحولِ
أو فاسقٍ آخى اللذائذَ فانثنى = عمَّـا تسامى في ظلالِ الموئلِ
اللهُ أكرمهم به كي يعبدوه . = . ولا تتيـهُ خُطاهُـمُ في المجملِ
والحاكمون بغيرِه ضلُّوا فلم = يجدوا مدى الأيامِ عذْبَ المنهلِ
هـاهم حيارى أو سكارى قادهم = من سامقٍ يُرجَى لقاعِ الأسفلِ
فمتى يعودُ الناسُ للمولى الذي = آلاؤُه فاضتْ ولمَّــا يبخلِ
فهو الكريمُ وفضله لاينتهي = وهو الغفورُ لتائبٍ ومُؤمِّلِ
وهو المجيبُ لسائلٍ قد عضَّـه = نابُ الزمانِ ، فياحناجرُ هَلِّلي
واستأنسي باللهِ تَلْقَيْ رحمةً = ودجى النوازلِ عن رحابكِ ينجلي
ناموسُ حكمِ وجودِنا هـو واحدٌ = اللهُ أدناهُ لمَـن لـم يجفلِ
مَن عاشَ للإسلامِ ألفى عــزَّةً = وبغيرِه ربُّ الورى لـم يحفــلِ
فله الشَّقاءُ وإن تنعَّمَ حقبةً = والويلُ سوءُ الويلِ للمتأولِ !