مرورا على الدرب الذي هو مخلدي
وذوى العمر المشجو وما زال النخل يظلل واحة سيدي يحي(1) وضفائر تلك الشجره (2)
ما زال النهر الجاري يعشق دفقتها وأنا ما زلت أعلل هذا القلب بطيف الصورة في زمن القتره
يجرفني سيل الذكرى وأنا أتسمر فوق الطين وأغرق في النبع الصافي آه ما أعذب ما كانت أحلام الطفل العاشق في لحظات الأنس المندثره
يعرفني هذا التل وذاك الكهف (3) ويذكرني الطوفان القاني، وحنان الجدة يعصمني من هول الماء فمن يحفظني من عاصفة الأحزان المنتظره
من يدلج في أدغال الليل الجهم ويطعن صدر الوحش الرابض فوق الأشلاء ومن يبطل أوهام السحره
من يؤمن مثلي بالكشف ويدخل في ملكوت العشق فإني ضقت بأعراف الكفره
يسكرني عطر الميموزا أفنى في الصمت وأصغي في نعسات الحلم لهمس الأصوات المستتره
يا وجدة من أنساك فصول الوصل المستعره
ما حلت عن العهد المسؤول فضميني إني أتألق شوقا
لم أنس ربوع الصبوة يا أحلامي اهتزي في أحياء الأمل المخذول ثبي
لم ينس القلب أساطير الليل ثبي
إني أتوهج شوقا
يا سر الأسرار تنزل في هذي الليلة وانزع ما في صدري من غم
إني أتمزق في ليل البؤس فهب لي من فيض الإشراقة رزقا
باسمك أسري من أقصى الدرب إلى أقصاه وفي معراج الحظوة أرقى
أنا لا أهوى الأهواء فما عندك يا سر الدفقة أبقى
أنا منذ الخلق الأول حطمت الطوقا
ومضيت أعب من الشلال وأستوحي الأفقا
لكني الآن أحس بأني في هذا البلد الميت أساق إلى درك الحلكة سوقا
يا سر الأسرار تنزل وابعث في صدري رشدا
إني أهوى الشرقا
النجم الخافق من خلف الأسوار يشع يشيع الدفء الحالم في زمني
يا وجدة إني أجتاز دروب الصمت فمن في درب العسر يرافقني
أخرج من جلدي أتجرد من بدني
1 واحة سيدي يحيى تبعد عن وجدة بستة كيلومترات
2شجرة يطلق عليها اسم سالف العذراء
(3) غار الحوريات في سيدي يحى
(4) الحي الذي ولدت فيه
وسوم: العدد 912