صُروفُ الدّهرِ تتحدُ = هُنا والقَهرُ والكَمَدُ
هنا سوريّةُ الحمراءُ = مزّقَ ثوبها الأسَدُ
هنا الشهداءُ تحتَ القَصـ=ـفِ لا حصْرٌ ولا عَدَدُ
على طولِ الحدودِ هُنا = خِيامُ البُؤسِ تمتدُّ
هنا الأحياءُ أشباحٌ = بِرَسْمِ الموت قد وُلِدُوا
رِحابُ الأرضِ قد ضاقت = بها مأوى فَلَم يَجِدوا
على الحَسراتِ ما ناموا = وما قاموا وما قَعَدوا
خيامُ الذلِّ مسكنُهم = بِها الآلاف تحتشدُ
شِتاءُ القومِ مأساةٌ = إِذا مَا زَمْجَرَ الرَّعْد
فما أن يُمطَرُوا حتى = كمثلِ مسابحٍ تغدو
وما صيفٌ لهم صيفٌ = به كالنَّاس قد سُعدوا
كأفرانٍ تَصيرُ إذا = عليها الحرُّ يشتدُّ
سنونٌ لم تزل تمضي = ولا أملٌ لهم يبدو
وفي الآفاق لا حلٌّ = لهم يرجى ولا وعدُ
دروب القوم موحِلَةٌ = وكلُّ جِهَاتِهم سدُّ
وهذي المِحْنَةُ الحُبْلى = كوارثَ لم تزل تَلِدُ
لَقَد كانت لهم دورٌ = ومنها عنوة طُرِدوا
ولا ذنب لَهم إلاّ = لهم دين به اعتقَدوا
أرادوا العيش أحرارا = فسِيموا الخسف و اضطهدوا
تُذيب الصَّخرَ حالتُهم = ولا يرثي لهم أَحَدُ
وأصل الشرِّ طاغيةٌ = لئيمٌ حاقدٌ وغدُ
على التاريخ لم يظهر = له مثلٌ ولا نِدّ
بإجرامٍ وتقتيلٌ = وحقدٌ ما له حَدُّ
رئيسُ القومِ قاتِلُهم = فأي تعجب بعدُ ؟!
وهذا العالم الكذّاب= لا دينٌ ولا عهدُ
يُراوغ لم يزل حتى = يواصلُ بغيَهُ الأَسَدُ
علي كرسيِّهِ يبقى = ولو قد أُحْرِقَ البَلدُ
وإنسانيةٌ لُحِدت = هنا من بين لُحدوا
وعُرْبٌ قِيلَ إخوتنا = لديهم يُبْتَغَى السَنَدُ
فكانوا يا لَخَيبتنا = عليهم ليس يُعْتَمَدُ
فأُمَّتُنَا التي كانت = لها في المََكْرُمات يَدُ
غَدَت رهناً لطائفةٍ = من الحكَّام قد فسدوا
حُثالات فلا بأسٌ = لهم يُرجى ولا رَشَدُ
* * *=* * *
بربك إن مَرَرْتَ بِهم = تَرَفَّقْ أيُّها البردُ
على الأطفالِ لا تقسو= صغَارٌ ما لهم جَلَدُ
عليهم لا تَكُن عوناً = كَفَاهم حِقْدُ مَن حَقدوا
مِنَ الأعوانِ ما لاقوا = وما عانوا وما شَهِدُوا
ويا شَمس السما رفقاً = بمن لله قد سَجَدوا
لهم يارب كن غَوثاً = ومَنْ إلاّك يا صمدُ ؟!