في قبضةِ الأسرِ ، أو في عضَّةِ القيدِ = تفاءلتُ ، لافي رقصةِ الغيدِ من وجدِ
فمن أنَّةِ الأحناءِ لوَّحت المنى = بشائرَ صبرٍ لاهواجس مرتدِّ
فقمْ واسقِ شوقَ الروحِ من ظمأ إلى =أغاريدَ تهفو للأباةِ من الخلدِ
أسارى بديجورِ القيودِ تململوا = أبى رغمَ لذعِ الكربِ حاديهُمُ يُبدي
إلى القمرِ الَّلماحِ في هدأةِ الدجى = إلى الأنجُمِ الزُّهرِ المطلةِ من بُعدِ
إلى التيهِ في كهفِ المخاطرِ إنْ بدتْ = على ذيلِ همسِ الوهْنِ غائلةُ البردِ
إلى الليلِ يطوي دونهم لهفةَ الرُّؤى = إلى النُّورِ من بينِ الكُوى ومضُه يهدي
إلى ذكرياتٍ للصِّبا تمنحُ الرضا = لتعصفَ بالآهِ المزمجرِ بالحقدِ
إلى الناسِ ناموا ، والضُّحى أيقظَ الدجى = وما استيقظَ اللاهي ، ولا ناعمُ البُردِ
إلى وجهِ جلاَّدٍ زنيمٍ معربدٍ = فلا أدمعُ تسلي ، ولا أنَّةٌ تجدي
رأوا خلفَ عسفِ الظُّلمِ زهوًا لمَنْ علا = بإيمانِه الوثَّابِ يعلو على القيدِ
إلى اللهِ ... أهلُ البِرِّ والعدلِ والهدى = حنوا هامَهم فخرًا بعزَّةِ معتدِّ
وللهِ ماحازوه من حقلِ عُمرِهم = يهونُ ، ومن روح تجودُ ومن وُجدِ
يراهم وللدَّيانِ حولٌ وقوةٌ = ويمنحُهم صبرًا على قسوةِ السَّهدِ
فدنياهُمُ ــ والموجعاتُ بساطُها ــ = تفوحُ بنسرين المحامدِ والرَّندِ
رأوا عزَّهم فيما يطاردُ أُنسَهم = ومتعةُ ليلِ الأنسِ للصابرِ الجلدِ
يبثُّون شكواهم لغيرِ غريمِهم = ويهوى لئيمُ الطبعِ طابَعها المخذي
وينتفشُ المغرورُ كِبرًا و خسَّةً = على قولِ زهوِ الصَّبرِ : يالك من وغدِ !!
* * *=* * *
صحونا وللأيامِ ماجدَّ مفزِعًا = وما فجَّرتْ لأواؤُها من أذى الصَّدِّ
وهشَّتْ بوجهِ المجرمين ، وقطَّبتْ = جبينًا بوجهِ الصَّالحين على عمدِ
تناهبنا الأعداءُ شرقًا ومغربًا = كَكَومِ حصيدٍ ، أو طريدةِ ذي صيدِ
فولَّتْ إلى الرحمنِ ترجو وجوهُنا = مباسمَ فتحٍ بالمآثرِ ممتدِّ
طوى الليلُ ماضمَّتْ إليه ضلوعُنا = يقينًا بنصرِ اللهِ في زحمةِ الكيدِ
ينابيعُه لم تجـرِ إلا من العنا = ولم تنبجسْ بالنورِ إلا من الرُّشدِ
فأصلحْ لنا ياربِّ دنيا يزينُها = حنينٌ إلى رحماك ريِّقةَ المجدِ
فصحبةُ هذا القيدِ عهدٌ على الوفا = وألحانُه العجفاءُ من عزمِنا الصَّلدِ
مع الفجرِ والتكبيرِ لم يبقَ نائمٌ = ولا صارمٌ إلا وجُرِّدَ من غمدِ
يعيدون بالدينِ الحنيفِ حضارةً = نهارُ محيَّاها يفيضُ مع السعدِ
فقد ناءَ ظهرُ العصرِ من طولِ بغيِها = ومن حُلوِها العريانِ من صفةِ الوُدِّ
فما أورقتْ فيها خمائلُ رحمةٍ = على الناسِ أو رقَّتْ لدمعٍ على خـدِّ
ولا أثمرتْ للناسِ عدلاً ، ولا رأتْ = دواءً كما يُرجَى لأعيُنِها الرُّمدِ
دعِ اليومَ ياعصرَ المآسي مسيرةً = تعُدْ بكتابِ اللهِ للسَّهلِ والنجدِ
بها الخيرُ فوَّاحُ الطيوبِ زمانُه = وفيه أمانُ للورى من أذى الصَّفدِ
كفاكَ تبيعُ النَّابَ والظُّفرَ جملةً = وتجعلُ للآمالِ جزءًا من الوأدِ
بغيرِ هدى الرحمنِ ياعصرُ لم تزلْ = أسيرَ قُوى الطغيانِ في الحَلِّ والعقدِ
وبئسَ القُوى ها قد أرتنا نفوذَها = دمارًا به الأحقادُ تعصفُ كالرعدِ
وكان لها الإنسانُ ــ والموتُ دونها = برغمِ رياءِ الأدعياءِ ــ على وعدِ
إذا لم تجدْ ياعصرُ فيهم سنىً ولا هدىً = فأبرمْ لأهلِ اللهِ ما كان من جدِّ
وينبئُكَ التأريخُ عن طهرِ نهجِنا = وما في خوابينا الأثيرةِ من شَهدِ
لقد آنَ ياعصرَ السَّفاهةِ أن ترى = فضائلَ للإسلامِ جلَّتْ عن العدِّ
فكبِّرْ وهلِّلْ شاهدًا ومبشِّرًا = بأنَّ فلاحَ الخلقِ في سورةِ الحمدِ