لا غربةٌ مِن لظىً تأويكَ لا وطنُ = و لا رحيلُكَ للمجهولِ مُؤتَمَنُ
و لا المسافاتُ أعيَتْ مَن يُصاحِبُها = أرتالُ صبرِكَ فيها الدّربُ يُمتَحنُ
تمشي بخطوِكَ في دربٍ يُنازعُهُ = بينَ التمنّي و يأسٍ مارِدٍ زمنُ
كأنَّ يأسَكَ مهزومٌ يطاردُهُ = يأسُ الرجاءِ و قد أودتْ بهِ المحنُ
لكنَّ قلبَكَ للنيرانِ مُوقِدُها = لا الجمرَ يُنبي و لا يعلو لهُ دَخَنُ
سيّانَ عندكَ ظلماءٌ تجوبُ بها = وبينَ شمسٍ على رمضائها كفنُ
عَشقْتَ صمتَكَ كالبيداءِ يُسكـتُها = ليلٌ طويلٌ به الظلماءُ تُرْتهنُ
فما تَحسُّ بمَن آذوكَ مِن ألَمٍ = إنَّ المواجعَ مِن آمالِنا حَزَنُ
كُنّـا نخوضُ مع الدّهماءِ معتركًا = أميرُنا العزُّ مِن راياتِنا فَطِنُ
فينا الضمائرُ أحيَتْ مجدَ صولتِنا = حتّى بلغنا سموًّا ليسَ يُمتهنُ
دُنياكَ داءٌ , يصيبُ القلبَ مِن غَفَلٍ ,= شِفاؤُهُ الذّكرُ والقرآنُ و السُّننُ
إيمانُنا في عيونِ الموتِ نقرؤُهُ = موتًا لذاكَ الرّدى ما مسَّنا الجُبُنُ
لا الخوفَ نعرِفُ إلاّ اللهَ خالِقُنا = دماؤُنا العُجِنَتْ في عزَّةٍ ثمَنُ
أطلقْ نهارَكَ للظلماءِ مُفتَرَسٌ = فالبحرُ تُضحكُهُ الغيماتُ و السُّفُنُ
و للرياحِ عويلٌ كالصدى تعِبٌ = نادتْ على غضَبٍ أجسادَ مَنْ عَفِنوا
يا أيُّها الغضَبُ المكلومُ كنتَ لنا = سيفًا جريئًا بهِ الأعداءُ تُفتَتَنُ
هزائمُ الذُلِّ في بُلدانِنا كَثُرَتْ = ضاعَتْ قِياداتُنا في القهرِ و امتُهنوا
ماتتْ مصائرُنا مِن جورِ سُلطَتِنا = خيولُ اُمَّتِنا قد عافَها الرَّسَنُ
فلا الكرامُ كرامٌ إنْ هُمُ انتفضوا = وللِّئامِ بدارِ الذلِّ قد وُطِنوا
مَن يبتغي العزَّ لا قهرٌ يُنازعُهُ = و مَن يرومُ هوانًا ما لهُ وطنُ
و عزّةُ المرءِ تاريخٌ يُسطِّرُهُ = و للذليلِ على إذلالهِ يَئِنُ
إنَّ المعالي شِعابُ القهرِ مَنبتُها = ثمارُها المجدُ لا الأهواءُ و الفِتنُ
مَن ظلَّ يرتعُ بالأهواءِ مُعتقِدًا = أنَّ الرُّقيَّ معازيفٌ فقد وهنوا
أو يشتري الذلَّ بالأموالِ مِن ترفٍ = تضيعُ مِن غيِّهِ الأفياءُ و السكَنُ