* هوامش :
(1)سقي : السحابة الشديدة الهطول ، وجمعها أسقية .
(2)الجُلنار : زهر الرمان .
هو آتٍ : يومُ الهدى المحبارُ = ليس يطويه ظالمٌ جبَّارُ
أو يوالي أجنادُه مَن تولوا = غي غياباتِ بغضه مَن جاروا
هو وحيُ الرحمن حلَّ ، تعالى = عانقتهُ الأجيالُ والأدهارُ
قد أضاءت حروفُه نيِّراتٍ =فتثنَّتْ بهديِه الأمصارُ
حكمُه الفصلُ ، والمذاهبُ شتَّى =ليس فيه للحاكم استكبارُ
صانَ وجهَ الحقوقِ من عبثِ الظلمِ = فهانَ الفُسَّاقُ والفجَّارُ
وحمى ضعفَ مرملٍ ويتيمٍ =وتناءى عن الفقيرِ المرارُ
وأتانا القرآنُ خيرًا وعزًّا =ورقيًّا مالاكه استهتارُ
ذلَّ مَن أبعدَ الشريعةَ يرجو =في سِواها أن يُشهَدَ استثمارُ
وتعامى عن المدارج تعلو =بالحضاراتِ خطوُها سبَّارُ
والطواغيتُ والجناةُ وهذا الحزبُ = يعشو وتلكُمُ الأفكارُ
وبوهمِ الذين عاشوا ذيولا =للأفاعي ، وساقهم تيَّارُ
فمتى يُصلحُ المزَارعَ حدَّادٌ = وينأى عن نخلِها الأبَّارُ ؟!
إنَّ مَن يرفض الشريعةَ دستورا = لعاصٍ لربِّه كفَّارُ
يتولاَّه الضَّنكُ في العيشِ والبؤسُ = ويودي بالسَّادرين التَّبارُ
كيف يُرمَى النَّفيسُ في حين يُعنى تُحبَى =بالعناياتِ هذه الأقذارُ ؟!
لارعى الله ظالمًا مستبدًّا =غرَّه الكِبرُ والهوى والشَّنارُ
منهجي مصحفي ، وهذا فخارٌ =وبكفّيَّ رايتي والشِّعارُ
والمواثيقُ مزهراتٌ بصدري =دانياتٌ قطوفُها والثِّمارُ
إلفُ روحي روضُ المثول ولا =مجتناها لَمَا تناءى التَّبارُ
هدأةُ الليلِ خيمتي لم يُؤخَّرْ =عن مُناها الأفاضلُ الأبرارُ
بندِيِّ الترتيلِ يبتهجُ القلبُ = وتصفو لشدوِه الأسحارُ
وبليلي آياتُه ونهاري =تتجلَّى من أُفقِها الأنوارُ
وبأحناءِ قلبيَ الشَّوقُ أذكاهُ = حنينٌ لايعتريه البوارُ
هجرَ القاحلَ الموشَّى بزيفٍ =فاجتباهُ ربيعُه المعطارُ
حيثُ تنأى مواجعُ النفسِ ثكلى =لم تجدْ في يقينِه ما يُثارُ
ليس بالتائِهِ الأسيرِ لدنيا =زيَّنتْها بالبهرجِ الأوطارُ
بين وحلِ الآثامِ ترتعُ نفسٌ =ولها معْ حليفِها إصرارُ
قد جفاها الذي يؤاخي المثاني =فتحاشاهُ في الغدوِّ العَثارُ
وتثنَّى بالبيِّناتِ كريمًا =كلَّما هزَّ نفسَه التَّذكارُ
من لقاءٍ وبُشرياتٍ عِذابٍ =آخرَ العمرِ إن تدانى احتضارُ
جلَّ ربِّي قرآنُه عربيٌّ =جاءَ فيه للصَّالحين ادِّكارُ
وهُداهُ للعالمين رشادٌ =ونجاةٌ وعزَّةٌ ويَسارُ
إنَّ نورًا لولا سناهُ لضلَّتْ =أعينُ الخلقِ ، واعتراها العَوارُ
يومَ جاءَ النَّبِيُّ يتلو عليهم =آيةَ ( اقرأْ ) فللهدى أنصارُ
واستجابَ الأبرارُ ، واقتُلعَ الشَّرُّ = فعالي صروحه ينهارُ
كيف لا تخشعُ الجبالُ وتسَّاقطُ = خوفًا ، فالمُنزِلُ الجبَّارُ !
لمثانيهِ الجاهليَّةُ ولَّتْ =ليس يقوى على الصمودِ التَّتارُ
وسيبقى القرآنُ مادامت الدنيا = ويفنى ما أحدثَ الكفَّارُ
لايغرَّنَّكَ الفسادُ بأرضٍ =إن طغى ، أو تألَّبَ الأشرارُ
هو زيفٌ إعصارُه يتلاشى =وبشدقيهِ يُلقَفُ الإعصارُ
قمْ بقرآنِكَ الكريمِ عزيزًا =فبغيرِ القرآنِ ذلَّ الكبارُ
واحيِ دنياكَ بالتلاوةِ ، واعلمْ =أنَّ في النأيِ عن سناهُ اندثارُ
نحن أحياء بالكتابِ ، وهاهم =رغمَ كلِّ الزيناتِ موتى صغارُ
ليس ترقى الشعوبُ إلا بما أنزلَ = ربِّي ، وبَشَّرَ المختارُ
فَلْيَرَوا مايشاءُ كلُّ أثيمٍ =من ضلالاتِه ، فبئسَ الإطارُ
وعليه : فَلْيَتَّقُوا اللهَ في الذِّكرِ = وإلا فَلِلعُتُوِّ انكسارُ
*** ***=***
أيُّها الحافظُ المُكرَّمُ رتِّلْ =ماحوتْهُ الأحناءُ والأسفارُ
واخشَ مولاكَ فالمنازلُ أعلى =ليس للراغبِ المنيبِ انبتارُ
وكنِ الماهرَ التَّقيَّ لتحظى =بالشفاعاتِ ، ثمَّ نعمَ الدَّارُ
وعِشِ العمرَ للكتابِ رفيقًا =تَنَلِ الأُنسَ مالَه إدبارُ
فالمثاني رُواؤُها ليس يبلى =والعلومُ الفِساحُ والأسرارُ
زيِّنِ القرآنَ العظيمَ بصوتٍ =لايُجاريه في الأداءِ الهَزَارُ
وتدبَّرْهُ فَهْوَ معجزةُ الخالقِ = للخلقِ ماعراهُ اندثارُ
فلربي الثَّناءُ والحمدُ أحيا =قلبيَ العمرَ جودُه الزَّخَّارُ
وأراني السَّبيلَ هَدْيًا و وعيًا =فاستنارتْ بوحيِه الأفكارُ
من سقيِّ التَّنزيلِ عبَّ فؤادي =فحباني ثجَّاجُهُ المدرارُ ( 1)
إذْ رنتْ روحي نحوَ أُفْقٍ تسامى =ماشدا فيه آثمٌ مهذارُ
الكتابُ المكنونُ ترتيلُه الأجودُ = يُرجَى أثيرُه المعطارُ
وفيوضُ الآياتِ في هدأةِ الليلِ = شفاءُ سحَّاحُها وادِّكارُ
والمثاني وحيٌ تنزَّلَ شذوا =ليس يرقى لزهوِه الجُلَّنارُ (2)
فازدهتْ صفحةُ اليقينِ بقلبي =إذ سناها للمؤمنين منارُ
فازَ أهلُ القرآنِ بالسَّبقِ يُدني =مرتقاهم إلى الرضا استبصارُ
مااعتراهم غبارُ دعوةِ جانٍ =شحنتْ غثَّ سعيِه الأوزارُ
يُنشِئُ الذكرُ في النفوسِ شموخًا =ماتلاشى شلاَّلُه الهدَّارُ
آهِ ما أعذبَ التلاوةَ ليلا =حيثُ تُصغي النجومُ والأقمارُ
حيثُ تدنو الأملاكُ تسمعُ صوتًا =لايدانيه في الورى مزمارُ
قد ترشَّفْتُ من ينابيعَ فاضت =من حواميم قدسِها الأنوارُ
القلوبُ الظماءُ للألقِ العَذْبِ = انطلاقاتُها الظليلة غارُ
في علاها تبوَّأتْ من رضا اللهِ = محاريبَ زانها استبشارُ
مالإبليس والغوايةِ فيهم =أثرٌ يُجتَلَى عليه انحدارُ
فنفوسُ الأخيارِ ألهمَها اللهُ = وأغنى امتدادَها استغفارُ
مابناه الشيطانُ ساعةَ ( أنظرني ) = سرابٌ ، وزيفُه ينهارُ
فالسِّباقَ السِّباقَ للملأ الأعلى = من الذكرِ زادهالإكثارُ
وجناحاهُ رفرفا مااضمحلَّتْ =فيهما همَّةٌ ، ففيه تُثارُ
إنَّه الوحيُ ماتقادمَ لكنْ =بِنَداهُ استظلَّت الأخيارُ
وهُداهُ للصالحين فلاحٌ =وثوابٌ ورفعةٌ و دثارُ
ولحُفَّاظِه الكرامةُ كانتْ =والقصورُ الحِسانُ والأنهارُ
في جِنانِ الخلودِ إذ تتراءى =درجاتٌ لهم ، ونعمَ الدَّارُ
قالها المصطفى عليه صلاةٌ =وسلامٌ من ربِّه وفخارُ
قالها اقرأ للمتقين ، وأثنى =لاعلى الهجرِ ماله استثمارُ
إنَّما يلحقُ الثَّناءُ شبابا =لم تغادرْ آناءَها الأذكارُ