شنَّ نتنياهو عدواناً جديداً دامياً على غزة من (10-21/5/2021م)، يريد منها أن ينال شعبية قوية بين ذويه، تجعله يستمر في رئاسته مجدداً، فانقلب السحر على الساحر، ورُبَّ حاوٍ رداه في ثعبانه، فباء بالخسران، إذ نقم عليه زملاؤه ومنافسوه؛ ذلك أن أبطال غزة، ردوا عليه رداً حاسماً ومفاجئاً، أوجعوه وأوجعوا ذويه، وفاجؤوا الدنيا ببطولات نادرة، وابتكارات عسكرية باهرة، لم تكن في الحسبان. زادت مساحة الأمل لدى أهل فلسطين، ومن يؤيدهم من العرب والمسلمين، ومن أحرار العالم. أما الصهاينة فكانت عقباهم العكس تماماً. إن ما صنعه أبطال غزة خطوة مهمة على طريق النصر الآتي بإذن الله، ويسألونك: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريباً.
ووعود أحمد وهي حق خالص=والغرقد المزروع سور أمان([1])
الخالد القسام([2]) فيهم قدوة=فيه الشريعة والفدا يقدان
وطموحه لقيا الإله مضرجاً=ودماه كالجوريِّ([3]) في نيسان
وقضى بيَعْبُدَ([4]) فارساً مستبسلاً=عيناه بعد القلب هاتفتان
والضيف([5]) فيهم فارس متألِّق=والنجم في التدبير والكتمان
عُمَرٌ وعَمْرٌو والصلاحُ وخالدٌ([6])=فيه وفيهم أدمع الشكران
والقادسية نصرها ملء الدنا==وهداه أطفأ شعلة النيران([7])
مناف الأموي
([1]) الغرقد: من شجر اليهود، كما في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم، وبعضهم يزرعه حول دورهم، ليكون ستراً ووقاية من الهلاك القادم، وهيهات هيهات!..
([2]) عز الدين القسام: من علماء الشريعة، جمع إلى شرفها شرف الجهاد العسكري الميداني، فأكرمه الله بالشهادة.
([3]) الجوري: ورد طيب الرائجة، شديد الحمرة.
([4]) يَعْبُد: اسم المكان الذي استشهد فيه القسام.
([5]) هو من القادة العسكريين في غزة، عجز اليهود ومن يعينهم عن معرفة اسمه، أو شكله، فسماه الناس في غزة: محمد الضيف، لأنه كالطيف حاضر دائماً، لكنه بحفظ الله عز وجل مجهول محروس.
([6]) عمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، وصلاح الدين الأيوبي، وخالد بن الوليد، رضي الله عنهم.
([7]) كان الفرس يعبدون النار قبل إسلامهم، ولاتزال فئة منهم تعبد النار حتى اليوم، وقد تركهم الفاتحون على ذلك استجابة لقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
المشرقان بنصركم فَرِحانِ=والمغربان بمجدكم غَرِدانِ
والمسلمون بكل أرض سُجَّدٌ=شكراً لمن كفَّاه مغدقتان
أهدى الكرام الصابرين بغزةٍ=نصراً عزيزاً طاهر الأردان
وغدا نتنياهو به في ذلة=وعليه مما شانه وِقْران
قد لامه قبل العدا زملاؤه=ومنافسوه بدولة البهتان
لا تعجبنَّ فإنهم شتَّى سُقوا=بالحقدِ من قابيلَ والشيطان
عاثت بهم أوهامه فسطت بهم=فغدوا صديد الغدر والكفران
عظمت عداوتهم لنا لكنها=فيهم أشدُّ المقت والشنآن
والنار تأكل موقديها للأذى=وكذا عقاب الحاقد الغيَّان
ولذا فدولتهم هباء زائل=أما البشير فمحكم القرآن
* * *=* * *
أبطال غزة فاجؤوا كل الدُّنا=ببطولة عزَّت على الأقران
في التضحيات وفي ابتكار وسائل=صنعت من الإبداع والإتقان
وأجَلَّها طهرُ الحفي بصنعها==والتوق يوم الحشر للغفران
بهروا الصهاينة البغاة بسبقها==فتكأكؤوا في القبو كالجرذان
طوبى لغزة أصبحت بجهادهم=دار الرباط ومأرز الإيمان
باعوا الإله نفوسهم ونفيسهم=وكأنهم في بيعة الرضوان
وبهم يجيء النصر أرآد الضحى=وبهم يبوء الظلم بالخسران
* * *=* * *
أبطال غزة أسْدُ غابٍ جرأةً=ودهاؤهم أعجوبة الأزمان
جمعوا المهارة والتقى في عزة=فيها شموخ الليث والعُقْبان
فهو المجلِّي في الشريعة عالماً=وهو الجسور الشهم في الميدان
السيف منه العزم أما درعه=فمن اليقين الجمِّ والأكفان
يا رب فاقبلني ففاز بمِيتة=صارت نموذج عزة وتفاني
وعليه تاج من طهارة روحه=وعليه من شرف الفدا تاجان
شفتاه تشكر والسعادة جمة=ودماه كانت رابعَ التيجان
أما ملابسه وكانت كالسنا=سرعان ما احمرت خلال ثواني
واخضوضرت في جوف طير أخضر=ترد المياه بروضة وجنان=
* * *=* * *
عجز العدا عنه برغم فنونهم=ومعونة الحلفاء والأعوان
لم يعرفوا حتى اسمه أو شكله=فكأنه كالطيف أو كالجان
يمضي هنا وهناك دون تهيب=والليل فيه والضحى سيان
ويزار مجهولاً فيكرم ضيفه=ويزور دون اسم ولا عنوان
تحميه قبل دهائه وبلائه=من راصديه عنايةُ الرحمن
من ظن أن الشرَّ بالغُ أمرِه=دوماً سقيمُ الرأي والوجدان
* * *=* * *
يا معتدون الشر ميراث لكم=من أقدم الأجيال والأزمان
أجدادكم تاهوا وأنتم مثلهم=تَقْفُونهم في الشر والتَّيَهان
والعجل فيهم ثم فيكم ماثلٌ=صنماً به طُفْتم وفي إذعان
والسامري الشؤم فيه سادن=أعمى يقود شراذم العميان
وجموعكم من حوله في إفكها=مرضى العقول أصحة الأبدان
فيكم سفاهةُ مَنْ هواه ربُّه=وحماقةُ النَّوكى وسُمُّ الشاني
* * *=* * *
يا معتدون هلاككم آتٍ غداً=وكأنه حمم من البركان
يطويكم طيَّ السَّجِلِّ كتابَه=والحقِّ طيَّ اللاتِ والأوثان
لكأنني راءٍ غداً بنيانكم=طللاً من الأنقاض والأدران
ومساكن الغربان في صحرائها=والبوم والجعلان والغيلان
وقبوركم تأبى رفات عظامكم=فتقيؤوها للدود والفئران
* * *=* * *
وكأنني راءٍ بأقصانا غداً=أفراح أمتنا هبوب تهاني
وبشائر الأفراح عزف بلابل=من مشرق الدنيا إلى تطوان
والآي في الأفواه صادحة علت=تتلو من الأنفال والعمران
عادت لنا اليرموك في أمجادها=وقضت على الرومان والصلبان
* * *=* * *
شكراً لغزة أيقظت فينا المنى=فإذا بها كالشمس في الريعان
وإذا فلسطين الأبية كلها=سيل من الأسياف والمران
وكتائبٌ ميمونةٌ منصورةٌ=فيها صقور الشِّيب والشُّبان
وبنات خولة في البطولة والتقى=وشُبولُ خالدَ سيدِ الفرسان
وهمُ شهامة طاهر ومغامر=ومضاء فادية وطهر حصان
قد عاهدوا الرحمن أن يستكملوا=للنصر عدته بدون تواني
* * *=* * *
البغي قد يعلو ولكن ساعة=عبرت سريعاً مقلة الوسنان
والحق إن يُغْلَبْ يَعُدْ في قوة=إذ ذاك لطف الله بالإنسان
وأرى الزمان قد استدار لعودنا=نصراً يداه بالهدى تكفان
عيني تراه مؤزراً لكنه=عف السريرة طاهر الإعلان
اليوم فيه مثل أمسٍ أنعماً=فهما من المشكاة يستقيان
والعدل فيه سجية وعقيدة=والحزم توأم رحمة وليان
والطيب فيه ضوعة من وردة=والحسن فيه شقائق النعمان
وجلال واهبه وعزم بُناته=من جنده الأخيار يلتقيان
وكلاهما هبة الإله لغزة=جلَّت فجلَّ الله في الإحسان