أتطرُقُني الحوادثُ في مشيبي= وقد أَفَلَ الشبابُ, ولانَ عُودي؟
وما أدري! أيُنجدني قصيدي؟= وبعضُ الهم يُجْلَى بالقصيد؟
لعمرُكَ, من يعش يجد الليالي= تحزُّ من الوريد إلى الوريد
وكنتُ إذا رُمِيتُ بمُدْلهمّ = من الأحداث أُهرعُ للسجود
فأذكر أن لي رباً رحيماً = فما أنا بالقنوط, ولا الجحود
فآهٍ, كم أبٍ أمسى شريداً = ومن يقوى على عيش الشريد?!
وكم بنتٍ من الأغلال ناءت= وكم أمٍّ تسربَلُ بالحديد!!
ينوءُ القلبُ من نوح الثكالى= ومن عبرات أحزان الوليد
ويسألني صغيرك أن تعودي= فقد ملَّ الصغيرُ من الوعودِ
أقول له: غداً تأتيك (ماما)= بألعابٍ وبالثوب الجديد
فيرمقني صغيرك ثم يمضي= بدمعات تسيل على الخدود
ويقسم لا يكلمني ثلاثاً= وكم ألقى فديتك من صدود!!
فأسترضي البراءة بالعهود= وأستجدي البشاشة بالنقود
وأرجو أن أصدق كلَّ وعدٍ= بذلتُ له فآهٍ من وعودي
وطفلتُكِ الصغيرة بنت خمس= يلُوح بصدرها زرق العقود
ولم تُظفَر جدائلُها بزهر= ولا لعبت بأطواق الورود
ولا لبست ليوم العيد ثوباً= كما حلمت، وكم حلمٍ شرودِ
ولا سَعِدَت بلقيا صاحباتٍ= فرحنَ بمقدم العيد السعيدِ
ولم تدر الصغيرة, وهي غُفلٌ= بأنك -يا أخيّةُ- في القيود
فليت حياتنا كانت شقاء= ويا ليت الطفولة في سعود
وأرجو لو بقيت العمر طفلا= بقلب غافل غرٍّ ودود
ومن يُقصي عن الأطفال أمّا=سوى ذي اللؤم والطبع الحقود؟!
وآسادًا تسمّوا بل وحوشا= وما بهمُ إباءاتُ الأسود
فأبشر يا بنيّ بيوم فتحٍ = وليس الفتحُ منّا بالبعيد
فإن حرموك عطف الأمِّ ظلمًا= فما للظلم من عمرٍ مديدِ
غداً تأتيكَ أمُّك بالهدايا= ويأتي الفتحُ بالنصر الأكيدِ
دمُ الشهداءِ لم يذهب هباءً= ففجرُ النصر بعض دم الشهيدِ
وللتوحيد ألويةٌ تعالت= كنبض القلب من خفق البنودِ