هوامش*
الدير : المراد مدينتنا ديرالزور (1)
(2) إشارة إلى الإخوة الذين اعتقلوا من بيوتهم ، ثم تبين أنهم قضوا تحت التعذيب
3)الغِمر : الحقد والضغينة
4)المجر : الموكب الكبير ، الكثير ، العظيم)
(5)الأحراز : مفردها : حرز وهو المانع من الأذى بإذن الله
(6): هشام هو الأخ الحبيب الأستاذ الشيخ هشام بجعة الحاج حميداوي ــ يرحمه الله ــ الداعية المجاهد الشهيد ، وقد قُتل صبرا في سجن بدمشق ، مع عدد من إخوانه أبناء مدينة ديرالزور
(7) ممخرق : الدجال صاحب الأكاذيب والأباطيل
(8)الفِتر : مسافة أقل من الشِّبْر
دَهَتْني بإصرارِ الفواجعِ والضُّرِّ = كما قد دهتْكم بالنَّوازلِ والنُّكرِ
يــدٌ : بَتَرَ الجبَّارُ رُسْغَ عُتُوِّها = وأوردَهـا النطعَ الشَّديدَ على البَتْـرِ
لقد آلمتنا في سنين طويلةٍ = ففجرُ لياليهـا بعيدٌ عن الفجرِ
ولـم يُحصِ ما ألقى على الناسِ في اللظى = فأجسادهم بالقهرِ تُشْوَى على الجمرِ
فَفَـرَّ من الأهوالِ شعبٌ أذاقه = سلاحُ يــدِ الإجرامِ من كأسِه المُـرِّ
فصوَّحتِ الجنَّاتُ وابتدر الأسى = مباهجَ أبياتٍ تنامُ على القهرِ
وريقاتُ آلامُ أراجعُ بؤسَها = وأشكو لها خطبي فتهزأ من صبري
أكابدُ والأوجاعُ هيَّجْنَ أدمعًا = يَسِحُ على الخَدَّينِ فيَّاضُها يجري
رويدك ماقلبي تخيفُ يقينَه = خطوبٌ تلظَّتْ آهِ في لججِ الغمرِ
ففي القلبِ إيمانٌ بربي ، وعزةٌ = تقيمُ صروحَ الصَّبرِ في حقبِ العُمرِ
وليس يموتُ الخيرُ فيه وإنَّـه = يجددُ أيامَ الربيعِ مدى الدهرِ
وبين الضلوعِ المترعاتِ من الأسى = تنامُ أساطيرَ البطولةِ والفخرِ
دعيها فللأحداثِ فلسفةٌ وعن = مصائبِ قومي ربما البعض لايدري
* * *=* * *
أأيامَنا ما للدروبِ كئيبة = وما للقلوبِ البيضِ تسعى على قفرِ؟
وما للأناشيدِ النَّديَّـةِ صوَّحتْ = فثكلى مغانيهـا الجميلةِ لاتُغري؟
فلا الأهلُ والأحبابُ حلُّوا بربعها = ولا لاحَ للسُّمَّـارِ ضوءٌ من البدرِ
بكيتُ ، وما كان البكاءُ بمسعفي = وإن ذرفتْ عينايَ من دمعِها الثَّرِّ
على شِرعةٍ ضاعتْ بأوزارِ أمَّـةٍ = ومجدٍ لهـا أخوى على ذلِّهـا المُزري
وأذكرُ إخوانا كرامًـا فقدتُهم = وقد جمعتنا دعوةُ اللهِ في الديرِ (1)
نهضنا ( بديرالزور) موطنِ أهلِنا = نجددُ سِفرَ المجدِ بالدِّينِ والخيرِ
فكم هاجَ للتغريدِ قلبي تهزُّه = بآفاقها الذكرى مغالبة الهجرِ
وفتيةُ إيمانٍ تطاولَ بذلُهم = لأجل المثاني فالمحامدُ في وفرِ
هشامٌ أبو ربعي الشهيدُ وإخوةٌ = تجلَّى بهم وجهُ الفخارِ مدى العمرِ (2)
هداةٌ أباةٌ ما أخافهُمُ العدا = ولا جفلوا في ساعةِ الضيقِ والعسرِ
صدورٌ تحدَّتْ عارياتٌ جحافلا = مدججةً بالفتكِ والحقدِ والمكرِ
فمنهم قضى في الساحِ للهِ نحبَه = ومنهم على الصَّبرِ الموثقِ في الأسرِ
ففي الأسر آلاتُ العذابِ كأهلها = غلاظ وحوشٌ جُلْنَ بالنَّاب والظفرِ
فضائحُهم في الأرضِ قد فاحَ نتنُها = وقد دوَّنتْها صفحةُ اللؤمِ للنَّشرِ
دعوها فلن تجدي الأباةَ متونُها = وقد أكرمتهم رحمةُ اللهِ بالأجرِ
فجنَّةُ خلدٍ والرضا من مليكهم = وجارُهُمُ الرحمنُ ذو الجودِ والبِرِّ
صدعنا بقرآنٍ وهَدْيِ مُحَمَّـدٍ = فما ضَـرَّ تِ الأبرارَ يوما يدُ الضرِّ
ولم نرهبِ الطغيانَ شُلَّتْ يمينُه = ولـم تكبُ هاماتُ العزائمِ في العسرِ
عبدنا الذي يُرجَى لكلِّ مُلِمَّةٍ = ولـم نَـرَ إلا اللهَ يحمي من الشَّرِّ
* * *=* * *
تمرُّ الليالي واجماتٍ ولي بها = مناجاةُ مصدورٍ يحنُّ إلى النهرِ
وأشواقُنا يومَ اجتمعنا أحبَّةً = على الشاطئِ الميمونِ في ساعةَ العصرِ
أراها يتيماتٍ نأتْ عن جفوننا = ورؤيا محيَّاهـا تتوقُ إلى نشرِ
أُصيحابُ ماأشقى فؤادي وعقَّني = لأعنانها إلا البعاد بلا عذرِ
و ددتُ لقلبي أن يكونَ لهم فِدًا = وروحي لهم ظلاًّ من الألـمِ المُـرِّ
تداهمُهم أنيابُ قومٍ أسافلٍ = وأظفارُ حقدٍ هاجَ بالغيِّ والغدرِ
ولم يندثرْ دينُ النَّبيِّ محمَّدٍ = فهذي جموع المسلمين على إثرِ
لقد نُوِّمُوا حيناوقد هبَّ جمعُهم = فأرعبَ في الدنيا جلاوزةَ العصرِ
ولم يركنوا يومًا لطاغيةٍ غوى = وقد صبروا ـ يومَ استبدَّ ـ على القهرِ
وإنا وجدناها حكايةَ نخــوةٍ = ولكنْ لدينِ اللهِ لا للهوى المزري
عفتْ أُمـمٌ وانهدَّ ديوانُ بغيِها = وأُمَّتُنا رغـم النوائبِ في نصرِ
وما النصرُ في ميدان معركةٍ عوتْ = ذئابٌ بها والجيشُ ذو الكرِّ والفرِّ
ولكنَّها الغرَّاءُ دينُ مُحَمَّدٍ = طوتْ هجماتِ الرومِ والفرسِ في الدهرِ
فكم هاجموها عُنْوةً وعدوا على = دماءِ شيوخٍ أو نساءٍ بلا حصرِ
وعاد بنوها للجهادِ فمزقوا = أساطيرَ أملتْها الحروبُ على كِبْرِ
ورفَّ لـواءٌ للعقيدةِ وانجلتْ = معانيَ نصرٍ مثلما كان في بدرِ
إذا أيَّـدَ الرحمنُ بالنصرِ جندَه = فليس لحشدِ الكفرِ والشَّرِّ من سِترِ
يثيرُ حنايانا هُبوبُ رياحِه = ونفحـةُ جنَّاتِ الخلودِ على الصَّدرِ
أشاوسُ دينٍ مـارَجَوا غيرَ ربِّهم = وما ركنوا للظلمِ خوفـا من النُّذْرِ
وبالأمسِ بالإسلامِ سِدنا رحابَها = وبالرحمة المهداةِ والعدلِ والخيرِ
فأُمَّتُنا فيما مضى هـلَّ بِرُّهـا = سحائبَ أحيتْ ما تصحرَ في القفرِ
فما بالها اسودَّتْ صحائفُ مجدِها = بعصْرِ مُرَبِّي الكلب في البيتِ والهرِّ
وسامَ بنيها كلُّ وغـدٍ وتافهٍ = وعبدِ هوى الإسفافِ بالنَّفسِ والفكرِ
فياليتَ أبناءَ الهدى عادَ وعيُهم = ولم يسمعوامن إفـكِ زيدٍ ولا عَمْرِو
أـوقُ ـ وربِّي ـ أن أرى نصرَ أُمَّتي = على عبثِ الأهـواءِ والإثم والوزرِ
ويفرحُ قلبي حين أُبصرُ تائبًـا = يؤوبُ إلى الرحمنِ في السِّرِّ والجهرِ
وتكسو محيَّـاهُ الهدايةُ والتُّقى = ويملأُ أطراف الشفاهِ من الذِّكرِ
وينأى عن الأوثانِ في أيِّ صورةٍ = ويحيا حياةَ النُّبْلِ في حقلِه الحُـرِّ
ويحفظُ صفوَ العُمْرِ من خلل العَمَى = فيبصرُ بالتَّقوى مبادرةَ البِشْرِ
ويهفو إلى ظلِّ المساجدِ يرتوي = من الشَّهدِ للروحِ المصونـةِ والقّدْرِ
فلا يعتري ماعاشَ خطوَ وفائِه = ثبورٌ ولا يزريه ذو النَّظرِ الشَّزرِ
* * *=* * *
حزانى قوافينا وخلفَ رفيفِها = بشاشاتُ رَبعٍ باتَ ينفحُ للطيرِ
وفيها أسى الأبرارِ في كلِّ موطنٍ = يمارسُ ظلما بأسُه من مُدَى الغِمرِ (3)
سجونُ أعاديهم ومعتقلاتُهم = تلظَّت بما في القيدِ من وقدةِ الجمرِ
وريقاتُ آلامٍ وددتُ اندثارَهـا = ولكنَّها النيرانُ في منحنى صدري
وعنها نشيدُ المقبلين إلى الوغى = إلى نصرةِ الإسلامِ جاؤوا على الضُّمرِ
قلوبٌ أبتْ أن تلبسَ الوهْنَ ثوبها = فثارت تجوبُ الدربَ تصدعُ بالأمرِ
فليست تبالي بالجراحِ سخينةً = وليست توالي مَن تدرَّعَ بالكفرِ
تَوَثُّبُهَـا قـد بات في الأرضِ منذرًا = طغاةَ الورى أهلَ الضَّلالةِ والخُسرِ
هـمُ اليومَ فرسانُ النزالِ لدينهم = وهـم صفوةُ الأحرارِ في الموكبِ المَجرِ (4)
أنالوا هدى الإسلامِ أيدي انبعاثِهم = فنورٌ يراهُ القومُ في ظلمةِ القهرِ
أيا أمَّـةَ الإسلامِ قـد طالَ نومُكم = وطالَ السُّرَى فلترتفعْ رايةُ الثأرِ
وما النصرُ إلا عزمةٌ أحمديةٌ = ومن معقلِ التوحيدِ لاحتْ رؤى النَّصرِ
فيا أمَّـةً دانتْ لغيرِ كتابِهـا = حذاري فإنَّ العارَ يلحقُ بالنَّزْرِ
فكيف تجافيتم و هَدْيُ نبيِّكم = ينادي الأباةَ الصِّيدَ معْ طلعةِ الفجرِ
فهبُّوا إليه فالزمانُ زمانُكم = وقد خسرَ الأشرارُ ماكان من ذُخْرِ
وأنتم كأعدادِ النجومِ مكانةً = على اُفُقِ الأحرارِ ذي المجدِ والقَدْرِ (5)
فهبُّوا إليه فالنَّبِيُّ نبيُّكم = وربُّكُمُ الرحمنُ بشِّرَ بالنَّصرِ
حباكم بوحيٍ لم يُحَرَّفْ ولم يزلْ = تطأطئُ إنْ يُتلى جباهُ أولي الكفرِ
فما بالكم هِمْتُم على غيرِ وجهةٍ = كأنَّكمُ الغاشي بليلٍ على وعرِ
وعندكُمُ القرآنُ ماضَلَّ مَن بـه = أنارَ دروبَ السَّعيِ في المسلكِ الوعرِ
فثوبُوا إلى ذي العفوِ تُغفَرْ ذنوبُكم = وتُدركْ مساعيكم برحمةِ ذي البِـرِّ
* * *=* * *
بلادي : شعوبُ المسلمين ورايتي = ترفرفُ بالإسلامِ ذي العزِّ والطُّهرِ
وقد نُصِرَتْ بالرُّعبِ في كلِّ غزوةٍ = وفي كلِّ حربٍ في البحارِ أو البَرِّ
فما لشعوبٍ هيَّأَ اللهُ نصرَهـا = تنامُ على ضيمٍ وتصحو على ضيرِ !
وتركعُ للطاغين وهنا و ذلَّةً = وتشكو من البغيِ المبرِّحِ والضُّـرِّ
ألا إنه القرآنُ إن قادَ أمَّـةً = فلن يذرَ الطاغوتَ ينهشُ بالفكرِ
فلو كبَّرَتْ تلك الشعوبُ لدينها = تلاشت قوى الأشرارِ والعبث المزري
وتلتحفُ الأرواحُ شوقا رفيفَها =ففي القلبِ مافي الروحِ من وهجٍ يغري
تمـرُ الليالي كالحاتٍ يُنيلُها = إباءُ كرامِ الناسِ صبرًا من الصُّبرِ
يجددُ ثوبًـا طرَّزتْهُ شريعةٌ = يفوحُ به المجدُ المؤثَّلُ بالخيرِ
فقد بارك الرحمنُ عمرًا تمدُّه = مثاني الهدى بالنُّورِ والصدقِ لا الهجرِ
وما هذه الأيام إلا منازلٌ = تُمَيَّـزُ بلواهـا الذليلَ من الحُـرِّ
غـدا من جُذى الإسلامِ نوقدُ نارَها = ونحرقُ أوراقَ الضَّلالِ على الجمرِ
* * *=* * *
وريقاتُ آلامي شجيٌّ كتابُها =فَيُقْرَأُ مِن حزني ، ويُنثَرُ من شعري
بأحرفـه هَـمِّي على حـالِ أُمَّتي = ويقعدني ـ لولا اليقينُ ـ عن السَّيرِ
ولكنني أرنو إلى فضلِ خالقي = فيسعفُني سبحانه بيدِ الوفـرِ
وتملأُ دنيايَ التي ضاق رحبُها = سكينتُه كالعارضِ انْهَلَّ بالقَطْرِ
فَيُروَى بأحنائي اشتياقُ تولُّعي = فألقى به علمَ اليقينِ بلا نُكرِ
فتخبتُ بالإيمانِ نفسي مُطوَّقًا = بفضلٍ من الباري الكريمِ مدى عمري
وإني على عهدِ الوفاءِ ولم أزلْ = وإني فخورٌ ـ ياهشامُ ـ بذا الذُّخْرِ (6)
فقدناكَ بَـرًّا في الفراتِ مجاهدا = صبورا على الشِّدَّاتِ في ساعةِ العسرِ
سألتَ إله العرشِ يومًا شهادةً = فنلتَ بها الفردوسَ طوبى لذي القَدْرِ
هنيئا أخي تلقى النَّبيَّ وصحبِه = وتنعمُ بالرضوان معْ أجزلِ الأجرِ
وإنا وإن جـارَ الطغاةُ لعهدُنا = بإثرِك باقٍ ليس يفنى مدى العُمرِ
لقد صانَ ربِّي رغـمَ كلِّ مُمَخرقٍ = حِجانا من البطلانِ والزيغِ والنُّكرِ (7)
ونسألُه حسن الختامِ ولم نجد = سواه لبلوانا ليُمْحَقَ ذو الجََوْرِ
ويكشفَ عنَّا ماعرانا من الأذى = ومن عبثِ الطغيانِ في غُممِ العصرِ
ودنياهُمُ حبلى وهــذا مخاضُها = وإنا بواديها نسيرُ على الجمرِ
يُمَدُّ لنا بالصبر دربُ انفراجِهـا = وحوصلةُ الجاني أقلُّ من الفِترْ (8)