ماكانَ بينَ ربوعنا استقرارُ = أو زالَ عن آفاقها استنكارُ !
تتألمُ الأحناءُ من وجعٍ عـرا = ومن الرزايا دفقُهـا مدرارُ
والناس تشكو من مراراتٍ ومن = هــمٍّ مضى وجديدُه زخَّـارُ
والنازلاتُ ورعبُها وأُوارُهـا = يشوي القلوبَ فما لهن قرارُ
تسعى على جمرٍ تثيرُ لهيبَه = ريحٌ الصروفِ يسوقها التيارُ
والليلُ أطفأ كلَّ نجمٍ مشرقٍ = وطوت جميلَ بهائها الأنوارُ
والأمنُ ولَّـى والوحوشُ استنفرتْ = والغابُ غابَ الأمنُ عنه والإيثارُ
وقد اعترى وجلٌ نفوسا أُرهقتْ = فلكلِّ نفسٍِ كبوةٌ وعثارُ
أأقولُ أين القومُ أين شهامةٌ ؟ = ومروءةٌ كانت لهم وجِوارُ ؟
أين الذين إذا الدواهي أقبلتْ = يُلفى لهم للنجدةِ استنفارُ ؟
أين البطولاتُ التي ما أخمدَتْ = ثاراتِهـا الأوجاعُ والأكدارُ ؟
أين الذين الفخرُ أكرمهم بمـا = للفخرِ من حلل الهدى تُختـارُ ؟
واحسرتاهُ على أُناسٍ ماوعــوا = أنَّ العقيدةَ للخلاصِ خَيارُ
وسِوى العقيدةِ ذلَّـةٌ ومهانةٌ = وتفرُّقٌ وتخاذلٌ وبـوارُ
لا . لاتقلْ هذا ، فعزَّةُ أُمَّةٍ = فيهـا النُّبُوةُ ـ ويك ـ لاتنهارُ !
فاسمُ النَّبِيِّ ( مُحَمَّـدٌ ) لَرسالةٌ = تاقت لها في العالَم الأمصارُ
هيهات أن ترضى الشعوبُ بغيرِها = ليقودَها في العالمين حمـارُ
أتهانُ أمةُ أحمد المختار ِفي = زمنٍ يعيثُ بحقلِـه الكفارُ !
ويصفَّدُ الأبرارُ في قيدٍ بغى = إذ شدَّ حقدُ حبالِه الختَّـارُ !
قد حوربتْ قيمُ الشريعةِ مثلما = قد حوربتْ في الظلمةِ الأنوارُ
واستأسدَ الجبناءُ في أدغالها = وأخوهُـمُ المسعورُ والمكَّارُ
هـذا زمان المضحكاتِ وقد أتى = للمعضلات إلى الحلول صغارُ !
كم مُدَّعٍ والجهلُ منطقُ عقلِه = فحديثُه فيه الفسادُ يُثارُ
ولـه من التهريجِ زمرتُه التي = فيها ومنهـا المُـزْدَرَى والعـارُ
لا تُلقِ بالا للسفيهِ فإنـه = أعمى البصيرةِ مرجفٌ غدَّارُ
وله عن القيمِ الجليلةِ والهدى = والحـقِّ رغـم ظهوره إدبارُ 1
وله ــ وإن وارى أذاه ولؤمَه = ممـا يشينُ لكي يفوزَ ــ دثارُ
هي هذه الأيامُ يُبكي حالُهـا = عينَ النَّبيلِ تجلُّه الأنظارُ
قد عاش مكتويًـا بنارِ تبابها = إذ دلهمتْ بالفتنةِ الأخطارُ
هي أقبلتْ فَعَلَى الوجوهِ كآبــةٌ = وعلى الشفاهِ من الأسى آثـارُ
لاتيأسنَّ فكلُّ عسرٍ بعده = فرجٌ تطلُ بأُنسِه الأقدارُ
يُخْزَى بها السفهاءُ أربابُ الهوى = ويُذلُّ في أسبابها الفجَّـارُ
فلنا بآياتِ الكتابِ بشائرٌ = تحلو بنشرِ فصولها الأخبارُ
وتزولُ أسبابُ التخاذلِ كلُّها = الغيُّ والأوتارُ والمزمارُ
والحكم بالأهواءِ لايبقى فقد = حكمَ العليمُ البارئُ القهـارُ
لم تبق في الحقب القديمة مانرى = بزماننا إذ هلَّت الأنوارُ
فالردةُ النكراءُ والإلحادُ في = هذا الزمانِ وهذه الأفكارُ
والجاهليةُ وجهها قد عادَ في = وجه العُتاة تُشينُه الأوزارُ
لكنه الإسلامُ نادى أهلَه = وقد استجاب الفارس المغـوارُ
وصحتْ شعوبُ المسلمين فخطبُها = دامٍ وسيفُ عدوِّهـا بتَّارُ
قد آنَ أن ْ يرثَ الأمانةَ أهلُها = ويعودَ نفحُ ربيعِهـا المعطارُ