} فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا (42 ){ قرآن كريم .
مَن أتاها ؟ مُحَمَّدٌ . قد أتاها = فَرَعَاهَا باليُمنِ والإيمانِ
عَصْرُ فِخْرٍ يمرُ في الأزمانِ = فيه تُلفَى عنايةُ الدَيَّانِ
عصرُ ختمِ النُّبُوةِ : المآثرُ فيه = ليس تُحصَى مآثرُ العدناني
فلياليه بالهدى نيِّراتٌ = سلساتٌ للمشهدِ الرباني
وسخا المجدُ فالمحاسنُ تترى = نَظَمَتْها حقائقُ الفرقانِ
فالمَرَوْرَاةُ أعشبتْ وتثنَّتْ = في مداها شقائق النعمانِ
ورمى الجاهليةَ الذَّامُ شزرًا = فاضمحلتْ دُجُنَّةُ الحَدَثانِ
تدَّعي الجاهليةُ المجدَ زورًا = وحنايا قيدومِها في هوانِ
معْ لفيفٍ من ناعقٍ وغبيٍّ = ليس يدري كلاهما ما المعاني !
أَوَيُرْجَى من التَّخبطِ خيرٌ = وهمُ الشَّرُّ هاجَ كلَّ أوانِ
لايُجارَى المغُرَّرُون بزبفٍ = أحرزتْهُ صناعةُ الشيطانِ
حين جاءَ الرسولُ ضاءتْ شِعابٌ = حيثُ ولَّى الدجى عن الأعنانِ
واستُثيرَتْ عزائمُ القومِ لمَّا = أكرمَتْها الآياتُ في القرآنِ
فإذا العربُ في الميادين قومٌ = غيَّرتهم نفْحَاتُ روحِ المثاني
وبهديِ الإسلامِ عاشوا هداةً = لشعوبٍ عاشتْ بلا إيمانِ
فاطمأنتْ لرحمةٍ أدركَتْها = وأفاقتْ من غفلةٍ وامتهانِ
في ظلالِ القرآنِ ألفتْ نعيما = أبديًّا ماكان في الحسبانِ
وانعتاقا عن زيف دنيا عراها = عبثُ المرجفين في البلدانِ
وتوارتْ عن النفوس الدنايا = وتداعتْ غضاضةُ الأوثانِ
والبرايا شَخَصْْنَ ليس ذهولا = بل لنورٍ أضاءَ في الأكوانِ
فأفاقتْ من بعدِ وَهْنٍ وذلٍّ = لكريمِ البيانِ والتبيانِ
ذاك جبريلُ جاءَ يُقْرِئُ قلبًا = ليس يعنو لسطوةِ الشيطانِ
في حِراءٍ ضمَّ النبيَّ وأوحى = لحبيبِ الرحمنِ بالقرآنِ
فاستجابتْ قلوبُ قومٍ تأذَّتْ = من فسادِ الأشرارِ والكهانِ
حيثُ كانتْ رحابُها كالحاتٍ = فتثنَّتْ توَّاقةً للتَّداني
وجميلِ الرؤى وحُسْنِ خِصالٍ = وبنورِ التوحيدِ والعرفانِ
يومَ ساوى بين الخلائق إذ لا = ما رآه الطاغوتُ للإنسانِ
فالمزايا بينَ العبادِ مجالٌ = لبلوغِ التقديرِ والإحسانِ
والسباقُ السباقُ بالعملِ الصَّالحِ = والتقوى استُحْسِنَتْ لا الأماني
و إخاءٍ ورحمةٍ وتنادٍ = إن دهى الناسَ عاصفُ العدوانِ
واعتدادٍ بالعلمِ يُحيي مواتا = من كنوزِ الخيراتِ في البلدانِ
وسُمُوٍّ عن السفاسفِ باتت = كالحاتٍ كوجهِ هذا الأوانِ
وامتشاقٍ للسيفِ يحمي حقوقا = سَلَبَتْهَا قُوى الضلالِ الجاني
وَتَحَلٍّ بالمَكْرُمَاتِ وشوقٍ = للعباداتِ سائرَ الأحيانِ
وقيامٍ في الليلِ يُرجَى لفضلٍ = يتوخاهُ عابدُو الرحمنِ
وإلى الخيرِ سعيُه ماتوانى = واليدانِ اللتانِ تلتقيانِ
ورعى أمَّةً فعاشتْ بمجدٍ = وبعزٍّ بينَ الورى وأمانِ
فَتَفَشََّّى فيها الفسادُ فألقتْ = مالديها من إرثها المزدانِ
وتناءت عن المآثرِ كانت = حُجَّةً للدعاةِ في البلدانِ
وترامتْ على الهوانِ لضعفٍ = قد عراها وليس من سلوانِ
وأتاها عدوُّها مشمخرًا = بثيابِ استكبارِه الشيطاني
في حناياه حقدُه قد تلظَّى = بصنوفِ الإيذاءِ والطغيانِ
وبقايا الأشرار من كلِّ ما قد = صنعتْهُ عبادةُ الأوثانِ
هاهم اليومَ في البلادِ أغاروا = فَهْيَ تشكو فضائعَ الأضغانِ
قد رماها الجناةُ باللؤمِ أودى = بشيوخٍ لها وبالولدانِ
وبهذا الرصاصِ يقتلُ طفلا = إنْ عليها تَحَرَّكَتْ قدمانِ
أو فتاةً على الحياءِ تربَّتْ = أو أخاها الصَّريخَ في الميدانِ
أين يرمي العتاةُ أخزاهمُ اللهُ = كرميِ المجنونِ في البنيانِ
آهِ يا أمتي رمتْكِ العوادي = بأذاها في قسوةٍ وامتهانِ
مِلَلُ الكفرِ لعنةُ الله تغشى = من بنيها الفُسَّاقِ كلَّ أوانِ
أمعنوا في تدميرِ عِزةِ شعبٍ = زادَهُ البطشُ قوةً في التفاني
والسؤالُ الملحاحُ ياشعبُ يعلو = كالمصيباتِ فوقَ كلِّ لسانِ
مَن سيجني حصادَ لؤمٍ وخبثٍ = وهلاكٍ للناسِ في الأوطانِ ؟ !
ولمَن هذه الذخيرةُ تَفْنَى = ثمَّ تُفنِي الشبابَ في الريعانِ ؟
ولِمَنْ حرقُ زادِنا واقتصادٍ = قد تَدَنَّى وضاعَ في القيعانِ ؟
ولماذا اليدُ اللئيمةُ تلهو = بالربيعِ الجميلِ للولدانِ ؟
ولماذا استباحَ كلُّ زنيمٍ = مالدى الناسِ من أثيرِ الأمانِ ؟
ولماذا يعيدُها كلُّ باغٍ = عربداتِ السِّكيرِ والخوَّانِ ؟
هؤلاء الوحوش من غابِ حقدٍ = قد رعاهم به أنو شروانِ
هم رفاق اليهودِ شكلا ومعنى = بثيابِ الإجرامِ والشنآنِ
ما خُدعنا والله نعرفُهم معرفةَ = الفلاحين للبستانِ
كيف جاؤوا بلادَنا قبلُ واندسوا = بركنِ التدليس والروغانِ؟
وَجَدُوهَا في غفلةٍ فَتَمَادوا = في المغاني باللهوِ والعصيانِ
بئسَ وجهُ الأوباشِ ظلَّ قبيحًا = بكريهِ الأفكارِ والهذيانِ
بئس تلك الأحزاب لجَّ بنوها = في دجاها المنسوج بالعصيانِ
قد أتتنا بكلِّ نذلٍ لئيمٍ = ذي سُعار من غابةِ الذؤبانِ
أضعفوا الأمةَ الكريمةَ عن قصدٍ = بأمر المجوسِ والرومانِ
وأذاقوا أبناءَها مرَّ عيشٍ = في سجون وفي قيودِ هوانِ
وأباحوا صرحَ الإباءِ لفسقٍ = وفجورٍ وخسَّةٍ وامتهانِ
وأرادوا للمسلمين هُويَّاتِ = فسادٍ تعيثُ بالوجدانِ
أيريدُ المغفلون بيانا = بعد هذا البيانِ والبرهانِ
فَدَمٌ كالأنهارِ يجري سخينًا = ودموعٌ تفيضُ في الأجفانِ
وبيوتٌ تهدَّمتْ في القرى والمُدْنِ = ألقتْ أذى على السكانِ
وبجيبِ الجناةِ من مالِ شعبٍ = سرقوهُ بالغشِّ والبهتانِ
ومخازي مناهجِ الغيِّ ربَّتْ = جيلَ أزمانِنا على الشنآنِ
لعنةُ الله في الحياةِ عليهم = وعليهم في القبرِ بالأكفانِ
وعليهم يومَ النشورِ إذا ما = كان عرضُ الورى على الديَّانِ
لم يهنْ شعبُنا الكريمُ بدنيانا = ولم يُلقِ ماضياتِ الطعانِ
نحن بالظلمِ قد كَفَرْنَا و كَفَرْنَا = بالطواغيتِ بئسَ والأوثانِ
وَبَصَقْنَا على وجوهِ لئامٍ = وعلى كلِّ مجرمٍ خوَّانِ
قد صحا الناسُ بعد غفلتِهم فاليوم = عادوا إلى سنا القرآنِ
أمةٌ قادَها النبيُّ إلى العلياءِ = لم تركنْ بعدُ للإذعانِ
يتولى الهدى جحافلَها اليومَ = بهذي الثوراتِ مما تعاني
رأتِ اللهَ : نصرَه يتجلَّى = رغم ما للطغاةِ من عنفوانِ
رأت اللهَ : والجنائنُ فاحت = بالدمِ الشاهد الشهيد القاني
فَحَدَاها صوتُ الخلودِ فلبَّتْ = نعمَ ما للخلودِ من فرسانِ
تلك أيامُ أمَّتي أرجعتْها = نفحاتُ التوحيدِ والعرفانِ
وأتاها نبيُّها فاستنارتْ = ظلماتُ القلوبِ والأذهانِ
تلك أيامُها الكريمةُ أحيَتْ = ما أماتَ الركونُ للطغيانِ
خَشِيَتْْ من سؤالِ بارئِها الحقٍّ = بيومٍ مافيه من كتمانِ
يومَ يأتي النبيُّ يُنادى = أين أهلُ الإسلامِ والقرآنِ !
أين أين الآياتُ تُتْلَى بليلٍ = ونهارٍ أم هُنَّ للهجرانِ !
أتُسَوَّى بهمْ مواقفُ حشرٍ = ويوارون فيه كالقطعانِ !
ربِّ أبرمْ لأُمتي أمرَ رُشْدٍ = فيه مَنْجَىً من ربقةِ الإذعانِ
وَانْتَشِلْها من كلِ خطبٍ جسيمٍ = فعليها تآمرَ الخصمانِ
وعليها كلاهما ربِّ باتَا = طمسَ أحلى تراثِها يبغيانِ
هي يارب أقبلتْ شطرَ أبوابِكَ = ترجو معونةَ الديَّانِ
فأجرْها من كلِّ أعدائها اليوم = فهاهم في حالةِ الهذيانِ
وكأني أرى الحبيبَِ تراءى = يستثيرُ الرماةَ بالمُرَّانِ