قد أتاها مُحَمَّدٌ بالمثاني
21تشرين12021
شريف قاسم
إذْ رنا الكونُ مخبتًا للسماءِ=يتملَّى بزوغَ فجرِ الهناءِ
فالبرايا وأهلُها في عناءٍ=وهواهم عن الهدايةِ ناءِ
عاثَ بالنَّاسِ رأيُ كلِّ أثيمٍ=فتغشَّاهمُ ثقيلُ البلاءِ
إنَّه الكفرُ فالضَّلالةُ أعمَّتْ=مَن تمادى في الشَّرِّ والإغواءِ
واكفهرت من الرزايا وجوهٌ=كالحاتٌ تشكو على إغضاءِ
حَكَمَتْهَا العاداتُ بئسَ ضياعًا=شلَّ ما للنفوسِ من بأواءِ
ولواها عن المآثرِ حُمقٌ=بيدِ الجاهليةِ العمياءِ
أَوَمَا آنَ أن ترى الأرضُ سُقيا=من حُنُوٍّ و ومضةٍ من سناءِ
أَوَمَا آنَ بعدُ أن تَتَثَنَّى=بهداها ببعثةِ الأنبياءِ
فاستَغاثَتْ بربِّها فَحَبَاها=جَلَّ ربِّي بالدَّعوةِ السَّمحاءِ
وتراءى جبريلُ يحملُ نورًا=فَأُزِيلَتْ مكارهُ الظلماءِ
وإذِ الكونُ كلُّه في حبورٍ=والبشاراتُ في المغاني الوِضاءِ
قد أتاها مُحَمَّدٌ بالمثاني=وبأنوارِ السُّنةِ الغرَّاءِ
وبدينٍ إلى الأنامِ قويمٍ=وسِواهُ هُراؤُهم في هُراءِ
ربُّ هذا الوجودِ ما اختارَ إلا=ما يقودُ الإنسانَ للعلياءِ
وَهْوَ سبحانه اصطفاهُ نَبِيًّا=ورسولا للناسِ في الغبراءِ
وإلى الجِنِّ آمنوا إذ تنادوا=لسماعِ الآياتِ بعدَ التَّنائي
إنَّها شِرعةُ الرحيمِ إليها=أقبلَ الخَلْقُ بالرضا والوفاءِ
فأفاضَ الرحمنُ في الأرضِ خيرًا=ما رأوا مثلَه من جزيلِ الحِباءِ
إذْ رعوْها فَأُنْزِلَتْ بركاتٌ=من لَدُنْ بارئٍ إلى الأوفياءِ
والمزايا سَمَتْ بأنفُسِ قومٍ=من ودادٍ وأُلْفَةٍ و إخاءِ
آمنَ الناسُ والقلوبُ تآختْ=ليس فيها مثالبُ البغضاءِ
ووقاهم ربُّ العبادِ اصطفاءً=من رزيَّاتِ الفتنةِ الشَّنعاءِ
وأتتهم عنايةُ اللهِ جلَّتْ=بانتصارٍ لجحفلِ النُّجباءِ
قد كفى الدِّينَ ربُّنا فالأعادي=في تبابٍ وحسرةٍ وازدراءِ
والطواغيتُ أمعنوا بأذاهم=لأولي الرشدِ أهلِ هذا البهاءِ
يستفزُ استكبارَهم مَن تعالى=فوق مافي أحلامهم من هُراءِ
وهم الغافلون ظنُّوا نعيقا=كالصَّفيرِ المشهودِ للمكَّاءِ
يالهم في مدارِ عزٍّ كذوبٍ=من بقايا الأراذلِ الأغبياءِ
وعجيبٌ نفوسُهم ما ارعوتْ من=قصصِ الهالكين أهلِ العماءِ
كم زعيمٍ مضى وعربدَ يُومِي=بانتقامٍ من أكرمِ الأتقياءِ
فأتاهُ حكمُ القديرِ فأمسى=في غياباتِ حفرةِ الأشقياءِ
فعدوُّ الإسلامِ مهما تمادى=وتحدَّى قدسيةَ العصماءِ
وأنالَ الأبرارَ أنكالَ حقدٍ=في ليالٍ مريرةِ الإيذاءِ
فأتتهُ أقدارُ ربِّي فألقتْ=عنفوانَ الطاغوتِ في الدأماءِ
أو رمتْ بالدَّاءِ الوبيلِ بعوضٌ=أكلتْ من دماغه في الخفاءِ
ما تعافى ، وهل ينالُ التَّعافي=مَن تصدَّى لشرعةِ الحنفاءِ
وهو التاريخُ الموثَّقُ أجدى =للمُماري بالصَّفعةِ الشنعاءِ
والطغاةُ البغاةُ في كلِّ عصرٍ=هم أسارى في زمرةِ السفهاءِ
ظُنَّ خيرًا باللهِ إنْ جارَ عبدٌ=واستساغتْ يداهُ هدمَ البناءِ
فلقد أفلس البغاةُ ولجُّوا=بالصفاتِ المقيتة العجفاءِ
وتنادوا إلى سفاسفِ فعلٍ=ليس ترضاهُ أنفُسُ الفضلاءِ
إنها الحربُ لم تزل تتلظَّى=في صدور الأشرارِ والأعداءِ
لن ينالوا من ديننا وعُلانا=رغم موجِ الأحقادِ والإيذاءِ
بين ليلِ الأذى ، وعصفِ خطوبٍ =في ربانا ، و وطأةِ الأرزاءِ
وانفلاتِ الأهواءِ في ثوبِ طيشٍ= لنفوسٍ تعيشُ للأهواءِ
واعتسافٍ أدمى القلوبَ ، و وارى= أُمنياتِ الشعوبِ دونَ عزاءِ
أضرمتْهُ الأحقادُ فاشتعلَ الظُّلمُ ... =... عدوًّا للشرعةِ الغرَّاءِ
فبكفَّيهِ فأسُه ما سلاها=أو طواها ، من شدَّةِ الغلواءِ
يهدمُ البغيُ مجدَنا مستبيحًا=ما بناهُ الإسلامُ بعدَ عناءِ
هجمةٌ للعتاةِ أدمتْ أباةً=ماقلاهم وجهُ الهدى والإباءِ
أفردتْهم نوازلُ الدهرِ صيدًا=وحبتْهم بالصَّبرِ في اللأواءِ
وجفاهم بنو اللذائذِ حتَّى=باتَ أحبابُهم من الأعداءِ
وعرتْ خطوَ عزِّهم عتماتٌ=كي يموتَ الرجاءُ في الأحناءِ
أو يُردَّ الإقدامُ ينهكُه البأسُ ...=... ويفنى وقْدُ الفِدا في المضاءِ
فاسأل المعتدين كيف يُزَجِّي=أهلُ دينِ الهدى خطى الأوفياءِ
أنهكَ المكرُ للبغاةِ عقولا=سخَّروها للفكرةِ العمياءِ
بيديهم يستنزفون قُواهم=فالنَّفارُ المحمومُ قيدُ فناءِ
هم يرومون أن نعيشَ كما هم=في فسادٍ و خسَّةٍ وازدراءِ
أيها الواهمون إنَّا أتينا=بالكتابِ المبينِ لا البغضاءِ
وحملْنا هدى النبيِّ إلى الدنيا ...=... سلامًا على بساطِ الإخاءِ
ماعرفنا إلا المآثرَ نهديها ...=... إلى الخلقِ باليدِ البيضاءِ
دينُنا حرَّمَ السَّفاهةَ تأتي=مُرَّةً بالجرائمِ النَّكراءِ
ونهانا عن التكبُّرِ في الأرضِ ...=... فبئستْ بضاعةُ الكبرياءِ
أتظنُّونَ أنَّنا قد فقدنا=ما أتانا من دعوةِ الأنبياءِ
تلك دعوى من أُمنياتِ السُّكارى=والحيارى ضلَّتْ طريقَ ارتقاءِ
عاجلتْها ريحُ الغيوبِ فولَّتْ=مالها في حياتِنا من بقاءِ
قد أفقنا فللظلامِ انحسارٌ=وسنى الفجرِ آخذٌ في العلاءِ
والمروءاتُ في الجوانحِ ضجَّتْ=بمثاني الهدى ، و وحيِ السَّماءِ
والملبُّون ... بالعقيدةِ هبُّوا=ماثنتْهُم ضراوةُ البأساءِ
غارةُ البغيِ والأذى عاجلتْها=ضرباتُ الجهادِ عندَ اللقاءِ
من أكُفِّ الشبابِ رميةُ صدقٍ=سدَّدتْها فراسةُ الأكفاءِ
إذْ رأوا في الجناةِ حفنةَ حقدٍ=وقلوبًا خوتْ بغيرِ سناءِ
إنها العودةُ الكريمةُ للهِ...=... فطوبى لهم بهذا الإياءِ
ورحى دورةِ الزمانِ استعادتْ=بشبابِ الإسلامِ ريحَ رُخاءِ
ذاكَ إرثُ النُّبُوَّةِ انداحَ نورًا =ليس يُبقي العمى بعينِ الرَّائي
أيُّها الواهمون ، أهلَ الأذى والشَّرِّ ...=... في غربِ هذه الغبراءِ
قد تلوَّنتُم بالأكاذيبِ حتَّى=خجلتْ منها نشرةُ الأنباءِ
من قديمِ العصورِ أنتم ، وأنتم=مثلما كنتم من جنودِ الدَّهاءِ ...
للفسادِ المذمومِ ، للملمسِ الغضِّ ...= تلوَّى كالحيَّةِ الرقطاءِ
ولتلكَ الأحقادِ أُورثتُموها= ولهذا الفجورِ والإغراءِ
كيفَ ننسى عنوانَ خِسَّتِكم في=حَمَلاتٍ تاقتْ لسفكِ الدِّماءِ !!
وهواكم في طمسِ إشراقةِ الخيرِ ...=... بدينٍ في أرضِنا المعطاءِ !!
جئتُمونا من قبلُ والشَّرُّ زادٌ=لبنيكم ، والنَّفسُ في خُيلاءِ !!
ورجعتُم بعدَ الهزائمِ تعوون ...=... بعصرِ الحضارةِ السَّوداءِ
وكأنَّ الأيامَ عادتْ ، ولكنْ=بشعاراتِ شقوةٍ وافتراءِ !!
في يديكم أسبابُ كلِّ دمارٍ=للرقيِّ المنشودِ في الأحياءِ
وكذاك الدَّجال يأتي أخيرا=وحواليه فتنةُ الأغبياءِ
أينما حطَّ فالمصائبُ تأتي=أو مضى فالوباءُ إثرَ وباءِ
أرأيتُم آثارَكم في بلادٍ=كيف أخوتْ من غيرِ أدنى هناءِ !!
وادِّعاءاتِكم وقد فضحتْها=ما على أرضِنا من الأشلاءِ
كيفَ نُغضي وللمذابحِ صوتٌ=ضجَّ في سمعِنا مدى الآناءِ
أفرحتُم بما لديكم من القوةِ ...=... صالتْ ، وجوقةِ العملاءِ !!
أم رأيتُم أحلامَكم تتراءى=في عيونِ الأوباشِ والجبناءِ !!
أوراءَ المشاهدِ السُّودِ رأيٌ=يختفي خلفَه أُولو الآراءِ !!
ربَّما تأخذُ الخديعةُ مرماها ...=... وغُفْلُ القلوبِ في إغماءِ
إنما الشَّمسُ قد بدتْ في نهارٍ=ليس يخفَى حتى على البلهاءِ
فتنادى الرجالُ من كلِّ حدْبٍ=من محاريبِ عزِّهم والولاءِ
من بطونِ المساجدِ : المجدُ منها=هلَّ يومًا بطلعةِ البُشَراءِ
من ظلالِ المصاحفِ : النُّورُ فيها=زادُ خيرٍ للمؤمنِ الغدَّاءِ
من كنوزِ الميراثِ ليسَ بِفانٍ=حيثُ أغناهُ خاتمُ الأنبياءِ
أُمَّةٌ من سباتها أيقظتْها=دعوةُ اللهِ آذنتْ بالمضاءِ
ملَّت الوهْنَ والقعودَ ، وألقتْ=عن شرايينِها ثقيلَ الدَّاءِ
آنَ للحقِّ أنْ يردَّ أباطيلَ ...=... دعاوى أعدائِه للهباءِ
عودةٌ من دجى السُّجونِ ، وأخرى=من جراحِ القيودِ للأنضاءِ
ربِّ أتممْ للنَّاسِ أيامَ خيرٍ=في مغاني الشَّريعةِ السَّمحاءِ
ربِّ أدركْ من المهالِكِ قومي=واحمِ ياربِّ موطنَ الإسراءِ
وتلطَّفْ إلهنا بقلوبٍ=نذروها للسَّاعةِ العسراءِ
وشبابٍ عابُوا التَّخلُّفَ عمَّنْ=حنَّدتْهُو كتائبُ الشهداءِ
من { حماسٍ } ونعمَ تلك الأماسي=والصَّباحاتُ تحتَ خفقِ اللواءِ
كم شهيدٍ وكم جريحٍ أتاها=وأسيرٍ ماهابَ جوْرَ اعتداءِ
الطُّغاةُ الجناةُ ، والكيدُ والمكرُ ...=... وهاماتُ ذلَّةٍ و انحناءِ
وبقايا المعمَّدين ، وأخرى=من نسيجِ المسيرةِ الخرقاءِ
قد أذلَّتْ رقابَهم فاستُرقُّوا =حاسراتُ الأهواءِ والإغراءِ
إنها فتنةُ العدوِّ تمادتْ=في فلسطين آهِ والزوراءِ
وبأفغانستان أُهدِرتِ الأنفُسُ ...=... كلمَى ، وطُوِّقتْ بالعناءِ
فالصَّليبيون العتاةُ أتوها=واستباحوا بالبغيِ سترَ الخِباءِ
فتردَّى الأفغانُ بينَ أعاديهم ... =... وبينَ الأذلةِ العملاءِ
وتنادوا إلى الجهادِ فياربِّ ...=... تداركْ بالنَّصرِ أهلَ ولاءِ
وبأرضِ الشيشانِ أُمَّةُ طه=أنهكتْها ضراوةُ الإيذاءِ
إذْ رمى الملحدون رحبَ مغانيها ...=... بنارِ اعتسافِهم والفناءِ
فحداهم صوتُ الغيوبِ إلى الثأرِ ...=... فهبُّوا بالهمَّةِ القعساءِ
بايعوا اللهَ فالجهادُ سبيلٌ=رغمَ ليلِ الشدَّاتِ والضَّرَّاءِ
هي جولاتُ صبرِهم ماتوانى=في ميادينِها بنو الصُّلحاءِ
أشعلوها على الطغاةِ جحيمًا=يتلظَّى أُوارُها بالفداءِ
من شبابٍ وقودُها و رجالٍ=وصغارٍ إذِ ابتُلوا ونساءِ
بعضُ أخبارِ أُمَّتي دوَّختني=وإليها يعودُ وَقْدُ شجائي
ترجمتْها قصائدي فائراتٍ=حيثُ عجَّ التَّحنانُ في أحنائي
فعلى أُمتي طويلُ اكتئابي=وعليها عندَ المصابِ بكائي
ولديها صدقُ العهودِ ، وعندي=مالها من وثيقِ عهدِ الوفاءِ
ولها في الدُّجى المديدِ ابتهالي=لإلهي ولا أني و دعائي
ماتراميْتُ منهكًا دون حقٍّ=سلبتْهُ ضحىً يدُ الأقوياءِ
فعليها تكالبَ الشرقُ والغربُ ...=... بما فيهما من البغضاءِ
قد يرومُ الجلاَّدُ طمسَ شعوري=بالسِّياطِ الشَّديدةِ البأساءِ !!
ويودُّ الطغيانُ وأدَ إبائي=في ميادين لهفتي و رجائي !!
إنَّما المؤمنُ الصَّبورُ يوالي=دينَه الحقَّ رغمَ عصفِ البلاءِ
قد رضينا باللهِ ربًّا ، وعشنا=في ظلالِ الإسلامِ رغمَ الدَّاءِ
ونسجنا من اليقينِ رُؤانا=وأفقنا من غفلةِ الخلطاءِ
فإذا السِّفرُ حافلٌ بحديثٍ=عن جلالِ التبيانِ والإيحاءِ
وإذِ الكربُ بابُ فتحٍ يُرَجَّى=إنْ طغى الهولُ في دجى الدَّأماءِ
شدَّةٌ للزمانِ تأتي و تمضي=وبليلِ الشِّدّاتِ نورُ اصطفاءِ
لم يغادرْ سناهُ اهلَ ثباتٍ=ويقينٍ لم ينحنوا للبلاءِ
أو يُغرُّوا بمنصبٍ أو بمالٍ=جرَّ بالنِّيرِ صاحبَ الأهواءِ
هكذا إذْ تباعُ أرديةُ الزيفِ ...=... فبئستْ لأهلِها من رداءِ
أخبرتْنا الأيامُ أنَّ عطاها=غيرُ باقٍ ، وظلُّها لانكفاءِ
وصدى الباقياتِ يُطربُ أهلَ ...=... الفضلِ فأكرمْ بأجودِ الأصداءِ
الشَّبابُ الوثَّابُ موكبُ صدقٍ=أدلجوا اليومَ بالتُّقى والفداءِ
ومضوا ينصرون دينَهُمُ الحقَّ ...=... فطوبى للركبِ من نُصَراءِ
كرهوا غفلةَ النِّيامِ على الضَّيمِ ...=... وعابوا الرِّعديدَ عندَ اللقاءِ
جمعتْهُم آياتُ ربِّ البرايا= بمآتي سُمُوِّها الحسناءِ
فتناءى الخِذلانُ ، وانكفأَ الخوفُ ...=... و ولَّتْ هواجسُ الجهلاءِ
وسقوا في منابتِ العزِّ حقلا=من سحابِ المواطرِ الآلاءِ
وعليه استوتْ فيالقُ خيرٍ=فقدتْها الأيامُ في العظماءِ
وتثنَّتْ على المرابعِ جذلى=ماثنتْها سخائمُ الأعداءِ
أنشأتْ صحوةَ الشُّعوبِ ببدءٍ=كفَّتاها ، وبوركتْ في الختامِ
فبكلِّ البقاعِ تسمعُ شدوًا=لبنيها محبَّبَ الإنشاءِ
لم تُنادِ الأمجادُ غيرَهُمُ اليومَ ...=... ولم تلتفتْ إلى السُّفهاءِ
يومَ فضَّتْ كنانةُ العزِّ عنها=وجدتْهم صُبْرًا علىالإيذاءِ
ورأتْهم في جفنِ أ سمى صباحٍ=يتراءى بهم شعاعُ ذُكاءِ
فهُمُ الخيرُ والنَّدى والأماني=وهُمُ الدَّافعون للضَّرَّاءِ
وهُمُ الإرثُ للشريعةِ لمَّا=لاذَ أهلُ الأهواءِ بالأهواءِ
وهمُ السَّاعدُ الشَّديدُ وقد أوهتْ ...=... صخورُ الأسى يدَ البنَّاءِ
وهُمُ الطُّهرُ في ضميرِ الليالي=في زمانِ استئثارِها بالخناءِ
جفوةٌ مُرَّةٌ أذاقتْ بنيها=كأسَ تلك المرارةِ العجفاءِ
أين منهم ما أنزلَ اللهُ من حُلْوِ ...=... مثاني قرآنِه اللألاءِ !!
ومزايا يرفُّ فيها انعتاقٌ=عن مهاوي الرَّذيلةِ النكراءِ !!
تلك من ربَّانيَّةِ الدَّعوةِ السَّمحاءِ ...=... تُزَجِّي مآثرَ الشُّرفاءِ
فينابيعُها مناهلُ بِرٍّ =دافقات للمكتوين الظِّماءِ
ماتناستْ حالَ الضِّعافِ ولا جفَّتْ ...=... لطولِ العهودِ من إرواءِ !!
كفكفتْ أدمعَ الشعوبِ و ردَّتْ=عن رباها فضاعةَ الإفناءِ
كفَرَ النَّاسُ بالحضارةِ جاءتْ=بالرزايا الثَّقيلةِ العمياءِ
وبوشيِ الألوانِ من متعِ العصرِ ...=... أطلَّتْ بالإثمِ والإغواءِ
وبأحكامِ عصبةِ الأممِ : الزُّورُ ...=... حباها بالقهرِ للأعضاءِ
وبهذا اليمينِ شُلَّتْ يداهُ=وبذاك اليسارِ ذي الإيذاءِ
تتلوَّى أذىً نيوبُ الأفاعي=وتُعدُّ السُّمومُ شرَّ إناءِ
قدَّموها بالخبثِ ذاتَ ثيابٍ=ناعماتٍ في الصُّبحِ والإمساءِ
فتعرَّتْ ، وللزمانِ انقلابٌ=يفضحُ المجرمين بعدَ خفاءِ
إنَّ أيَّامَه يداولُها اللهُ ...=... قديرا بحكمةٍ وقضاءِ
يا أخا الشِّرعةِ الكريمةِ أقدمْ=فوربِّ السَّماءِ لستَ بناءِ :
عن فخارٍ بدينِ ربِّك يعلو=فوقَ ظنِّ المذاهبِ الشَّوهاءِ
وانتصارٍ جدَّتْ خطاهُ بدنيانا ...=... ربيعًا معشوشبا بالرجاءِ
والنِّداءاتُ في ظلامِ المآسي=فوقَ أنقاضِ رِدَّةٍ و افتراءِ
منذراتٌ بالانتحارِ لقومٍ=إنْ تغاضوا عمَّا بخيرِ النِّداءِ
ليسَ يُنجيهُمُ التَّمادي بغيٍّ=والتَّجافي عن نورِ وحيِ السماءِ
إن يقولوا لدى العدوِّ هناءٌ=وارتقاءٌ ومتعةٌ في الثَّراءِ
فلقد داهمَ العدوَّ انحسارٌ=لضلالِ الخديعةِ العرجاءِ
إنَّ للظلمِ والحوادثُ تُنبي =جولةً معْ طبولِه الجوفاءِ
والصَّناديدُ من شبابِ هُدانا=ماثنتْهُم محاولاتُ احتواءِ
هم مع اللهِ ، والعقيدةُ أسمى=من بريقِ الثَّناءِ والإطراءِ
هم مع اللهِ ، والأذيَّةُ تُطوَى=دونَ بيضِ الغاياتِ للأتقياءِ
وليالي السجونِ هيهاتَ تُفني=ما بوجهِ الأخيارِ من سيماءِ
وفتاتُ العظامِ في باطنِ الأرضِ ...=... سيحيا بروحِه الشَّمَّاءِ
وتُطلُّ الوجوهُ مشرقةَ البسمةِ ...=... من أُفْقِ خلدِها الوضَّاءِ
لن يزولَ الإسلامُ فالحقُّ أبقى=من هُراءِ البطلانِ والضَّوضاءِ
لسُمُوِّ الشبابِ سِفرٌ مُحَلَّى=ببهيجِ الهدى ، وزهوِ الوفاءِ
إنهم فتيةُ النَّبيِّ r وهاهم=شمَّروا عن وميضِ يومِ اللقاءِ
يحسرون اللثامَ عن أُسْدِ شرعٍ=وصفوهم في السَّاحِ بالغرباءِ
طابَ يومُ الوفاءِ للهِ تُفدَى=شرعةُ الخيرِ فيه بالأحناءِ
والجراحاتُ لم تزلْ بعضَ ما للهِ ...=... في الميثاقِ الرفيعِ الولاءِ
ولهيبُ الآهاتِ في المهجِ المُدماةِ ...=... نجوى لِلَفْتَةِ استعلاءِ
فوقَ كلِّ الخطوبِ والثُّكْلِ ، تبقى=في شُموخٍ كتائبُ الخُلصاءِ
ورواياتُها النَّديَّةُ تُعيي=لو بَدَتْها : صناعةُ البلغاءِ
أهلُها الصِّيدُ أكرموها بروحٍ=وبمالٍ ، وذاك أوفى الحِباءِ
جمعتْهُم في اللهِ رابطةُ الدِّينِ ...=... فألفوا بها وثيقَ الإخاءِ
وحداهُم صوتُ النَّبيِّ r فأيديهم ...=... تلاقتْ ، فبايعوا للفداءِ
بيعةٌ للأبرارِ باركَها اللهُ ...=... وأحياها صدقُ رجعِ النِّداءِ
يؤثرون الذي بجنَّةِ خلدٍ=عن فُتاتِ المنى بدارِ الفناءِ
ليس تُثنيهُمُ الصِّعابُ تتالتْ= عاصفات ٍ في العيشِ بالأعباءِ
إنَّه وعدُ بارئِ الكونِ للخلقِ ...=... وبشرى من سيِّدِ الأنبياءِ r
فَلْيُوَلِّ الطاغوتُ كيف تبدَّى=إنْ برعبِ التَّدميرِ والأشلاءِ
أو بهوجِ الأحقادِ ترمي الأذياتِ ...=... على الآمنين والأبرياءِ
لن يموتَ الإسلامُ مهما أذاقوا=أهلَه الأكرمين من بلواءِ
ربما يضحكُ المجرمون صباحا =إنما دمعُ خزيِهم في المساءِ
وسوم: العدد 951