نفثات
*********
صالح محمّد جرّار
*** دُنيا ***
هذه الدّنيا شجونٌ وفنون
ثمّ يأتي بعدها سيف المَنون
ثمّ حشرٌ لحسابٍ
بعد بعثٍ من قبور
ههنا يعلو نواحٌ
ههنا ثار عويل
ههنا شيخٌ مُعَنّى
ههنا طفلٌ يتيم
وترى نأياُ وقرباً
وترى شوقاً يطول
أينما كنّا أنينٌ
أينما كنّا هديل
ذاك يحيا في شقاءٍ
ذاك يشقى في نعيم
وترى زوجاً تخلّى
عن بنات وبنين
ترك الطّفل رضيعاً
ترك الزّوج الحنون
وارتضى وَهْمَ سرابٍ
بدل الماء النّمير
وخداعاً قد تفشّى
وهتافاً للخؤون
ثمّ راجت سوق فُحشٍ
وتعاطينا المجون
همّنا أكلٌ وشربٌ
وبناءٌ للقصور
نعبد الدّنيا وننسى
أنّها دار الغرور
بعضنا يقتل بعضاً
في فتاتٍ سيزول
وعدوّاً يسلب الأوطان قهراً
وبعون الحاقدين
ورمَوا أهلاً ضعافاً
في ديار العالَمين
غيرَ أنّا قد رأينا
في صفوف الهائمين
مَن أبى إلاّ خضوعاً
لوحوش المعتدين
وأبى منّا أناسٌ
أن يكونوا خانعين
لعدوٍّ دنّس الأقصى وأرض المسلمين
بايعوا الله فظلّوا شامخين
وارتضَوا أخرى بدنيا الزّائلين
وعجيبٌ ما أراه من فساد الحاكمين
قد علَوا كرسيَّ حُكْمٍ
بسلاح الظّالمين
وسَعَوا في الأرض إفساداً كفرعونَ الأثيم
فتكوا بالشّعب وارتدّوا مغولاً مجرمين
ما نجا طفلٌ رضيعٌ
ما نجت أمٌّ رؤوم
ما نجا بيتٌ وأهلٌ
ما نجا المسجد بيت الله درع المتّقين
وصف ما نلقاه من كربٍ يطول
فبنُو آدمَ ضلّوا
وسعَوا نحو الجحيم
فطرة الله جفوها
تبعوا ذاك اللعين
فأرى صحوتَهم كالمستحيل
وكأنّ الغافلَ المأفونَ باقٍ لا يزول
فإنِ امتدّ زمانٌ
فقضاءُ الله آتٍ بعد حين
مَن سينجو من مَنونٍ ؟!
مَن سينجو من حساب الله يوم البعث والحشر العظيم ؟!
فكتابٌ عن شمالٍ وكتابٌ عن يمين
ثمّ نيرانٌ تلظّى لكفورٍ وأثيم
أو جِنانٌ ونعيمٌ لعبادٍ متّقين
فارتقب يا أيّها الغافلُ حكمَ الله ربِّ العالَمين !!
**********
** من وحي حُلُم **
أبثّ إليك ، يا ربّي ، شكاتي = فأنت الله تدري ما بذاتي
ضعيفاً قد خُلقتُ فلستُ أقوى = على همّ الحياة وقهر عات
فدنيانا تبدّت وحشَ غابٍ = فتفرُسُنا بأنياب القساة
وأحياناً ترينا لين أفعى = فتخفي سمّها بالأمنيات
وحيناً تفرش الدّرب بوَرد = ومن بعد الورود ظُبا الأذاة
* * *=* * *
فويلٌ للذي أعطى قياداً = لشيطان الهوى ودُمى الحياةِ
ويا سعدَ الذي لبّى نداءً = من الخلاّق، لا صوتَ الجُناةِ
وقد أدّى حقوق الله طوعاً = وأدّى راشداً حقّ الحياةِ
وإن طغتِ النُّفوسُ وما استجابت = لدينٍ أو لعُرفٍ أو هُداةِ
فإنّ عقاب ربّك لهو آتٍ = فتحكمنا قوانين الطّغاة
فيقتلُ بعضُنا بعضاً لِدُنيا = وننسى الحشر من بعد الممات
وما الدّنيا سوى جسرٍ لأخرى = وفي الأخرى موازين السُّعاة
فإمّا النّارُ تحطمُ مصطليها = وإمّا جنّةٌ عُقبى التّقاة
* * *=* * *
فألهمنا ،إلهي،الصّبر وامننْ = علينا بالرّشاد وبالثبات
ووفّقنا لنصر الحقّ واخذل = جنود البغي ، يا عونَ الأباة
وجنّبنا الهوى واغفر خطايا = تغشّتنا لضعفٍ أو شتات
وسترا يا جميلَ السّتر ذنباً = تغشّانا بوسواس العصاةِ
ووفّق أهلَنا للحقّ واحفظ = عليهم ما حفظتَ على التّقاة
وفرّج كربَ "إسلامٍ "وأحسن = خلاصَ مجاهدٍ في سجن عاتِ
وأمّا المسلمون فأنت أدرى = بما آلوا إليه من الشّتات
" فكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى " = وليلى لا تريدُ سوى الثّقاة
فأصلح حالَهم يا ربّ وامنن = عليهم بالرّشاد وبالنّجاة
ومسك دعائنا يا ربّ حمدٌ = وتسليمٌ على خير الهداة
إنّي رأيتك ، يا إسلامُ في حُلُمي= حُرّاً طليقاً ، فما أحلاهُ من حُلُمِ
فهل يُحقّقُ ربّي حُلْمَنا فنرى = عيناً تقرُّ بجمع الشّمل في حرَمي؟!
فهو الرّحيمُ بنا ، ما ردّ سائلَه = وهل يردّ كريمٌ سُؤلَ ذي ألمِ
ربّاهُ ،شِختُ ،وذا ابني بقيد عِدَاً = همُ اليهودُ ذوو الأحقاد والجُرُمِ
هذي السِّنونَ مضت والقلب يؤلمُهُ = أنّ الحبيبَ يقاسي سطوةَ الظُّلَمِ
هوالمجاهدُ ، يا ربّي ،وذو هممٍ = لنصر دينك ،لم يرقد ولم ينمِ
قد مسّهُ الضّرُّ والأصحابَ ،في غسَقٍ = من ليل أمّتنا في عهد منهزم
خلَّوهمُ لمرير القيد ، وا أسفا = خلّوهمُ لظلام السّجن والضّرَمِ
خلّوهمُ ، وذويهم صيدَ أزمنةٍ = من الشّقاءِ وصيدَ الهمّ والسّقَم
فأظلم الأفْق حتّى لا ترى قبساً = من الرّجاء ، فإنّ العُرْبَ كالرّمَمِ
فحالُهمْ حالُ عبدانٍ، وقد خضعوا = لسادةٍ لهمُ من أجرم الأمم
حكّامُهم أُسُدٌ في قتل شعبهمُ = لكنّهم في قتال الهود كالَّنّعَم
ساموا شعوبَهمُ خسْفَ العذاب وقد = أدّوا صَلاتَهمُ للسّيّد الحَكَمِ
مثل الّذي يدّعي للدّين مقرَبةً = في شامنا ،فهو خنزيرٌ أصمُّ عمِ
وكم وكم في بلاد العُرْب عين عِداً = لا تتقي الله في أهلٍ وفي رحِمِ
باعوا ضمائرَهم باعوا بلادَهمُ= بالسُّحتِ بل بمتاعٍ زائلٍ وَرِمِ
كأنّهُمْ أخذوا وعدَ الإله بأن= تبقى الحياةُ لهم ،يا خُسْرَ محتَكمِ
لكنَّ مَن فقهوا سرَّ الحياة مضَوا= في درب نورٍ فلُقّوا أجر معتصِمِ
ندعوك ربّيَ أنْ تحمي مسيرَتَهم = من شرّ خصمهمُ ، يا بارئَ النّسَمِ
وأن تعيدَ أسارانا وقد شمختْ = هاماتُهم كشموخ الطّودِ والقممِ
وأن تعودَ أيا إسلامُ عَوْدَ شذاً = فتُنْعشَ الرُّوحَ بعد الضّيق والسّقَم
عسى يحقّق ربّي ما نؤمّلُه= قبلَ الرّحيل ، فربّي واسعُ الكرم