(*) الاعتصام العدد الثامن السنة الخامسة والعشرون غرة صفر 1383 ه يوليو 1963 م .
ما للظلامِ ينامُ فوق منَائرى = ما للكلامِ يضيعُ بين الأسطرِ
ما للرَّشادِ يَغُطٌ فى أحلامه = حيران يُسبح فى أسى وتفطّرِ
ما للوجودِ يلومُ ثائرتي التي = أَذْكت بعزمي أوهبت بمشاعِري
ما للدُّعاة تهيبت ميدانها = وتحَّرجت فيه ولم تتجَّسرِ
ما زال يصعدُ نصحهم متأجّجاً = حتى يموتَ على جدارِ المنبرِ
ما للفساد توطّدت أطنابه = فوق القُلوب بقسوةٍ وتجبّرِ
ما للضلال يسودُ بين حُماية = والخيرُ يجرفُ في الخضمَّ الزَّاخِر
ما للمجُون تجمَّعت أعوانه = وتعاونَتْ في الشّر لم تتناحرِ
ما للشَّبابِ تميَّعت أعوادُه = وترهًّلت لا تستقيمُ لكاسر
ما للنَّصيحة لا تغل ثمارها = كالحبَّ يبذُر في اليباب المُقْفرِ
ما للحروفِ تروحُ تحت الجندرِ = ما للحصيف يخافُ غيَّ السادرِ
ما للشبابِ يصدُّ عن أمجاده = بسذاجةٍ وبساطةٍ كالقُصَّرِ
يتنسم الأهواء وهو منعم = ويبذر الأموال فوق الميسر
ويفنّد الإسلام في متفكر = بين المجون على هوى وتندُّرِ
أنقلَّد الغربيَّ وهو مخنثَ = في الموبقاتِ وفي سمومِ المكرِ
هذا المجون مباءةٌ لشبابنا = ومكيدةٌ وخديعة المستعمر
رجسُ الشواطىء دنَّست أوضارة = وجه الكرامة والشعورِ النيّرِ
فوق الشواطىء ءأنشبت أظفآرها = حمى المُجونِ على ضِفافِ الأبحرِ
فوق الشواطىء كشفت فتياتنا = وتحرَّرت من كل ثوبٍ ساترِ
فوق الشواطىء صورةٌ همجيةٌ = أشلاء لحم عريت لمصورِ
هم كالكلاب تلغ في أعراضِها = أو كالعُجولِ تصولُ وسط الباقِرِ
أننفَّذّ التُّلمودَ في بهتانه = ونعارضُ القرآنِ هدى الحائرِ
ونصائحُ الصُّهيون تربح سُوقها = وتروجُ في الدُّنيا بخبثٍ الماكرِ
أخت الدَّمامة فاخري وتكبّري = وتعطَّري بالمسك أو بالعنبرِ
وتجمَّلي بالثّوبِ يخنق ضيقه = ثم احجلي حجلَ الغُراب الأجْهِرَ
ودَعِي الحياءَ فلا عليك فروضُه = ودعي الشَّعور تَثوُر فوق المنحرْ
ودعي الخمار إذا شَعرت بثقُله = وامشي بوجه الدَّاعراتِ السَّافرِ
وخُذي المعاطفَ كالزُّجاج شُنوفَها = ودعي المخالب تغتدي بالأحمرِ
ما الحُسن إلا نفحةٌ وخليقةٌ = لا بالعراء ولا بدعِر الدَّاعرِ
فالعطر في الأزْهار سرُّ جمالها = والسَّحرٌ في الأنغامِ لا في المزَهرِ
والخيرُ في الأرواح لا في طينها = والأنس في التَّغريد لا في الطّائرِ
ومنابت الأشواك تملأ أرضها = هل راقت الأشواكُ عينِ النّاظرِ
يا أخت مهلاً فكّري وتدبّري= وخذي اللباس بعفةٍ وتطهّرِ
حسنُ الفتاةِ حياؤها وثيابها = ثوب الحرائرِ لا إماءَ السَّامرِ
فالدُّر في صدفٍ يقيه شرورَهُ = تحتَ المياهِ وفي القرارِ الغَائرِ
والصَّخرُ والأحجارُ فوق جبالِها = هل تُصبح الأحْجَارُ مثل الجوهَرِ
والطينُ منطرحُ على أتلاله = تحت النّعال وفي ثنايا الحافرِ
والبحر يحوي الحي حتى تنتهي = منه الحياةُ يمجهُّ للأنسرِ
والمسك في الجؤناتِ تحفظ ريحه = فإذا بَدى طارت بكفَّ العاطرِ
والبذرة الصَّماء تخرج زرعها = فإذا عرت ماتت ولم تثمرِ
يا أخت لا تبغي ولا تتكبّري = نحو الرشاد تواضعي ، واستغفري
لهبي يثور على مدراج مُهجتي = ويشبُّ نار الغيظ بين خواطري
قلبي عليك يطير من وجدانه = كتطاير الأملاحِ فوق المجمرِ
قلبي عليك يمر في أنياطِه = أسفاً ، ويقذفُ بالدَّم المتفجّرِ
قلبي عليك يهيمُ في أحزانه = ويبللُ الشُكوى بدمع فائر
الله يعلم يا أخية أنني = أسقيك من نُصحي وإن لم تَشعرِي
الله يعلم يا عزيزة أنَّني = أبكي عليك بلوعةٍ وتحسّر
فصلاحُ أمرك في الفؤادِ كجنّةِ = وفسادُ حالك في الحشا كالخنجرِ
نصّبت من نفسِ عليك مناضلاً = يحميك من نهب الغوىَّ الفاجرِ
يا ظبية القِيعان عِرضُك فاحذري = في زحمة الأهواء فتك القَسْورِ
ساقوك للشّيطانِ عاريةً كما = يبدو الجزورُ على سماءِ المجزَرِ
ساقوك للنخّاس جامحة الخُطا = وغرائرُ الفجّارِ تُقبلُ تشتري
وشبابنا المخمور يجرع كأسَهُ = ريَّا لغلته ولما يصبرِ
لهفي عليك إذا خُدعتِ بمكرهِ = وطوى فؤادك بابتسامٍ أصفرِ
كنت الجريحة والفضيحة في الورى = وغدا الحريصُ على متاعٍ آخر
كمدي عليك إذا تبذلت رخيصة = مثل التّراب على شفيرِ المقبرِ
فاذا رخصت وصرت مثل بضاعةٍ = عرضت على الأسواق عرضِ البائرِ
وإذا غدوتِ كما يريد ذئابُها = نهبأ مشاعاً لا يخصٌ لغادِرِ
كنت الوضيعةَ في النّساء كجيفة = نَتْناءَ ترِمى في مهبَّ الصّرصَرِ
إن الورُود تحوطُها أشواكُهُا = بين الخَمائِل في حمي متسوَّرِ
فالوردُ إذ يبغي عليه مريدُه = فالشوكُ تحميه كسيفٍ باترِ
نادُوا عليك تحضري وتحرَّري = بين الشَّباب وشمَّري وتطورَّي
مازال ينفثُ في فؤادك سُمّه = حتى غدوت كلعبةٍ في متجرِ
قد زيَّنوا العصيانَ روضة جنة = فيحاءَ ترفل في النعيم الأخضرِ
وطهارةً الأخلاق ظُلمة حفرةٍ = سوداء ترسف في قيود المأسرِ
بالعلم والإيمان يصلح أمرُهاً = لا بالكلامِ ولا بضربِ العسكرِ
وحمايةُ الأخلاق فيها وحدَها = وبحجةِ الإقناعِ من مستبصرِ
إن كنت مسلمةً فتلك مصيبةٌ = أو كنت تابعة لأمة جميرِ
فالعرب لا تزهو بغير حجابها = والله قد أوصى بطول المئزرِ
كوني الملاك بزيه وحيائه = وتمنَّعي من مستهينٍ غادرٍ
كُوني الخميلة تاجُها وأوراقها = فإذا تعرَّت قُبَّحت في المنظرِ
يا عِزَّة الإسلام أصبح حالنا = في شر حال رغم كل مكابر
يا عِزَّة الإسلام آن لتظهري = طهر الحنيفِ تعليمه وتَنشري
يا عِزَّة الإسلام آن لتدحري = رجس اليهود وموبقاتِ الكافرِ