لشريعتي يشدو بياني المُلهَـمُ = وأنا بذكرِ الحقِّ لا أتلعثمُ
إني لديوانِ الوفاءِ نظمتُها = وبزهوِ نهجِ فخارِها أترنَّـمُ
هي وحيُ ربِّ العرشِ في عليائه = وهي الصراطُ المستقيمُ الأقومُ
وبها النَّبِيُّون الأفاضلُ بشَّرُوا = موسى وعيسى والخليلُ الأكرمُ
مَن قالَ : إنَّ الدينَ لـم يصلحْ فقد = ولَّى ، فذاك ــ من العتاةِ ــ مُذممُ
هو كافرٌ ، هو آثمٌ ، تبًّـا له = وهـو الشَّقيُّ أخـو الهوى والمجرمُ
غـرَّتْ طغاةَ الأرضِ غطرسة الهوى = وهـم الذين إلى الخبالِ توهمُوا
هاهـم بديجور المقابرِ كُبِّلُوا = من بعدِ لَهْوٍ من جَناهُ تنعموا
لا . والذي رفعَ السماءَ فإنَّهم = بالموبقاتِ ترنحوا وتألموا
في العُهرِ كم مكثُوا به ، وكساعةٍ = صفعَتْهُمُ الأقدارُ ما أبقَتْهُـمُ
وكأنها الحُلُمُ الجميلُ وفي الضحى = أرداهُمُ المُبكي الذي لايرحـمُ !
وصحوا وعاقبةُ الأراذلِ إذْ رأوا = علموا المصيرَ وقبله لم يعلموا !
وجدوا به خيباتِ يومِ فجورِهم = فمآلُ مَن شاقُوا النَّبيَّ استسلموا
قلْها لأعداءِ الشريعةِ إنَّ مَن = والى الضَّلالةَ والهوى لا يفهمُ
تلقاه كالأنعامِ لم يعرفْ سوى = بطنٍ وفَرْجٍ لايعي لا يُحجمُ
كم مجرمٍ كم ظالمٍ مستهترٍ = لمكانةِ القِيـمِ الكريمةِ يهدمُ
فالخزيُ في الدنيا وفي الأخرى لهم = والنارُ مثواهـم فتلك جهنَّمُ
والوعدُ آتٍ ياطغاةُ فما لكم = من منقذٍ في حينه يتقدمُ
فابكوا إذا شئتُم غـدًا وتوسلوا = هيهاتَ بعدَ جحودِكم أن تُرحموا !
فهي الشريعةُ ماؤُها عَذْبٌ وفي = أفيائهـا أهلُ الوفاءِ تنعموا
ونبيُّنا الهادي الحبيبُ شفيعُنا = ولهُ غدًا شرفُ الشفاعةِ يُبرمُ
كانت لدين المصطفى في مكةٍ = بيتٌ يطوفُ حياله والأرقـمُ
وهناك مأوى للصحابة بايعوا = بيدِ الولاءِ نبيَّهم واستعصموا
بالله لا باللاتِ والعزَّى ولا = بيدٍ لهم للشرِّ مُدَّتْ تُسهمُ
هـم مَن أحبُّوا ربَّهم ونبيَّهم = والحبُّ في هذا المدى لايُكتمُ
والبيناتُ مُعَظَّمٌ تنزيلُها = فهي المثاني والنداءُ الأعظمُ
وهي الليالي مقمراتٌ لم تزلْ = بالوحيِ فالأُفْقُ الجميلُ مُتيَّمُ
وشعورُهم تلقاهُ في أحنائهم = وكأنه بيقينِهم يتكلمُ
هو شدوُ أصحابِ الحبيبِ وإن غدوا = فقلوبهم حولَ الأحبةِ حُــوَّمُ
واليومَ نذكرُهم ونذكرُ عهدَهم = وتغيبُ عادٌ في المطافِ وجُرهُمُ
والجاهليةُ أدبرتْ لاردَّها = ربُّ السماءِ فشأنُها لايُكرمُ
هي حقبةُ الطاغوتِ فيها عارُهم = ولدى مخازيها : المُضَلَّلُ يسقُمُ
هـم صحبةُ المختارِ أصحابُ الرضا = مَن خصَّهم ربي بفضلٍ يُعلَمُ
فأنا وأنت وكلُّ أمتنا لهم = خَلَفٌ وإن لامَ الغواةُ اللوَّمُ
ولقد شُغِفْنا في الحياةِ بحبِّهم = ففؤادنا بهوى الصحابةِ مغرمُ
قد جئتُ أربُعَهم أشمُّ ثرىً مشتْ = يوما خطىً مَن بالأحبةِ يُغرَمُ
أسروا فؤادي لاعدمتُ طيوفَهم = فلهم من الصبحِ المحلَّى مبسمُ
ولهم مكانُ القربِ عند مليكهم = جـلَّ الكريمُ يحبُّهم فَهُـمُ هُــمُ
صدقوا الجليلَ عهودَهم فأثابهم = فردوسَه وبه الجوائزُ تُخْتــمُ
والآيُ تشهدُ أنَّهم خيرُ الورى = رغـم الذين على العداوةِ صمَّمُوا
منهم أبو بكرٍ رفيقُ نبيِّنا = في هجرةٍ منها الرجالُ تعلموا
والضَّيغمُ الفاروقُ ، قلْ عمرُ الذي = فتح البلادَ وللهدى يتجشَّمُ
والبَرُّ ذو النورين عثمانُ اعتلى = قِممَ المآثرِ شأنُه لايُبهمُ
وعليُّ بابُ العلمِ والفذُّ ازدهتْ = دنياهُ بالتقوى وفيها المغنمُ
وصحابةٌ ما إن ذكَرتَ خصالَهم = حتى رأيتَ أخا العداوةِ يُرغَـمُ
رضي المهيمنُ عنهُمُ والخزيُ ما = زالتْ دعائمُ حقدِه تتحطمُ
والويلُ للسفهاءِ مَن خاضوا بما = يشوي الوجوهَ الكالحاتِ ويُسقمُ
يكفيهُمُ شرفا مكانتُهم لدى = مَن جاءَ يُنقذُهم وهم ٌقد أسلموا
وتحملوا ثِقَلَ الأذى من قومهم = إذ صابروا ولهم أصاخَ المجرمُ
ورأوا مصارعَ مَن أذاقوهم لظى = والحقدُ يؤذي إذ يفورُ ويُؤلمُ
والظلمُ مهما عربدتْ أوداجُه = فلأهله بعدَ الأذى أن يُعدَمُوا
ولِمَن مضى شهما لنصرةِ دينِه = وجهادُه بين الحنايا مُبرَمُ
لاريبَ من تأييد بارئِه له = ومن المثوبةِ في غــدٍ لايُحرَمُ
فاصبر أخا الإسلامِ دينُك لم يزل = رغم العواصفِ ثابتًا لايُهزَمُ