هلْ ترْتضي هذا الزِّنى لشقيقةٍ؟ هلْ ترتضيهِ لمَنْ حَبَتْكَ غِذاها؟
جاءَ الفَتى بِشَبابهِ يَتَباهى=والنَّفْسُ راغِبةٌ بغيْرِ هُداها
ومن الرَّسولِ أراد إذْنًا بالزِّنى=يَشْفي غَليلَ النَّفس شَبَّ لَظاها
فلَكَمْ يَلَذُّ لقاءُ أصْحابِ الهَوى=في وَقْعةٍ تُؤتي النُّفوسَ مُناها
قد راحَ يَرْسُمُ في المُخَيَّلِ جَنَّةً= فيها الوُرودُ وعِطرُها وشَذاها
فيها الغَواني والعُيونُ سَواحِرٌ=تسْبي فُؤادَ الصَّبِّ إذْ يَغشاها
مَنْ ذا يَعافُ وِصالَ كُلِّ خَليلةٍ=مَنْ ذا يَعافُ عِناقها ولِقاها؟
نظرَ الرَّسولُ إليهِ نِظرَةَ مُشْفِقٍ=فيها الحُنُوُّ يَفيضُ مِن مَرْآها
وحَباهُ من قبَسِ الهدايةِ جَذْوَةً= مازالَ في سَمْعِ الزَّمان صَداها
والحُرُّ لا يَرضى لجارته الخَنا= ويَعَفُّ عنها لا يَرومُ أذاها
هذي هي الشِّيَمُ الأصيلة أمْرَعَتْ= في النَّفْسِ لايَرْضى القويمُ سِواها
فِيها التَّسامي فوْق كُلِّ رذيلةٍ= فِيها الطَّهارةُ في جَميلِ رُؤاها
شتَّانَ بين العِرْضِ يَدْنَسُ بالزِّنا= والعِرْضِ يَزْكُو بالسَّنا يَتباهى
قد قالها ذاكَ الكريمُ بطبْعِهِ=ذاك العَفيفُ الحُرُّ إذْ أرْساها
"وأغضُّ طرْفي إنْ بَدَتْ ليَ جارتي=حتَّى يُواري جَارتي مَأواها"