حفَّارُ القبورِ
زها القمرانِ وازدهرَ المراحُ
وطارَ بنا إلى العليا جناحُ
لَكَم دانت لنا دولٌ ودنيا
وأذعنتِ الجبابرُ والفساحُ
ملكنا نصفَ أرضينا قروناً
ولم يكبحْ مغازينا جماحُ
نشرْنا العدلَ في شرقٍ وغربٍ
وضاعتْ في مغانينا الأقاحُ
وتسقينا الغمامةُ قطْرَ ودقٍ
وأنَّى أمطرتْ نُسبَ الفلاحُ
؛فيرجعُ فيؤها خيراً عميماً
وإنَّ خراجَهَا آتٍ.. متاحُ
،، وزوَّجنا الثريَّا من سهيلٍ
فولَّى الليلُ وانكشفَ الصباحُ
وأنشدنا قصائدَنا "عَتَابَا"
وللورقَاءِ من رَجْعٍ نُواحُ
لَنَا في كلِّ أغنيةٍ نشيدٌ
وقصَّتُنا يُلحِّنُها الكفَاحُ
"فللأمويِّ"1 للعليا نداءٌ
وديكُ المجدُ ينهزهُ صياحُ
مشتْ أمجادُ "مروانٍ"2 دهوراً
ودانَ الشرقُ، والغربُ انفتاحُ
وعندَ "ابن العزيزِ"3 تليدُ عزٍّ
تَنَاشَدُه المفاوزُ والبطاحُ
؛؛فكم نادى المنادي أن هلمُّوا
إلى الصدقاتِ.... وانعقدَ السَّمَاحُ
؛؛؛ فلا شخصٌ يريدُ زكاةَ مالٍ
فقد أُغنوا ، وقد غنَّى النجاحُ
********
بنو العباسِ قد ورثوا دمشقاً
فذَرَّ المجدُ وانتثرَ الأقَاحُ
وهارونُ الرشيدِ له قيادٌ
؛؛؛؛ فإنَّ العزَّ تعضدُهُ الرماحُ
نمت أملاكُهُ تغزو الصحارى
وتحكي عزّ سؤددِهَا البطاحُ
"وهارونُ الرشيدِ" وقد تحدَّى
كلابَ الرومِ إذ عنَّ النباحُ
وكلبُ الرومِ "نقفورٌ"4 يماري
بجزيتِهِ،، ويغريه الوَقاحُ
فينذرُهُ الخليفةُ في جيوشٍ
تنبِّئُها الفيافي والمراحُ
؛؛فعاماً إنَّه يغزو الأعادي
وعامٌ في الحجيجِ لهُ كفاحُ
"وللمأمونِ" تاريخٌ شَدْتْهُ
حناجرُ.. والهدى مجدٌ صحاحُ
"ومعتصمٌ" يُصعِّدُ للمعالي
بنصرٍ يغتدي، ولهُ رواحُ
"بعمُّوريةَ" انصرفتْ مُنَاهُ
شِهاداً حَلْبُها والطعمُ رَاحُ
،،وفاحَ الياسمينُ بنا قروناً
وقد سادَ الهناءُ والارتياحُ
وكنَّا للعلا جسراً تلينا
جموعُ الناسِ إذ يفشو الطِّماحُ
لقد كنَّا وكان المجدُ يقفو
خطانا والعيونُ لذا لِماحُ
(وللحرِّيةِ الحمراءِ بابٌ)
يضرِّجُها التدافعُ والكفاحُ
...........
ولكنَّ الزمانُ له انكفاءٌ
ودوراتُ وأغيارٌ وِضاحُ
تدولُ أمورُنا إنْ نحن هُنَّا
ليُسمعَ في مغانينا النواحُ
فإن سرَّتْهُ أزمانٌ تسامتْ
...يسؤْهُ اليومُ إنْ نامَ النجاحُ
لقد عبثَ الزمانُ بمجدِ قومي
(وللكرسيِّ) قد نُدبَ النِّطَاحُ
"بهارزةٌ"5 لقد سادوا علينا
بحكمٍ جائرٍ؛ فالنُّجْبُ راحوا
بغوا واستأسدوا عسفاً علينا
وأمَّتْ في الورى جبْراً سجاحُ
لقد نبشوا عظامَ "بني نُصيرٍ" 6
فكانَ "لحافظٍ"7 منهم جناحُ
"حماةُ" حكتْ مجازرَها بدمعٍ
وإنَّ دماءَها نهرٌ سُحاحُ
"وتدمرُ" كم تلت عن سجنِ قتلٍ
...و أعوادُ المشانقِ مُستراحُ!!!
فكم رام السجين دنو موتٍ
وإن عذابَه أبداً نواحُ
"مقابرُ" لو حكتْ قامت خطيباً
فيحكي الجرحَ من عنتٍ جراحُ!!
... وآلافٌ مؤلفةٌ أبيدوا
ولو نطقتْ لأسمتْهُم بطاحُ
********
"وبشارٌ"8 وريثُ بني نَضيرٍ
بقتلِ الخلقِ تنكزُهُ الطِّمَاحُ
فإذ خرجت جموعُ الناسِ تدعو
لنيلِ حقوقِها ولها انشراحُ
يكونُ القتلُ و"التشبيحُ" ردٌّ
فبالتشبيحِ ينكسرُ الجناحُ
**********
وأما السجن فابنٌ للمآسي
به التنكيلُ والحَيْنُ الصُّراحُ
بنوا في كلِّ زاويةٍ سجوناً
وزقُّوها...و قد غُصبت مِلاحُ!
فكم برءاءَ قد أُفنوا ؛؛ ليبقوا
وأطفالاً لكم ذبحوا .... فصاحوا
ولم يعفوا شيوخاً من هلاكٍ
لأنَّ دماءَهم حقٌ مباحُ
وكم من مرأةٍ سُجنت ،،وديستْ
كرامتُها ..... وفرجٌ مستباحُ!!!
"محاكمُ قد أُقيمتْ دون دعوى
وتفتيشٌ" وسفكٌ ... واجتياحُ9
:"مقاومةً دعوها وامتناعاً" 10
؛ لهم في كلِّ معتركِ نُباحُ!!
"بهارزةٌ" لقد ضربوا مثالاً
فهم في القتل أفذاذٌ قحاحُ
سلوا التاريخَ عنهم والرزايا
؛ "مسيلمةً،،و قد أفكِتْ سجَاحُ"
سلوا البُرءاءَ إذ قُتلوا جهاراً
وإنَّ الشَّمسَ شاهدةُ وِضَاحُ
بلا جرمٍ.... بلا ذنبٍ أُبيدوا
،،،وأعراضُ النِّسَا فنٌّ مباحُ
سلوا البيداءَ كم أكلت لحوماً؟
وكم قضمتْ عظامَهُمُ بطاحُ؟!
*********
سلوا الغربانَ عن دفنِ الضَّحايا
عن الأجسادِ إذ وُئدَ الصَّباحُ
مقابرُ لو وعتْ لَحَكَت أساهُمْ
وحدَّثَ عنهُمُ خبرٌ صُراحُ
جماعاتٍ لقد دُفنوا بقبرٍ
وقد تعبتْ بأجسامٍ قراحُ
تكدستِ الجسومُ على جسُومٍ
كأنَّهُمُ ذُبابٌ مستباحُ
"فقابيلٌ" لقد أملى عليهم
بأنَّ القتلَ فيه المُستراحُ!
وأنَّ دماءَنَا حِلٌّ شراباً
وأنَّ الروحَ للأنذالِ راحُ!!
حُمَيَّاهُم نجيعٌ من دمانَا
وأنخابٌ إذا نزَّتْ جراحُ
"قرامطةٌ" وفي ثوبٍ جديدٍ
به قد أُلبستْ حَلْيَاً سَجَاحُ
"وهتلرُ" يرتجي منهم وصالاً
ويُرجى عن سفالتِهِم بواحُ
ويرجوهم "نتنياهو" بعلمٍ
عن "التشبيحِ" يحكيه السلاحُ
********
دمشقُ اليومَ ثكلى قد تهاوتْ
فقد أمَّ الورى كربٌ قُلاحُ
لطيمةُ أمِّها ،،و اليُتْمُ يُضني
، ولم تُجرمْ... ولم يُعلمْ جُناحُ!
وراعَ المسجدَ الأُمويَّ فيها
رُعاعٌ كلَّ جرمٍ قد أباحوا
لقد بلغوا الجرائمَ منتَهَاهَا
... وإبليسُ اللعينُ لهُ انشراحُ
،، بلِ الشيطانُ يقفو ما تناهتْ
إليهِ فعالُهُم ... ولهُ مراحُ
"بهارزةُ الشآَمِ" لَكَم تمادوا
وعن سوآتِهِم سقطَ الوشاحُ
تغذَّوا من جماجمِنا دهوراً
فكَم جرموا؟ وكم لَغِبَ الكفاحُ؟!
أرى بردى تلوِّنُهُ دماءٌ
يقاسي الكربَ إذ نزفتْ جراحُ
"سلامٌ من صبا بردى" عليلٌ
وعلَّتُهُ "البهارزةُ" الوَقَاحُ
"فشوقي قد بكى ستاً وعشراً"11
... ونبكي بالأسى شعباً يُباحُ
***********
ومجلسُ أمنِنَا : صُمٌّ،، وبُكْمٌ
؛ كأنَّ الجرمَ فعلٌ مستباحُ
فكم ذا ندَّدوا شجباً ؛ نعيقاً
وضجَّتْ بالنعيبِ هناكَ سَاحُ
قراراتٌ لقد صُنعتْ لتفنى
وتذروها السنابكَ والريَّاحُ
وكم من شاهدٍ قد فاهَ حقاً
عن الإجرامِ أوضَحَهُ الصَّباحُ....
"بمكيالين" قد ساسوا دُنانا
فإنْ يكُ فعلَنا قالوا: جُناحُ
وإنْ يكُ أبيضَ السَّحناتِ قالوا:
عقابٌ قاطعٌ،، وكذا جماحُ
"خيارتٌ لأوباما"12تتالتْ
وعيدٌ إذ يشابهُهُ نباحُ
"بخطِّ أحمرِ الألوانِ" أرغى
وأزبدَ ...لكنِ الإيعادُ راحُ
*********
وعُرْبٌ في السُّمودِ نيامُ كهفٍ
ومبلغُ علمِهِم صمتٌ مباحُ
ولمَّا يعلموا أنَّا أُكلْنا
وضاعَ المجدُ وانقشعَ الصباحُ
"بثورٍ أبيضِ" الألوانِ كانتْ
نهايتُنا .... وطارَ بنا جناحُ
لقد رهنوا عروبَتَنَا لغربٍ
فكانَ التيهُ.... واربدَّ الوشاحُ13
ورثنا عنهُمُ شراً وبيلاً
؛ حضارتَهم يبهرجُها الأقاحُ
ومنا أُورثوا خيراً عميماً
؛؛ فقد كانت لنا دولٌ فِسَاحُ
فدالتْ عندما هُنَّا لديهم
وولَّى عن مغانينا الكفاحُ
ومن يبعِ البلادَ لقاتليهِ
"فهابيلٌ" دماهُ تُستباحُ
دخلنا جُحرَهُم فَعَدَواْ علينا
كضبٍّ جحرُهُ شَرَكُ متاحُ
*******
أرى الفيحاءَ تبكي ما تقضَّى
من الماضي ؛ فقد حلَّ النواحُ
وإنَّ (لحمصَ) في المأساةِ جرحٌ
: جراحٌ قد تنادتْها جراحُ
كذا "الشهباءُ" تندبُ عزَّ ماضٍ
وإنَّ شموسَهُ مجدُ وِضَاحُ
تركْنا البهرزيَّ يصولُ عمراً
وقد غطَّى لسوءاتِ وشاحُ
فحلَّتْ طائفيَّتُهُم لِزاماً
وحلَّ على الورى قهرٌ مباحُ
؛؛؛؛؛ فقادوا الجيشَ في قسرٍ وفُجْرٍ
وأُبعدَ من تديَّنَ ،،و الصَّلاحُ
ونحَّوا من "تسنَّنَ" عن دُناهمْ
؛ همُ الحكَّامُ أو يفنى السَّماحُ
يسوسون العبادَ بكلِّ سوءٍ
ويُمنعُ في مرابعِنا الكفاحُ
مضى ستون عاماً من جحيمٍ
كوانا الضيمُ والبؤسُ القراحُ
***********
وقد حلمَ الورى بربيعِ عمرٍ
فكانَ الردُّ قتلٌ واجتياحُ
فساموهم صنوفاً من عذابٍ
سجوناً قد تعاهدَها النواحُ
فكم ذا قتَّلوا طفلاً بريئاً
:::: طيوراً في جنانِ اللهِ راحوا
،،،، وكم شيخٍ دمى من غيرِ جُرْمٍ
فكلُّ جريمةٍ لهمُ تُباحُ
وعُوقبتِ النِّسَا بالموتِ ظلماً
فأين العدلُ إنْ حكمتْ سَجَاحُ؟!
وكانَ جزاؤهنَّ الغصبُ جهراً
؛ تهاوى الخِدْرُ إذ كُشفَ الوشاحُ
لقد جعلوا حرائرَنا متاعاً
؛ فكم أبناءَ منبتُهُم : سفاحُ
وغُصَّ السجنُ بالدَّاعينَ سِلْمَاً
فلا سِلمٌ يُباحُ،، ولا سماحُ
وكان جزاؤُنا جَلدٌ وحرقٌ
لأن الجسمَ جُرْمٌ مستباحُ
؛ فكم سلخوا جلوداً عن لحومٍ
؛؛كخرفانٍ،،وقد عزَّ النِّطَاحُ!!
وفي "الدولاب" 14 كم فذٍ أماتوا
لقد كانوا هنا ... من ثَمَّ راحوا!
وكم "شبحوا"15 نساءاً عارياتٍ
لكم ذبحوا الحيا ، كم ذا أباحوا؟!
تعالتْ للفضا صيحاتُ شكوى
تلقتْها السما ؛؛ فنما نواحُ
ملائكُ في السَّما أطَّتْ بكاءاً
وضجَّت بالجوى بعدُ الرياحُ
وعرشُ اللهِ إذ يهتزّ رُوْعَاً
نمت بالشوكِ والعصفِ البطاحُ
******
*********
فهلَّا عُدْتِ يا أيامَ سعدٍ
وهلاَّ زاحَ ظلمتَنَا الصَّباحُ؟
دمشقُ أسيرةٌ ترجو صلاحاً
فهلاّ قُمْتَ من موتٍ "صلاحُ"
فإنَّ دمشقَ ينقصُها صلاحٌ
تزيِّنُهُ السَّجايا والصَّلاحُ
"صلاحٌ" سوفَ يحملُنا لنصرٍ
تزركشُهُ الأسنَّةُ والرِّماحُ
سترجعُ شامُنا إنْ نحنُ عدْنا
لدينِ اللهِ وانعتقَ الكفَاحُ
فماردُ فتحِنَا قد ثارَ ليلاً
،،ونورُ الشَّمسِ برَّاقٌ وِضَاحُ
سيحطِمُ قمقماً،، ويزيحُ ظلماً
: ليالينا بذا قَصَصٌ ملاحُ
فأذِّنْ يا "بلالُ" لفجرِ نصرٍ
؛؛؛ فقد حانَ الجَنَى ، ودنا "رباحُ"16
فشمُّ الياسمين لنا دواءٌ
سيربو في غدٍ ولنا مراحُ
1 المسجد الأموي
2 الخليفة عبد الملك بن مروان
3 الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز
4 نقفور: زعيم الروم وقت هارون الرشيد
5 البهارزة: اسم أطلق مؤخرا على عائلة الأسد الذين يحكمون الشام عسفا من ستين عاما
6بنو نصير: الطائفة النصيرية
7 الرئيس السوري الهالك حافظ الأسد
8 الرئيس السوري الحالي بشار الأسد
9محاكم التفتيش
10مصطلحا المقاومة والممانعة الذين اخترعهما طاغية الشام بشار الأسد بزعمه مقاومة اسرائيل
11أحمد شوقي عندما زار دمشق وكتب قصيدته التي مطلعها : (سلام من صبا بردى أرقُّ // ودمع لا يُكفكف يا دمشق) ؛ يومها كان قد أُعدم في دمشق ستة عشر مقاوما للحكم العثماني
12 الرئيس السابق باراك أوباما وقد توعد بشار الأسد ووضع له خطوطا حمراء كي لا يتجاوزها، وقال إن له خيارات في عقاب النظام السوري، وتبين أن كل ذلك كان كذبا
13 الوشاح: من معاني السيف
14 الدولاب: من أدوات التعذيب في أقبية المخابرات السورية
15 الشبح : تعليق السجين من يديه
16بلال بن رباح رضي الله عنه؛ مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم
وسوم: العدد 965