هوامش :
- تُبلى : تكشف مكنوناتها
- جلَّ : عَظُمَ
- وَبَلَ الدَّاء : اشتد أذاه
- الكواليس : أماكن خفية للتآمر
- الكلاس : الذي يطلي الجدران بالكلس
- يقول الله تعالى : ( سيصيب الذين أجرموا صَغارٌ عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون )
- جاء في نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري قولُهم : ( ليس هذا بعشك فادرجي ) .ويضرب هذا المثل لمن يرفع نفسه فوق قدره . وأضاف آخرُ : ولمن وسد إليه الأمر وهو ليس من أهله .
المثاني وحيٌ تنزَّلَ شذوًا = ليس يرقى لزهوه الجُلنارُ
فازدهتْ صفحةُ اليقينِ بقلبي = إذ سناها للمؤمنين منارُ
فازَ أهلُ القرآنِ بالسَّبقِ يُدني = مُرْتَقَاهُم إلى الرضا استبصارُ
ما اعتراهم غبارُ بهرجُ جانٍ = شحنتْ غثَّ سعيِِه الأوزارُ
يُنشئُ الذكرُ في القلوبِ شموخًا = ما تلاشى شلالُه الهدَّارُ
آهِ ما أعذبَ التلاوة ليلا = حيثُ تصغي الملائكُ الأطهارُ
* * *=* * *
سيرةُ المصطفى بيانُ سُمُوٍّ = لنجاةِ الشعوبِ في الأزمانِ
وثباتٍ على مناهجِ خيرٍ = للتعافي من بيئةِ الخسرانِ
وهو النهجُ وحيُ ربٍّ كريمٍ = في مدارِ التحقيقِ والإتقانِ
تتدلى ثمارُه يانعاتٍ = في ظلالِ الحديثِ والقرآنِ
من جنى بستانيهما طيبُ عيشٍ = قد حَبَتْهُ عنايةُ الرحمنِ
إنَّه دينُ أمَّةٍ ماقلاها = ربُّها في متاهةِ الخسرانِ
* * *=* * *
هلَّ نورًا على الوجودِ فأجلتْ = دارةُ النُّورِ وحشةَ الظلماءِ
فأفاقت بيضُ القلوبِ ولبَّتْ = حيثُ نادى النَّبيُّ في الأرجاءِ
أولُ الأمرِ : دعوةٌ قد أتاها = مَن تحلَّى بالوعيِ لا الأهواءِ
إنها شرعةُ الإلهِ فطوبى = للملبِّينَ دعوةَ الأنبياءِ
خلقَ اللهُ خلقَه ، فعصورٌ = تتوالى بالناسِ في الغبراءِ
بين شرك وغفلةٍ وجحودٍ = وسُمُوٍّ يكونُ للأصفياءِ
* * *=* * *
وصبرنا ولم نزلْ في حصونٍ = نيِّراتٍ للدينِ لاتنهارُ
ستعودُ الراياتُ بعد غيابٍ = فَلْتُجَدِّدْ أفراحَها الأمصارُ
ويهزُّ الأذانُ عالمَنا الغافلَ . = . هزًّا وترحلُ الأكدارُ
فمع العسرِ يُسرُ ربِّ ودودٍ = يتلاشى ببرِّه الإعسارُ
لايجافي الإسلامَ إلا شقيٌّ = أو غبيٌّ أو حاقدٌ ختَّارُ
فعلاهم وذكرُهم وغِناهم = فيه لولا العنادُ والإدبارُ
* * *=* * *
أبصرتْ عينُه المنازلَ ثكلى = خالياتٍ ، وبالنوازلِ تُبلَى (1)
فعراهُ الوجومُ حيثُ صداها = يُنبئُ السائلين فالخطبُ جلاَّ (2)
الرزايا وآلةُ الحقدِ دكَّت = مابناها أهلُ المنازلِ مُثلى
ما تخلَّوا عن المغاني ولكنْ = هو بغيٌ عن الضميرِ تخلَّى
إنَّ ربي بما جنوه عليمٌ = والليالي بما تُخَبِّئُ حبلى
فإذا ما تبلَّجَ الصبحُ فاعلمْ = أنَّ ظلمَ الطغاةِ بشراك ولَّى
* * *=* * *
التَّهاني لأمَّتي عبقاتٌ = رغم مافي ربوعِها من دخانِ
ولأبناءِ أمتي رغم جرحٍ = غائرٍ فائرٍ بعُمقِ الجَنانِ
ولأهلِ الإسلامِ في كلِّ أرضٍ = أحرقتْها ضراوةُ العدوانِ
فالتهاني تفيضُ في القلبِ ثملى = ليقيني بالطَّولِ للديَّانِ
وكأني أرى الليالي استنارتْ = مقمراتٍ بنورِ وجهِ المثاني
فالبشاراتُ ناطقاتٌ بأغلى = ما أتانا في سُنَّةِ العدناني
* * *=* * *
ربِّ أنت القريبُ حيثُ ننادي = إنْ ألمَّتْ ذنوبُنا بالفؤادِ
وإذا أثقلتْه منا الخطايا = وخشينا العذابَ يوم المَعادِ
ربِّ جئناك إنَّ غفرانَك اليوم . = . لَيُرجَى لكلِّ قلبٍ صادِ
فاغفرَنْ ربِّ ذنبَنا وانتشلنا = من مهاوي الآثامِ قبلَ النفادِ
ينقضي العمرُ مسرعًا ويُولِّي = زيغُ نفسٍ تمرَّغت بالفسادِ
إنَّ رحماك ربِّ أوسعُ ممَّا = قد جنينا من سيئاتٍ شِدادِ
* * *=* * *
أنزلَ اللهُ آيةً لاتراها = عينُ راءٍ رأتهُمُ خاضعينا
فأناخوا أذلَّةً وتلاشى = مالديهم من عُدَّةٍ حائرينا
هدَّدونا بعُدَّةٍ و سلاحٍ = وأشاحوا بالغيِّ مستكبرينا
فأتاهم مالم يكنْ في حجاهم = هو ذكرى للناس لو يعلمونا
آهِ يا أمتي لعلك أولى = برجوعٍ للهِ في العالمينا
لاتهابي طغيانهم وأقيمي = دينَك الحقَّ يدحض المبطلينا
* * *=* * *
يُهلكُ اللهٌ مَن يريدُ اندثارا = للمثاني وسُنَّةِ العدناني
لهُمُ الخزيُ في الحياةِ وفي الأخرى . = . عذابٌ يكون في النيرانِ
لايغُرنَّك الطغاةُ اشمخروا = بالتَّجنِّي المذمومِ والروغانِ
إنَّ ربي بهم محيطٌ غيورٌ = ولكلِّ الجُناةِ يوم دانِ
فأفيقي يا أمتي من سُباتٍ = إنَّ فتحًا يلوحُ في الأعنانِ
* * *=* * *
سُبُلُ الحقِّ بيِّناتٌ لقلبٍ = قد جلاها بعقلِه والفؤادِ
و وعاها وما تريَّثَ إلا = ليجيدَ استشرافَها بالسدادِ
فَتَبَيَّنْ ولا يغرنَّك الزيفُ . = . تثنَّى ببهرجِ النُّقَّادِ
دينُك الحقُّ والشَّريعةُ وحيٌ = من إلهِ الوجودِ ربِّ العبادِ
فأغثْها بنُصرةٍ و دفاعٍ = عن مزايا سُمُوِّها وجهادِ
ودعِ المفسدين حيثُ استخفُّوا = بهواهم خزبلاتِ العنادِ
* * *=* * *
يضحكُ الأرعنُ السفيهُ سقيما = ويُداري أهواءَه والعيوبَا
بين همزٍ للآخرين ولمزٍ = وهْو شأنُ السَّفيهِ بات عجيبا
فَدَعَنْ لؤمَه عليه ترامى = لتراه معذبًا تعذيبا
لايُرَى بين قومه غير فَدْمٍ = مَن يدانيه لايراهُ لبيبا
هو مَن عرَّتْه الخصالُ ومنها = لم ينلْ رغم المغرياتِ نصيبا
صفعاتٌ لوجهه كلَّ يومٍ = وعن الذَّمِّ شأنُه لن يغيبا
* * *=* * *
وَبَلَ الدَّاءِ والتآمرُ مُرٌّ = من غبيٍّ ومن عدوٍّ خسيسِ (3)
والكواليس مجمعٌ للتَّناجي = بين أهلِ الأضغانِ والتدليسِ (4)
غير أنَّ الكلاَّسَ أفضى بسرٍّ = لم تُغَيِّبْهُ غُمَّةُ التكليسِ
قد أشاعوا مؤامراتٍ لظاها = ويح قومي كزمهرير الرسيسِ
فرَّقوا الأمةَ الكريمةَ بغيًا = ورموها بين الورى للنحوسِ
فجفاءٌ مافيه طيفُ وئامٍ = باتَ بين الرئيس والمرؤوسِ
* * *=* * *
مكرُهم عند اللهِ مكرٌ عظيمٌ = منه هذي الجبالُ كادت تزولُ
إنَّما مكرُ ربِّك الحقُّ واراهُ . = . فمكرُ الجبَّارِ ليس يحولُ (6)
وهُمُ المجرمون ما انقلبوا إلا . = . على الخزيِ فالجناحُ كليلُ
وبأُخراهُمُ المآلُ شنيعٌ = فسرابيلُهم أذاها وبيلُ
لايغرنَّك الطغاةُ اشمخروا = إنَّ زادَ استكبارهم لَقليلُ
تضمحلُ الزيناتُ فَهْيَ هباءٌ = كأكاذيبِهم وتبقى الأُصولُ
* * *=* * *
لاتُوقِّرْهُ فاللئيمُ خبيثٌ = عاشَ شدْقَ التهارشِ الممقوتِ
أمر اللهُ بالمودةِ لكنْ = قلبُ هذا الشقيِّ غيرُ ثبوتِ
في حناياهُ لوثةٌ من فسادٍ = وانتفاشٌ له قبيحُ الصِّيتِ
أنتِ يانفسُ لاتُعيريه بالا = فَهْوَ وجهٌ لخسَّةٍ ونعوتِ
فأحيلي إلى الإله أذاه = إنْ به يومًا في الحياةِ بُليتِ
يصفعُ اللهُ كلَّ خِبٍّ توارى = حَذَرًا في عمارةِ العنكبوتِ
* * *=* * *
اهجروها فما عنتكم بشيءٍ = أو لديكم من شأنها عنوانُ
هي أسمى ممَّا تظنون عهدا = فله عشُّ شانئيكم مكانُ
ما استدارت إلا على قدراتٍ = حُلَّتاها الوفاءُ والإيمانٌ
فدعوها فليس في عشِّكم منها . = . نشيدٌ يحبُّه الركبانُ (7)
فادرجوا خلف خيبةٍ لهواكم = وتخلوا حتى يحينُ الأوانُ
لايرومُ المقامَ إلا تقيٌّ = فلديه الإلمامُ والفرقانُ
* * *=* * *
ذكِّريهم ياعاديات الزمانِ = بمكانِ الإسلامِ يوم الطعانِ
ذكريهم فقد أماتوا قلوبًا = أبعدوها عن نفحةِ الرضوانِ
أشعلوها بالموبقاتِ فرفَّتْ = للأغاني وللخنا والقيانِ
أوَمَا حانَ أن يعيشوا كرامًا = في ظلالِ السُّمُوِّ بالقرآنِ
فيه أغلى مثوبةٍ لو أنابوا = وسيجزون رحمةَ الرحمنِ
نحن نأسى واللهِ حين نراهم = في ضلالٍ وغفلةٍ وامتهانِ
* * *=* * *
تلثمُ الأيامُ الجميلةُ كفَّك = وتحيِّي يدُ المآثرِ مجدَكْ
أيُّهاالإسلامُ العظيمُ أتينا = نستقي بعدَ ذي المكارهِ فيضَكْ
شربوها مرارةَ الإثمِ كأسًا = حين جافى تغيُّظُ الكفرِ كأسَكْ
واستُذِلُّوا يوم التفاخرِ لمَّا = فقدوا في مهامه التيهِ عزَّكْ
إفكُهم مُفتَرَى ولم يكُ إلا = يوم عادى أهلُ الضلالَةِ نهجَكْ
بالمثاني والسُّنَّةِ اليومَ عُدْنا = لبني الأرضِ رحمةُ وهي عندَكْ
* * *=* * *
يحفظُ الدِّينَ ربُّنا رغمَ حقدٍ = عجنتْهُ يمينُهم والشمالُ
وخفايا أضغانِهم ليس تخفى = فوجوهٌ لخبثها استهلالُ
مرَّغتْها الأحداثُ تُنبئُ عنهم = أنهم في يد الوفا خُذَّالُ
لاتهونوا أبناءَ دينٍ حنيفٍ = فلكم في ثباتكم أمثالُ
وبغير الإسلامِ ضلَّتْ خطاهم = وتلوَّت بخطبِها الأهوالُ
لن يذوب الإسلامُ في وهجِ الحقدِ . = . فأحقادُهم عليهم تُهالُ