قد عربدَ الطاغوتُ هاجَ بقسطلِ = وبغى فليس البغيُ بالمُتَرجلِ
أغراهُ ضعفُ الناسِ أقعدهم بما = في العيش من لهوٍ طغى أو مأكلِ
وتقاعسوا حبًّا ببهرجِ فتنةٍ = عمياء نهج فُويْسقٍ مستوهلِ
أبطالُهم أهل المخازي والهوى = والفسقُ مذهبُهم وسوء الموئلِ
والراقصات العاهرات ودأبُهُنْ = إغراءُ جيلِ شبابِنا بالمقتلِ
فالنجمُ مَن ركب الخطيئةَ معلنا = أنَّ التقدم حسب رأي الأنذلِ
أما السفور والاختلاطُ فهاهما = لسفيهِ مَن صاغوهما في الأولِ
والهزءُ بالقيمِ الجليلةِ شأنُهم = بهُراءِ ذاك الأرعنِ المترهلِ
أنا لاألومُ بني الفرنجةِ إنهم = عاشوه بين مهرِّج ومضللِ
فالهزءُ بالأديان ديدنُهم وهم = أهلُ العمى ، والدِّينُ غيرُ مؤصَّلِ !؟
وهمُ اليهودُ وقد أتاهم يومُهم =لزوالِهم فاعلمْ سقوطًا من علِ
ومجوس دارِ الفرسِ عادوا مثلما = عادَ الغباءُ لمرجفٍ ومُغَفَّلِ
أولا تراهم كالمجانين ارتأوا = فعلَ السَّفيه المستفز الأحولِ
تاهتْ سفينتُهم فلستَ ترى لهم = أملا يلوحُ بأفقهم أو ينجلي
فاهجرْ مغالطةَ الذين تجاسروا = ورموا شريعةَ ربِّنا بالمنصلِ
وعلى الرجال الصالحين لأمَّةٍ = محمودةٍ دون الخلاصِ فَعَوِّلِ
والعصرُ في الزمن الأخير أُوارُه = متأججٌ أقَبِلْتَ أم لم تقبلِ !
هذا زمانُ الفصلِ كشَّرَ منذرًا = مَن لم يقمْ من حاله المترهلِ
فَلْتَصْحُ أمتنا فهذا وقُتها = ولها أتى ولغيرها لم يحفلِ
لن تنقذَ البشريَّةَ ارتاعتْ بما = للمجرمين من الدمار المقبلِ
إلا شريعةُ سيِّدِ الدنيا ومَن = قد جاء يالدِّينِ القويمِ الأكملِ
ومَن ابتغى غيرَ المثاني منهجًا = لقي التَّبارَ بسعيِه للأفضلِ
ومَن استخفَّ بِسُنَّةِ الهادي فقد = ألفى مرارته بكأسِ الحنظلِ
فالدِّينُ عند اللهِ دينُ مُحَمَّدٍ = فَالْحَقْ بجحفلِه ، وعِشْ في الجحفلِ
ودعِ المذاهبَ أفلستْ وتهشمتْ = أحزابُها الأخرى بحدِّ المنجلِ
أبشرْ أخا الإسلامِ ينصرُنا الذي = عن حالِنا ومآلنا لم يغفلِ
فاسجدْ له في الليلة الظلماءِ لا = تقنطْ وقل : ياربِّ لي . ياربِّ لي :
أجب الدعاءَ فإنني في لهفةٍ = لبشائرِ الصبح القريب الأمثلِ
فلعلني ياربِّ أفرحُ بالهدى = في الأرضِ جاءَ بنوره المتهللِ
وتغيبُ أيامُ المعاناةِ التي = قد أحرقت كبدي بسجنٍ مقفلِ !
نشكو إليك إلهَنَا أوجاعَنا = ومصابَ أمتِنا مصابَ الأعزلِ !
قد جرَّدوها من مآثرِها فما = وجدتْ سِواكِ فيا أجَلَّ مُؤَمَّلِ
جدِّدْ لها بالفتحِ يومًا لاترى = من بعدِه أثرًا ليومٍ مُمْحِلِ
واجعلْ يدَ التوحيدِ تجتثُّ الرؤى = والفلسفاتِ وغيرَها ممَّا يلي :
فرؤاهُمُ وهواهُمُ وسِواهما = أخوتْ على كفِّ الهُراءِ المهملِ
وحقولُ دعوتنا الكريمةِ لم تزل = أفنانُها ببهائها لم تذبلِ
هيهات والقيمُ الرفيعةُ فطرةٌ = بحياتِنا ازدانتْ ولم تتبدلِ
كمنتْ لها الأشرارُ في حقبٍ خلتْ = راموا إبادتَها بمجرى القسطلِ
لكنَّهم باؤوا بأسوأ خيبةٍ = وتهافتَتْ أسواؤُهم للأسفلِ
وسِوى شريعتنا ، تآكلَ مدُّها = وتبعثرتْ بالوصمِ بين الأرجلِ
أبشرْ أخا الإسلامِ لم يُهزمْ لنا =ركبٌ ولم يوهَن شديدُ المفصلِ
والعزُّ كلُّ العزِّ لم يُكتَب سِوى = لأولي الثباتِ من الطرازِ الأولِ
ماغرَّهم مالٌ ، ولا مالوا إلى = زيفٍ تراءى أو فسادٍ مذهلِ
هم صفوةُ الخَلْقِ الذين عَناهُمُ = خيرُ البريةِ في الحديث الأمثلِ
إذ قال : إخواني لهم يومَ اللقا = خيرُ الجزاءِ من الحِباءِ المجزلِ
أهلُ الشمائلِ والمآثرِ والنُّهَى = وأولو إخاءٍ في الورى وَتَوَكُّلِ
جاؤوا لأهلِ الأرضِ بالخُلُقِ الذي = أزجاهُ هدْيُ نبيِّنَا للمقبلِ
ممَّنْ جفوا نتنَ الحضارةِ أمحلتْ = من خيرِها وبأهلِها لم تحفلِ
سامت معيشتَهم برعبٍ مفزعٍ = ورمتْ بخستها فؤادَ الأعزلِ
فالقرعُ لا بالسيفِ باتَ ومُديةٍ = لكنَّه بيدِ الدمارِ الأشملِ
تبًّا لِمَا جاءت حضارتُهم بها = نُذُرُ الفناءِ ووجهُها لم يخجلِ