قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: أمِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعنَّ اللهُ مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوَهَن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوَهْن؟ قال: حبُّ الدُّنيا، وكراهية الموت) رواه أبو داود
شريعةُ اللهِ في ماضٍ وفي آتِ = هي الحمايةُ من هولِ المصيباتِ
فما على الأرضِ من أقوامها انقسموا = فمؤمنٌ بالمثاني والمبراتِ
فدينُه الحقُ دينُ اللهِ أنزله = على النَّبيِّ بآياتٍ جليَّاتِ
وكافرٌ غرَّه الشيطانُ فابتعدتْ = خطاهُ عمَّا أتي في نور آياتِ
وأمعنَتْ دولٌ تطغى وقادتُها = لهم غرامٌ وحبٌّ للغواياتِ
وأشعلوها حروبًا ليس تُطفئُها = إلا مشيئةُ خلاَّقِ السماواتِ
وحقدُهم لم يزلْ نارًا بأكبُدِهم = وبينهم من نفورٍ واختلافاتِ
ففي دفاتر حربٍ قد مضَتْ وقضتْ = على الملايينِ من ناسٍ بريئاتِ
وشتتْهُم بأصقاعِ المدى فلهم = مكارهُ العيشِ فاسمعْ للحكاياتِ
وهاهُمُ اليومَ لاثابوا ولا عقلوا = ولا استفادتْ حِجاهم من شكاياتِ
هُمُ استغلُّوا الونى في حالِ أمتنا = فضعفُها عاملٌ أغرى الحماقاتِ
فأجبروها على ما لا يشرفُها = وأنهكوها بغاراتٍ ونكباتِ
لمَّا استخفوا بها جاروا على قيمٍ = لها وعاثوا بأمجادٍ منيفاتِ
وسيَّروها كما تهوى مشاربُهم = باسم التفاهُمِ زورًا والصداقاتِ
وأهلُها اليومَ ملياران أقعدَهم = حبُّ الحياةِ وتدبيجُ البياناتِ !
ياقومُ إحدى صروفِ الدهر قاصمةٌ = لم تبقِ إنْ نزلَتْ فيءَ ابتهاجاتِ
وإن طغى صرفُها حلَّ التَّبابُ بكم = وذاك أدنى جزاءٍ للرعوناتِ
فاللهٌ يمهلُ كي تشتاقَ أنفسُكم = لعودةٍ تُرتَجَى دفعًا للملمَّاتِ
لمنهجِ الفتحِ في قرآنِ بارئكم = وليس سعيًا لإفلاسِ الحضاراتِ
والسَّعيُ يُرضَى إذا ماجاءَ في سُننٍ = لسيِّدِ الخَلْقِ في أغلى العباراتِ
فَسُنَّةُ المصطفى ميثاقُ عزتِنا = وفيه نهضتُنا رغمَ الأذيَّاتِ
وليس يُرهبُ ما أعداؤُنا حشدوا = شبابَ أمتِنا عند اللقاءاتِ
فالفتحُ آتٍ ونصرُ اللهِ ندركُه = بالتَّوبِ من عبثٍ لا بالقبيحاتِ
إنْ تنصروا اللهَ ينصرْكم ويهزمُ مَن = ضلُّوا الطريقَ وهاموا في الضَّلالاتِ
مَن أغضبَ اللهَ لم تُحمَدْ عواقبُه = وهؤلاءِ تمادوا في المضاهاةِ
وحاربوا اللهَ ، فالدَّيَّانُ أركسَهم = وقد عنوا فَقُواهم في خساراتِ
كم عربدوا في بلادِ المسلمين وكم = من أهلِها قتلوا بين البريَّاتِ
لحاهُمُ اللهُ ماجاؤوا إلى بلدٍ = حتى رموهُ بأصنافِ المراراتِ
نَبِيُّنا المصطفى المختارُ حذَّرَنا = وذا التَّداعي هنا صدقُ النُّبُوَّاتِ
لقد تداعتْ علينا في الورى أممٌ = ولم يهابوا رجالا أهلَ غَفْلاتِ !
الوهنُ أقعدَهم واللهو أضعفَهم = والغيُّ أخجلهم داءُ الخبيثاتِ !
ياويحهم أتراهم من بني قيمٍ = جلَّتْ مآثرُها من إرثِ ساداتِ !
هم أكرمونا بأمجادٍ معطرةٍ = فوَّاحُها من نديَّاتٍ جميلاتِ
وللنَبِيِّ وصايا ليس ينكرُها = إلا غبيٌّ تسلَّى بالشَّمَاتاتِ
هذا حديث ( التَّداعي ) هَلَّ يوقضُنا = كيلا ننامَ على وهنٍ وشَهْواتِ
وإنَّما هو للأفذاذِ يندبُهم = لحملِ سيفِ الإبا في ظلِّ راياتِ
يستنهضُ القومَ والرحمنُ يحفظُهم = وليس ينسى بهم أهلَ المروءاتِ
قولوا لِمَن حاربَ الإسلامَ : ويك فَقِفْ = فإنما ذاك من سوء الشعاراتِ
مَن يكرهُ الودقَ والأشجارُ عاريةٌ = فقد تجنَّى على زهوِ الخميلاتِ
واللهُ يمهلُ أهلَ الغيِّ في بطرٍ = ويغفرُ الذنبَ مرَّتٍ ومرَّاتِ
لكنْ إذا ما أتى الفجارَ إذْ جحدوا = هذا الجزاءُ لإجحافٍ ولذَّاتِ
فكلُّ ما قد قضى الديَّانُ يبصرُه = أهلُ الحِجى فقضاءٌ عنده آتِ
فهل تعي أمَّةُ الإسلامِ مانُدِبَتْ = يومًا إليه وقد وافى بآياتِ
تعلو مكانتُها بالدِّينِ ما اعتصمتْ = باللهِ هاجرةً سوءَ الشكاياتِ !
وأقبلتْ لرسولِ اللهِ مدبرةً = عن كلِّ فكرٍ دخيلٍ أو غواياتِ
فسُنَّةُ المصطفى الهادي لها سندٌ = وفوزُها بالأحاديثِ الشريفاتِ
مُحَمَّدٌ رحمةٌ للخَلْقِ لو علموا = وهديُه جلَّ في أصفى المشوراتِ
فما لها اليومَ حيرى غير عابئةٍ = بما أصابَ بنيها من ملمَّاتِ
وما تعاني من الويلاتِ يجلبُها = هذا الخنوعُ لأنواع الخساراتِ
رقيُّ ماديَّةِ الإنسانِ يحفظُها = مافي الهدى من تعاليم الرسالاتِ
أما الرقيُّ الذي بالعسفِ نشهدُه = لم يأتِ بالخيرِ في ظلِّ الوريفاتِ
فعاشَهُ الناسُ في ضنكٍ وفي قلقٍ = لمَّا تناءَوا عن الآيِ القويماتِ
أين الإخاءُ الذي في الأرضِ نشهدُه = والوُدُّ والسَّعيُ يُرجَى في الملماتِ
وأين مَن يدفعون الضَّيمَ عن أممٍ = قد أوجعتْها أعاصيرُ الأذيَّاتِ !
مذْ فارقَ الناسُ دينَ اللهِ فارقهم = مافيا لهدايةِ من أمنٍ وخيراتِ
فظلمُهم فيه إهلاكٌ لأنفسِهم = يبيدُ بل هو من أعتى المبيداتِ
ساروا وراءَ جُناةِ الأرضِ ما فطنوا = أن الجناةَ مساعيهم لآفاتِ
هل يُصلحُ الفاسدُ الممقوتُ مفسدةً = وَهْوَ الذي قد دحاها بالمميتاتِ !
هيهات تسعفُ دنيانا حضارتُهم = وملؤُها الزيفُ دوَّى بالعداواتِ !
وحربُهم كلُّهم ترمي شريعتَنا = بالحقدِ والجَورِ ياشؤمَ الحضاراتِ
قرآنُنا الحقُّ يُنجي خطوَ أمتنا = من سوءِ حالٍ وآلامٍ ونكباتِ
لها الهدايةُ لاتشقى لو اتبعتْ = مافي الهدى من كراماتٍ وطاعاتِ
فإنها بالمثاني اللهُ أسعدها = إذ أقبلتْ وَهْيَ من أوفى الحَريَّاتِ
والسَّعيُ للأقومِ الأسمى له قدمٌ = بها هفتْ نحوَ آفاقٍ منيفاتِ
فالدين والوعيُ والإيثارُ مركبُها = تلك المزايا أتَتْها بالفتوحاتِ
وهذه الدولُ الأخرى وقد برعتْ = بالاختراعاتِ في علمِ الخبيئاتِ
لكنَّهم سخَّروها حيثُما انْعَفَرَتْ = تلك الوجوهُ تراها بالدميماتِ
وأحزَنُوا الناسَ منها بعدما فرحوا = وأرهبوهم بتهديد العباراتِ
صيغتْ لترعبَهم فصحى وما طمستْ = آثارُ نكبةِ قصفٍ بالكناياتِ
هو الهلاكُ لإنسانيَّةٍ حملتْ = فسادَها في معانيهِ القبيحاتِ
أهكذا يرتَجى الإعمارُ قبَّحهم = ربُّ الورى إذْ رموها كالنفاياتِ
فالأرضُ يعمرُها الإنسان إنْ صلحتْ = بالدِّينِ وحيًا تجلَّى بالنبُوَّاتِ
ويخلقُ اللهُ ما تعلمون وما = يخفى على الناسِ من سِرِّ الوجوداتِ
وأكرمَ العلمَ مولانا لأنَّ به = أسرارَ معرفةِ الكونِ العجيباتِ
فكم من العلماءِ الكونُ أدهشهم = فآمنوا وأتوا ربَّ السَّماواتِ
مستسلمين لربٍّ قادرٍ ودعوا = أندادَهم للهدى بعد الضَّلالاتِ
على البصيرةِ ندعو الناسَ قاطبةً = ومَن يتيهُ بلا وعيٍ وإنصاتِ
لو أنَّهم سمعوا ترتيلَ مصحفِنا = لمَا عَرَتْهُم أمورٌ من خرافاتِ
إنَّا ليحزننا أن أدبروا ونأوا = وليس ينفعُهم مُرُّ النَّداماتِ
هم آبقونَ ولم تنفعْ إذا وقفوا = يوم القيامةِ في هولِ الحساباتِ
وبينهم نفرٌ عاشوا بأربُعِنا = أبناءُ جلدتِنا أهلُ التَّعِلاَّتِ
أمضيتُه عُمُرًا في حبِّ رفعتِهم = وما ندمتُ على شجوي وآهاتي
ولم تزل تعتريني حسرةٌ عصفتْ = وليس تخفى بها واللهِ لوعاتي
إنا ترعرعنا في ظلِّ بلدتنا = وفي مدارسها أحلى المكاناتِ
وفي مساجدنا حينا وقد وهنوا = وأدبروا عن مراميها المنيفاتِ
لأمتي في حنايا مهجتي رَغَبٌ = ألاَّ نغادرَ أسبابَ انحساراتِ
تريدُ أن لاترى وجها لشانئها = ولا الوجيبَ الذي يُطوَى بحسراتِ
تريده بطلا يحمي مآثرَها = ومَن رموها بِقِرضابٍ وآفاتِ
ولا تريدُ شقيًّا في غوايته = على فجورٍ وتضييعٍ لأوقاتِ
ولا تريد الذي يأوي إلى نشبٍ = ويهجرُ القيمَ العليا بآياتِ
تريده الفذَّ لايلهو بلا أملٍ = وأن يصاحبَ أربابَ المروءاتِ
وأن يذودَ عن الإسلامِ في زمنٍ = عليه أعداؤُه جاؤوا بغاراتِ
أليس من واجبٍ يدعو مروءتَه = ويشهرُ اليومَ حدَّ السمهرياتِ
لأمتي قصصٌ تحلو مقاصدُها = فالضَّبحُ فيها دَوِّيٌّ في المداراتِ
والصِّيدُ قومي ألم تسمعْ بخالدهم = وبالمثنَّى وأبطالِ الفتوحاتِ
ودعك ممَّن هوتْ للقاعِ أنفسُهم = وأشغلوا مَن تأذَّى بالشعاراتِ
مالامَ أُمَّتَنا إلا أخو وَهَنٍ = أغرتْهُ نفسٌ هواها في التفاهاتِ
لم تَدْعُهُ المكرماتُ البيضُ إذْ وجدتْ = يداهُ ثكلا تلظَّى في الحزيناتِ
ولم تَرُعْهُ مصيباتٌ وقد عظُمتْ = يوم اقتيادِ الأثيراتِ النجيباتِ
هيهات يُدركُ معنى أدبرتْ وهوتْ = نفسُ الخسيسِ بأيامٍ عصيباتِ
لم يُثنِهِ ماجرى في أهلِ حارته = لمَّا تقاعسَ عن بذلِ المروءاتِ
وليس في يدِه من مُصلَتٍ ذَرِبٍ = يذودُ عن شرفِ الغيدِ العفيفاتِ
دعهمْ يَرَوا مالذي تُخفي حضارتُهم = فإنَّ ما قد جرى عرَّى القبيحاتِ
فالنارُ إن أحرقتْ يومًا زخارفَها = كان التَّبارُ لأصحابِ الحضاراتِ
يبقى الرمادُ لهم من بعد مافقدوا = زيفَ السَّرابِ ووهمًا في الحساباتِ