ما كُنتُ أعلَمُ أنَّ روحي جائِعةْ = حَتّى الْتَقيتُ بِغُربَتي أحبابي
فَنَهَلتُ مِن عَبق اللِّقاءِ مَشارِباً = وَمَلأتُ مِحبَرَتي وَسَطرَ كِتابي
وَرَويتُ عَيني مِن رُسومِ وُجوهِهِمْ = شَوقَ القَريبِ وَغِبطَةَ الأصحابِ
لأتيهَ في بَحرِ المَسَرَّةِ شارِباً= حَرَّ السَّلامِ وَضَمَّةَ التِّرحابِ
آهٍ يُعاوِدني الحَنينُ لِغُدوَةٍ= لِأخيطَ ثَوبَ تَغَرُّبي بِإيابِ
آهٍ وآهي لا حُدودُ لِبَحرِها = لا شَطّ يَبدو كي أُريحَ رِكابي
يا جَلسَةَ الأحبابِ يا أَمَلَ المُنى = يا بوحَ خابِيَةٍ على أعنابي
الوَردُ أنتُمْ في صَحارى غُربَتي = والعِطرُ أنتُمْ مِن نَسيمٍ صابي
كانَ اللِّقاءُ وَكُنتُ أنهَلُ جائِعاً = عَطِشٌ أنا مَن ذا يَبُلُّ سِغابي
والكُلُّ باحَ بِراحَتَيهِ مُرَحِّباً= والكُلُّ سَيَّجَني بِفَضلٍ رابي
رَغمَ النَّوى والبُعدُ كانَ لِقاؤكُمْ = طَعمَ الرُّجوعِ وَعَودَةَ الغُيّابِ
يا رَبُّ قَرِّبْ فالدُّروبُ تَبَعثَرَتْ = والدَّربُ تاهَ بِعَودِهِ عَن بابي
فارْسُمْ لَنا سُبُلَ الرُّجوعِ لِنستقي= هَرْجَ الضُّيوفِ وَزَحمَةَ الأعتابِ