عجز البيانُ، فلا يصوغ رثاءَ=فهُو الشّهيدُ، فلا يُطالُ سماءَ
هو في العلاءِ، ونحن في دنيا الهوى=فَتراهُ قد غذّ الخُطا الحمراءَ
من ذا يُطاوِلُ في الجهادِ شموخه=مَن يستطيع كجوده إعطاءَ؟
فالرّوحُ جاد بها، ولم يأبَهْ بما=في هذه الدُّنيا، فزادَ سناءَ
هَنِئ الشّهيدُ بِرفقةٍ علويةٍ=عند الإله، فلن يرى ضرّاءَ
بل إنّه طلب الرّجوع تشوّقاً=ليذوق طعم شهادةٍ وطفاءَ
اهنأ –فديتك- يا شهيدُ، فقد رأى=منكَ الإلهُ الغارةَ الشّعْواءَ
فاختارك اللهُ الرّحيمُ مرافقاً=صحبْاً مَضَوا في جنةٍ علياءَ
من عهدِ ياسرِ، والدّماءُ –زكيّةً=تَجري فداءَ شريعةٍ سَمْحاءَ
ويظلُّ نهرُ دمائنا متدفّقاً=حتّى نعيدَ الرّوضةَ الغنّاءَ
وتقومَ للإسلامِ دَولةُ رحمةٍ=نحيا بها في عِزّةٍ قَعْسَاءَ
ويُردِّد الأقصى الأذانَ لأمّةٍ=عَزّت به، وأذلّت الأعداءَ
إنّا نبدّدُ بالضّياءِ ظلامَنا=ونُقيمُ للحقِّ المبينِ بناءَ
لكنّ صَرْح الحقِّ يعلو شامخاً=بيد الشّهيدِ وفتيةٍ صُلَحاءَ