ليلة القرآن

من عيون الشعر الإسلامي

وليد الأعظمي

شَهِدَ العَدُوُّ بِعِزَّتِي ، و تَمَنُّعِي            لا أرْهَبُ الدُّنيا و قُرآنِي مَعِي

هذي مَشاعِرُ كلِّ قلبٍ مُؤمنٍ              و خَواطرٌ تَنْدَاحُ بَيْنَ الأضلُعِ

تُحْيِي المَوَاتَ مِنَ الشُّعورِ وتبعثُ الـ         ـهِمَمَ الرُّقُودَ لَدَى النِّيَامِ الهُجَّعِ

و تُضِيءُ آفـاقَ الحَياةِ لِناشِئٍ              حُلوِ البَرَاءةِ - بَعدُ - لم يتصنّعِ

سُبُحَاتُ فِكرٍ في الحَياةِ وكُنهِها            ذكرى وتبصرةً تكونُ لمَن يَعِي

في كل أمـرٍ من أمُورِ حَياتِنا             سِـرٌّ  يَلوحُ ، و آيَـةٌ لِلمُبْدِعِ

يا مَن تُرِيدُ الخَيرَ دُونَكَ نَبعُهُ            قـمْ روّ قلبكَ مِن نَمِيرِ المَنْبَعِ

واغسِلْ بهِ دَرَنَ الحَياةِ وخُبثَها           و اسلُكْ  سَبيلَ المُبصِرِ المُتَتَبِّعِ

إنَّ الرُّجُوعَ إلى الصوابِ فَضِيلةٌ          والطَّيشُ كُلُّ الطَّيشِ إنْ لم تَرجِعِ
تَجِـدُ الحياةَ تَجانُسًا ، و تَفَاوُتًا           كاللَّسْعِ و العَسَـلِ الشَّهِيِّ المُمْتِعِ

يَـا لَـيْلةَ القُـرآنِ ! رُدّينا إلى           هَدْيِ الرسُولِ و وحِّدِينا واجمَعِي

وخُذِي بِأيدِي الصاعِدينَ بِهمَّةٍ             قَعْساءَ ؛ لم تَجْبُنْ و لم تَتَزَعْزَعِ
1

هُزِّي الشَّبابَ و جَدِّدِي إيمانَهُ            بِالنَّصْرِ رَغْمَ الباطِلِ المُتَجَمِّعِ

إسلامُنا كالطودِ يَضرِبُ في السما           صُعُداً فما يُجدِي نَقِيقُ الضِّفدِعِ؟

كالبَحْـرِ؛ ليسَ له حُدودٌ تَنتَهِي            أنَعَافُهُ ، و نَعُـودُ لِلمُسْتَنقَعِ ؟؟!

ما كانَ في الإسلامِ مِن رَجْعِيَّةٍ            لِـيَـقُـومَ   يَنعتُهُ بها غِرّ دَعِيّ

ما أنـزِلَ القرآنُ كي يُتلى على             قبرٍ تَمدَّدَ  فيهِ  ميْتٌ لا يعِي

ما أنـزِلَ القرآنُ  كيما تُقتنى            مِنهُ التمَائمُ في صُدورِ الرُّضَّعِ

هذي القُشُور فلا تُـقِيـمُوا حُجَّةً           - مِنها على إسلامِنا - لِلمُدَّعِي

ما أنـزِلَ القرآنُ  إلا مَنهَجًـا              للنـاسِ يَهدُفُ لِلنَّعِيمِ المُمْرِعِ

تُستَنْبَـطُ الأحكامُ   مِن  آياتهِ              ويكُونُ لِلتشريعِ أفضلَ مَرجِعِ

عَزّ الجُدودُ بهِ فكانتْ نَهضةً            جبَّارَةً قامتْ على أسمَى وَعِي

و رأوا عليهم واجباتٍ فاغتَدَوا            صَبْرًا عليها بِالعَزيمةِ والسَّعِي

راجِعْ رَصِيدَكَ مِن تُقاكَ ولا تكُنْ            في هذهِ الدنيا كَمِثلِ الرُّتَّعِ
تَحيَـا  بِلا هَدَفٍ فتِلكَ خَسَارَةٌ            مَعَها النَّدامَةُ في غَدٍ  لم تنفَعِ
إنَّ التقدُّمَ    لا يَكُونُ بِفِكـرَةٍ              جَعلتْ من الإنسـانِ آلةَ مَصْنَعِ

*********

2

أمْسِ احتَفَـلْـنا   بِالجِهاد و كُلُّنا             يَشْتاقُ   لِلصارُوخِ أو لِلمِدْفَعِ

و إذا المَدافِعُ   دَمْدَمَتْ بِقَذائِفٍ             شَعَرَ العَدُوُّ بِمَا أُرِيدُ و أدَّعِي

لا تُرجِعُ الحَقَّ المُضَامَ شِكَايَةٌ             إنَّ الشكاوَى مِن صِفات الخُنَّعِ

هذِي فِلِسطينٌ ، و هذِي حالُها             نَهْرانِ سالَا   بِالدِّمَا و الأدمُعِ

كَمْ تَستَغِيثُ ، و قلبُها   مُتَخَلِّعٌ             أسْوَانَ يخفُقُ مِن أسًى وتَوَجُّعِ

و اللاجِئُون كأنَّهُم من بُؤسِهم             أشباحُ في غير الدُّجَى لم تَطْلُعِ

كادَ الفؤادُ   يَذُوبُ عند لقائهم             ألمًا ، و مُقْلَةُ ناظِري لم تُرفَعِ

لا يَهجَعُون مِنَ المَصائب والضَّنَا           و العُذرُ لِلمَظلُومِ إن لم يَهْجَعِ

فِتَنٌ   - تَمُرُّ -   أخفُّهُنَّ   مَجَازِرٌ             أذُنُ الزَّمانِ - بِمثلها - لم تَسْمَعِ

*********

أمسِ احتفلنا - بالجهاد- و كلنا             يشتاق للصاروخ ، أو لِلمِدْفَعِ

و اليَومَ نَهْتِفُ - لِلسلامِ- بِليلةٍ               كانَتْ سَلامًا - كُلُّها - لِلمَطْلَعِ

هِيَ ليلةُ القرآنِ شَـعَّ سناؤها            ليُنيرَ - دَربَ الحـقِّ - للمُتَتبِّعِ

لِلمُستفيق   و قد تكالبَ خَصمُه             وطغى يبث الرعب بين الأربُعِ

صفّوا القلوبَ وأخلصوا نياتكم              للخــالقِ    المتكبرِ  المُتَطَلِّعِ

نيسان - 1961م

1- ديوان وليد الأعظمي: الأعمال الشعرية الكاملة 184- 186،

ديوان "الزوابع". 2- موقع "منتدى طريق الإيمان".

3

   كتابنا الخالد

وليلة القدر المباركة

4

خير وصف لكتاب الله تعالى

 

*عن علي رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ستكون فِتَنٌ"، فقال علي رضي الله عنه: فما المخرجُ منها يا رسولَ اللهِ؟ قال: "كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الْأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ، وَلَا تَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لم تنته الجنُّ إذ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا: (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً* عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ)، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".

أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والدارمي، والبزار، وأبو يعلى، والترمذي. وصححه المُنذري والحاكم.

*الجامع الكبير للترمذي 5/29- 30، برقم 14، تح د. بشار عواد معروف ط1، دار الغرب الإسلامي بيروت، 1996م.

*قال الأستاذ محمد بن الأزرق المغربي في الحديث: صحيح مشهور لتعدد طرقه، ومن المصححين له الإمامان الحاكم والمنذري. مقالته في موقع "هسبريس" بعنوان: تصحيح حديث فضائل القرآن" في 20/11/2015م.

5

*وفي ليلة القدر يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:

1- "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه". مُتفق عليه عن أبي هريرة.

2- "تَحَرَّوا ليلة القدر في الوِتر من الأواخر من رمضان". رواه البخاري عن عائشة.

3- "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشرُ الأواخرُ من رمضان، أحيا الليلَ، وأيقظَ أهلَه، وجَدَّ وشَدَّ المِئزَرَ". متفق عليه عن عائشة.

4- ما يُقال في ليلة القدر ويُكثر منه: "اللهم إنك عَفُوٌّ تُحب العفوَ فاعفُ عنِّي". رواه الترمذي بسند صحيح.

*رياض الصالحين للإمام النووي 346- 347، تح ش شعيب الأرناؤوط، ط3، مؤسسة الرسالة بيروت، 1422هـ - 2001م.

*ما أجمل أن نبتهل إلى الله تعالى في هذه الليالي المباركة بقول الحسن البصري رحمه الله تعالى:

يا فالقَ الإصباحِ أنتَ ربِّي               و أنت   مَولايَ و أنتَ حَسْبِي

فَأصْلِحَنَّ   - بِاليَقِينِ -   قَلبِي               و نَجِّنِي مِن كَرْبِ يَومِ الكَرْبِ

*أو بقول شاعر الزهد الرقيق أبي العتاهية إسماعيل بن القاسم ت 211هـ:

إلَهي ! لا تُعذبْني ؛  فإنِّي              مُقِرٌّ بِالذي قد   كانَ مِنِّي

و كَم مِن زَلَّةٍ لي في البَرايَا             سترتَ و أنت ذو كرمٍ و منِّ

إذا فكَّرتُ في نَدَمِي عليها               عَضَضْتُ أنامِلي وقَرَعتُ سِنِّي

يَظُنُّ الناسُ بِي خَيرًا و إني               لَشَرُّ الناسِ إنْ لم تَعْفُ عَنِّي

6

*أو بقول شاعر طيبة أ ضياء الدين الصابوني ت 2013م رحمه الله:

رَبَّاهُ ! إنِّي   غارِقٌ   بِذُنُوبِي            و جَميلُ عَفوِكَ غايَةُ المَطْلُوبِ

رباه  إنِّي   في ظلامٍ   حالِكٍ               فأنِرْ إلَهي في الحياةِ دُرُوبي

عَينايَ غَرقَى بِالدُّمُوعُ مَخَافةً           من هول يوم صاخب وعَصِيبِ

يَومٌ   يِفرُّ   المَرءُ مِن أبنائه            مِمَّا   به مِن شِدَّةِ   و لُغُوبِ

بِكَ أستَغِيثُ وأنتَ أكرمُ راحِمٍ               يا مَن يُفرِّجُ كُربَةَ المَكروبِ

يا خَيرَ مَرجُوٍّ و أكرمَ شافِعٍ             و مَلاذَ مُضطرٍّ وغَوثَ غَريبِ

يا عُدَّتِي في النَّائِبات وعُمدتي           في الحادثات، وفي السِّقام طبيبي

رباه قد أزفَ الرحيلُ وليس لي           إلا التذللُ ، و البُـكا ، و مشيبي

مهما تَعاظمت الخُطوبُ وأظلمت         فاللهُ   - عند النائبات - مُجِيبي

*أو بقول الشاعر المصري الرقيق المُبدع طاهر أبو فاشا رحمه الله:

لِغَيرِكَ   ما مَدَدتُ  يَدَا                    و غيرُكَ  لا يَفِيضُ نَدَى

و ليس يَضيقُ بابُك بي                    فكيفَ   تَرُدُّ مَن  قَصَدَا

و رُكنُكَ  لم يَزَلْ صَمَدا                     و كيف تذود من  وَرَدَا

و لُطفُك   يا خَفِيَّ اللطـ                     ـف إن عادي الزمان عدا

على قلبي وَضَعتُ  يدا                     و نَحْوَكَ قد مَددتُ يدا

فواكَبدِي   إذا  أُضحي                      و إن  أُمسِي  فواكبدا

و ليسَ سِواكَ لي سَندٌ                       فقدتُ الأهلَ و السندا

7

نبذة عن حياة الشاعر وليد الأعظمي

ا

*وليد بن عبد الكريم بن ملا إبراهيم العبيدي الأعظمي, أبو خالد؛ الشاعر الإسلامي الكبير, والأديب والمؤلف والخطاط العراقي.

*بغدادي المولد والوفاة.   *هو من"حي الأعظمية" البغدادي الشهير, ومن قبيلة : "العُبَيد" القحطانية الحميرية. *نشأ في أسرة صالحة. وهو ابن خالة المؤرخ والمحقق المعروف الدكتور بشارعواد معروف.

*تعلم القرآن الكريم, و درس الابتدائية في "مدرسة الأعظمية الابتدائية", وحضر دروس كبار المشايخ في بغداد يومذاك؛ كالشيخ قاسم القيسي مفتي بغداد آنئذ, و دروس العلامة الشيخ تقي الدين الهلالي, والعلامة الشيخ محمد القزلجي الكردي, والعلامة الشيخ أمجد الزهاوي, و العلامة الحاج حمدي الخطيب, والشيخ عبد القادر الخطيب. *انتسب مبكرا إلى جماعة "الإخوان المسلمين".   *تعلق منذ صباه بالخط والشعر العربيين, وبدأ نظم الشعر وهو في الخامسة عشرة.

*تتلمذ على كبار الخطاطين في العراق وسورية ومصر وإيران.

*عمل خبيرا بالخط العربي في"وزارة الثقافة والإعلام" العراقية, وخبيرا بشؤون المصاحف في "وزارة الأوقاف العراقية", ثم مصححا لمطبوعات "المجمع العلمي العراقي" وخطاطا لعناوينها 20 سنة.   *رافق الخطاط العراقي الكبيرالنابغة هاشم محمد البغدادي عشرين سنة وأفاد منه كثيرا.

*هو عضو مؤسس في"الحزب الإسلامي العراقي" منذ 1960م, وعضو مؤسس لـ"جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين", وعضو مؤسس لـ"جمعية الخطاطين العراقيين".

*نشر له الكثير من القصائد و المقالات والبحوث في عدد من المجلات و الصحف.       *توفي عقب جلطة دماغية عاناها لنحو شهر, أثناء الغزو الأمريكي الهمجي للعراق, رحمه الله.           *له مؤلفات كثيرة منها:

1- "شعراء الرسول". 2- "أبطال من الأنصار"12ج. 3- "السيف اليماني في نحر الأصفهاني", نقد علمي لكتاب الأغاني وصاحبه أبي الفرج الرافضي الكذاب الذي شوه التاريخ الإسلامي عامة وسيرة هارون الرشيد خاصة. 4- "تاريخ الأعظمية".   5- "ديوان العُشاري"تحقيق بالمشاركة.   *أما دواوينه الشعرية فهي: 6- "الشعاع". 7- "الزوابع". 8- "أغاني المعركة". 9- "نفحات قلب". ثم جُمِعت وصدرت في مجلد واحد كبير باسم: "ديوان وليد الأعظمي - الأعمال الشعرية الكاملة". *وله آثار خطية في عدد من جوامع بغداد. *رَ: من أعلام الدعوة و الحركة الإسلامية المعاصرة. م. عبد الله العقيل 1/ 1229- 1242، و: ذيل الأعلام. لأحمد العلاونة 3/209، بتصرف منهما.

شا

وسوم: العدد 978