( أيلانُ كردي ) لاجئ سوري ، عمره ثلاث سنوات ، مات غريقاً وطفت جثته على شواطىء تركيا
قتلوكَ رغم نعومةِ الأظفارِ= تشكو بصمتِكَ للعليِّ الباري
(إيلانُ) إني فيكَ أسكُبُ أدمعي = ليلي يفيضُ بنهرها ونهاري
وأنا المكابدُ ...غُصَّةً مكبوتةً = مَا استنقَذَتكَ يَدي من الأخطارِ
أكبو على وجهي بكل مرارةٍ= تشكو خُطايَ الواهناتِ عثاري
أنا يا بُنيَّ رأيتُني متواطئاً= بالصمتِ.. غايةُ هِمَّتي استنكاري
ما كنتُ نعمَ الجارُ حينَ سألتني= أمْنَ الحياةِ.... ولحظةَ استقرارِ
وكأنّ هاتيكَ البراءةَ لم تجدْ= كفّاً يطبطبُ.. في حنوٍّ ساري
إيلانُ يا غُصنَ الحياةِ كأنما= ها قد بكاكَ العِطرُ في الأزهارِ
أشجارُ أمّتنا التي شاختْ وما= فيها سوى صُوَرٌ من الأشجارِ
تجتثُّها نُخَبُ الغوايةِ تشتهي = موتَ الحياةِ وظلمةَ الأقمارِ
( إيلانُ )هذا عالَمٌ في غيِّهِ=هو في هواهُ من العدالة عاري
أنا ما نصرتُكَ في مواجهة الردى = أقصى الذي قدَّمتُهُ أشعاري
هذا الرثاءُ وما به مِن لوعةٍ= وبه الأسى الموّارُ نهرٌ جاري
ما حيلتي في أمَّةٍ مخذولةٍ= ألِفَتْ حياةً .. دونما استنفارِ
عانت هواناً دَبَّ في أكنافها= وبها الخلافُ نراهُ كالإعصارِ
تباً لهاتيك الحياةِ إذا خَبَتْ= روحُ الإباءِ وجذوةُ الأحرارِ
إن الحَصادَ المُرَّ في أرجائها= تُنبيكَ عنهُ ...فظاعةُ الآثارِ
أبكي لذلك إنْ مررتَ بخاطري=ورأيتُ حتفكَ لمْ أسُقْ أعذاري
أتَرى أسايَ .. ودمعتي سيَّالةٌ=يوماً تَرُدُّ نيوبَ ذئبٍ ضارِي ؟!
والآن لو عُمْري الفداءُ لَسَرَّني= أنِّي وهبتُكَ أطولَ الأعـمارِ
يقسو عليكَ البحرُ لكنْ رحمةً= ضمَّتْكَ تحناناً يَدُ الأقدارِ
إنْ ضاقتْ الأرضُ الضَّنِيْنَةُ فالسَّما= تاقتْ إليكَ ... رحيبةَ الأقطارِ
بكَ تحتفي فيها مَلائكُ رحمةٍ= في جنَّـةٍ بأريجِها المِعطارِ
وهناكَ حولكَ صِبْيَةٌ سبقوا لها= أنوارُهمُ في الأفق كالأقمارِ
(أيلانُ) ماذا ترتجي غير التي =أعطيتَ مِن منَنٍ العظيم الباري؟!
فانعمْ بما أولاكَ ربُّكَ حيثما= تأوي بجنَّاتٍ .... وأكرمِ دَارِ